لم يسبق أن أثار تنظيم ندوة حجم الجدل الذي أثارته ندوة الحريات الفردية، التي دعا إليها رجل الإشهار، نور الدين عيوش، فبعدما تراجعت مؤسسة آل سعود عن احتضانها بقرار من مديرها العام أحمد التوفيق، تراجعت إدارة «فندق إدو أنفا» بدورها، وقالت إنها لم تؤكد أبدا إمكانية تنظيمها في الفندق. ولم تكتف إدارة فندق «إيدو آنفا» بتبليغ عيوش بقرارها عدم الاستعداد لاستضافة الندوة، بل أذاعت ذلك في بلاغ رسمي. وهي الطريقة نفسها التي تصرفت بها إدارة مؤسسة آل سعود، حيث لم تكتف بإبلاغ المنظمين بقرار التراجع، بل أذاعت بلاغا عاما في الموضوع. وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمدته شخصيات كانت قد وافقت على المشاركة في الندوة قبل أن تتراجع عن ذلك. تراجع الفندق أقنع عيوش بأن القرار النهائي بيد الدولة، وقال ل«أخبار اليوم»: «لم يتبق لي سوى الاتصال بالدولة». وأضاف: «الندوة لم تلغ لحد الآن، مازلت متشبثا بها، لكن يجب أن أعرف هل الدولة تعترض على مكان انعقاد الندوة أم على الندوة ذاتها. سأنتظر لمعرفة ذلك». وعبّر عيوش عن غضبه من تراجع بعض الشخصيات عن المشاركة في الندوة، وقال: «سأنشر الإثباتات التي لدي، لأن البعض يكذب علينا، وعليهم أن يتحلوا بالشجاعة». وأمام استغراب الحقوقيين والمثقفين، خرج مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، للدفاع عن قرار المنع، وقال إنه «من حق جميع المواطنين أن يناقشوا كافة المواضيع التي يرونها، لأن ذلك من الحريات المضمونة التي لا حق لأحد في مصادرتها، غير أنه ينبغي للجميع أن يضع في الاعتبار أن الدستور الذي أطر حرية التعبير هو ذاته الذي نص على الثوابت الجامعة التي يتبوأ فيها الدين الإسلامي الصدارة». وأضاف الرميد قائلا: «أي حوار في هذا الموضوع وغيره من المواضيع ذات الحساسية الخاصة، والتي تثير اهتمام عموم المواطنين ويمكن أن تترتب عليها ردود أفعال متباينة، ينبغي مناقشتها بمسؤولية بعيدا عن المزايدات وأساليب الإثارة التي اعتدناها من بعض الخائضين في مواضيع من قبيل مواضيع الحريات الفردية». لكن أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، استغرب تبريرات الرميد، وقال ل«أخبار اليوم» إن «ثقافة المنع والتحريم تتعارض بشكل كلّي مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان»، وأضاف: «لا يمكن منع النقاش العمومي، خصوصا في القضايا التي تهم المواطن بشكل شخصي مثل المعتقد، والميول الشخصية، والتعبيرات الخاصة». واعتبر الهايج أن «المنع سياسة للدولة تمارسه باستمرار ضد التنظيمات المدنية والسياسية التي تعتبرها مزعجة للسلطة»، مشيرا إلى أن «المنع يطال جماعة العدل والإحسان، كما يطال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهيئات حقوقية أخرى، وبات يُمارس في حق المثقفين والصحافيين»، ما يعني أن منع ندوة الحريات الفردية ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل المنع ذلك. 6