منذ اعتقاله يوم 23 فبراير 2018، وملف توفيق بوعشرين لا يخرج من متاهة إلا ليكشف فخا مدفونا تحت كومة من الإجراءات القضائية أو الخطابات الملغومة. كل ذلك من أجل تتويه الحقيقة أو طمسها على رأي عام يُهيَّأ، عبثا، لكي يستسيغ ذبح العدالة في هذا الملف. آخر الفخاخ التي نصبت في هذا الملف كان المستهدف به هو دفاع بوعشرين، ويتعلق بمطالبة النيابة العامة بإجراء خبرة على الفيديوهات المطعون فيها بالزور من طرف دفاع بوعشرين، ثم تراجعها عن ذلك. فلماذا تراجعت؟ إن تشكيك النيابة العامة في هذه الفيديوهات مجهولة المصدر، والتي يؤكد بوعشرين والعديد من النساء المستنطقات في هذا الملف عدم علاقتهم بها، ستكون نتيجته الطبيعية هي انهيار هذا الملف بأكمله، لأنه ليس جاهزا للحكم ولم يكن يوماً كذلك. لقد لجأت النيابة العامة إلى هذا الطلب الذي تراجعت عنه، بعدما فشلت، هي ومحامو المشتكيات الخمس المتبقيات، في استدراج فريق دفاع بوعشرين إلى تبني طلب الخبرة، والتخلي عن مطلبه الأول والدائم، والمتمثل بالمطالبة بالتحقيق في دعوى الزور التي رفعها بخصوص الفيديوهات. الفخ الثاني الذي يُستدرج إليه دفاع بوعشرين، الهدف منه هو إضعاف أحد أقوى عناصر دفاعه والمتمثل في اعتقاله التحكمي، الذي يجعل محاكمته باطلة من الأساس في حالة ثبوته. فبعد توصل الأممالمتحدة بشكاية بالاعتقال التحكمي في حق الصحافي توفيق بوعشرين من طرف محاميه البريطاني رودني ديكسون، فإن السلطات المغربية ستكون ملزمة بتقديم جواب واضح ومقنع عن سؤال أول وأساسي سيوجه إليها من طرف الأممالمتحدة في الأيام القليلة المقبلة: أين هو الحكم القضائي الذي يحرم بوعشرين من حريته؟ وعلى أي أساس قانوني تعتقلون هذا الصحافي؟ هذا السؤال لا تملك السلطات المغربية أي جواب عنه، لأن مؤسس «أخبار اليوم» معتقل منذ أكثر من أربعة أشهر بناء على أمر بالإيداع في السجن فقط، غير محدد المدة، صادر عن النيابة العامة، وهو ما لا يمكن أن يبرر اعتقاله بالنسبة إلى القانون المغربي أصلاً، فبالأحرى الأممالمتحدة. إن خصوم بوعشرين، الظاهرين والخفيين، يعملون مرة أخرى على الخداع للخروج من ورطتهم هذه، عبر استدراج دفاعه إلى تقديم طلب السراح المؤقت، أو طلب رفع حالة الاعتقال، مستغلين في ذلك أوضاع السجن القاسية نفسيا على توفيق بوعشرين من أجل الإقناع بهذا الطلب. المحامي الطارئ محمد الهيني، فضح، من حيث لم يشأ، هذا الفخ الذي يُستدرج إليه بوعشرين ودفاعه، عندما صرح مرارا للصحافة بأن بوعشرين هو المسؤول عن وضع الاعتقال التحكمي الذي يعانيه! كيف ذلك؟ يجيب الهيني بتذاكٍ بليد: لأن دفاعه لم يقدم طلب السراح المؤقت إلى المحكمة! إن هذا الجواب يفضح بشكل سافر خداع خصوم بوعشرين، إذ إن موقف النيابة العامة معروف، وهو الإصرار على اعتقال توفيق بوعشرين حتى ولو لم تتوفر الشروط القانونية لذلك، وبالتالي، فإن طلب السراح المؤقت ورفضه من طرف المحكمة، بعد اعتراض النيابة العامة، سيوفر غطاء الحكم القضائي المفقود من أجل تبييض قرار النيابة العامة إبقاء توفيق بوعشرين رهن الاعتقال بناء على أمر بالإيداع في السجن غير محدود المدة، والذي لا يمكن أن يقنع الأممالمتحدة بكونه الأساس القانوني للاعتقال. فهل سيقع دفاع توفيق بوعشرين في هذه الفخاخ التي تنصب له؟