«تستعد السلطات المغربية إلى إصدار عفو شامل على دفعة جديدة من معتقلي السلفية الجهادية، وبعضا من المحسوبين على تنظيم "داعش" بمناسبة عيد الأضحى المقبل. وحسب المعطيات التي حصلت عليها "أخبار اليوم"، فإن السلطات الأمنية بادرت بتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون، وبتأطير فكري من الرابطة المحمدية للعلماء، باختيار عينة واسعة من المعتقلين الجهاديين بلغت 360 معتقلا جهاديا، عبروا عن رغبتهم في الانخراط في برنامج المصالحة، الذي تشرف عليه إدارة التامك بتنسيق مع رابطة أحمد عبادي والمخابرات المغربية. وتعليقا على هذه المصالحة، التي انطلقت في نسختها الثانية وسط تكتم شديد، أكد مصدر حكومي ل"أخبار اليوم" بأنها تتم تحت الإشراف المباشر لإدارة السجون، وبتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، ورابطة العلماء. وحسب مصادرنا، فإن معتقلي السلفية الجهادية، تقدموا بطلبات إلى إدارة السجون من أجل الخضوع إلى هذا البرنامج، مباشرة بعد إجرائهم لمراجعات فكرية واسعة داخل السجون، كشفوا من خلالها عن قناعة كبيرة بمؤسسات الدولة وبإمارة المؤمنين. العفو المرتقب عن معتقلي السلفية الجهادية، يأتي بعد "هدية" الملك محمد السادس للسلفيين في غشت الماضي، الذي أصدر عفوه بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"، على 14 سلفيا جهاديا أدينوا في ملفات محاربة الإرهاب والتطرف، وبعدما أعلنت السلطات في الصيف الماضي، عن اعتزامها إطلاق نسخة ثانية من برنامج "مصالحة"، القائم على ثلاثة محاور أساسية، هي: "المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع". المعطيات التي حصلت عليها "أخبار اليوم" تشير إلى أن السلطات، باشرت منذ أسبوع بإخضاع حوالي 60 معتقلا إسلاميا لبرنامج المصالحة في سجن "العرجات" بسلا، وإخضاع حوالي 300 معتقل سلفي جهادي للبرنامج نفسه، في كل من سجون مراكش وتيفلت وفاس تمهيدا لإطلاق سراحهم، بناء على تقارير الأجهزة الأمنية التي سيكون دورها حاسما في حلحلة ما تبقى من هذا الملف. وتوضح المصادر ذاتها أن الرابطة المحمدية للعلماء تشرف على جلسات الحوار الفكرية داخل برنامج المصالحة، عن طريق مشاركة ثلاثة من المعتقلين السلفيين السابقين، الذين قررت إدماجهم في قسم تفكيك الخطاب المتطرف والتثقيف بالنظير، ويتعلق الأمر بمحمد دمير، الذي سبق أن حكم عليه بالإعدام في ملف 16 ماي، بعد اعتقاله ضمن خلية يوسف فكري، وأيضا محمد بنعياد، الذي سبق أن حكم عليه بدوره ب15 سنة سجنا ضمن ملف أنصار المهدي، وعبدالله اليوسفي، الذي سبق، أيضا، أن حكم عليه بثلاث سنوات سجنا في ملف أنصار الشريعة. وحسب مصدر مقرب، فإن دور هؤلاء يقتصر على تقديم النصح للسجناء، إلى جانب الدور الذي تقوم به رابطة العلماء، في تفكيك الأطروحات الإيديولوجية المغلوطة للمجموعات المتطرفة ومكافحة بعض الظواهر التي تولّد العنف والتطرف الديني. وتؤكد مصادر "أخبار اليوم"، أن بوادر هذا الانفراج، انطلق منذ أبريل الماضي حين تم إخضاع "نجباء" السلفية الجهادية، وفي مقدمتهم رشيد العريبي لعروسي، وعبدالغني بن الطوس المحكوم عليه ب20 سنة في خلية الفرنسي "روبير ريشار بيير"، إلى دورة تكوينية خاصة تم على هامشها الاحتفال بالعروسي بمناسبة حصوله على شهادة الماستر في العلوم السياسية، قبل أن تسمح له السلطات، أيضا، من حضور جنازة والدته. وكان تقرير الأنشطة الخاص بالمندوبية لسنة 2017، كشف أن "بعض المعتقلين المدانين في إطار القضايا المتعلقة بالتطرف والإرهاب استفادوا من برنامج للمصالحة، بعدما تراجعوا عن أفكارهم المتطرفة وأبانوا عن رغبة عميقة في التغيير والإصلاح. قبل أن تشدد إدارة السجون على أهمية تعميم هذا البرنامج، بفضل "النتائج الإيجابية"، التي تحققت في النسخة الأولى، أمام ارتفاع عدد المعتقلين في قضايا التطرف والإرهاب، الذي بلغ عام 2016، ألف معتقل، مقارنة ب723 معتقلا في 2015.