دخل المنتخب الوطني المغربي مباراته الثانية في إطار مونديال 1998 بفرنسا، بمعنويات مرتفعة، مردها عدة عوامل، أولها تعادله الإيجابي في أول مباراة، برسم الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى للدور الأول، أمام منتخب النرويج بهدفين لمثلهما، في وقت لم يكن الكل يؤمن بقدرة الأسود على بلوغ تلك النتيجة الأولى، ثم ثانيها، المستوى المتذبذب الذي ظهر عليه البرازيليون خلال أول مواجهة لهم، عندما فازوا بصعوبة آنذاك أمام اسكتلندا ب 2-1، وثالثها، المعرفة القريبة للأسود بخصمهم، على الرغم من لقبه العالمي ل 1994، بحكم كونهم خاضوا مباراة حبية قبل أقل من سنة ضده وبالبرازيل، وفي وقتها كان الأسود قد أحرجوا كثيرا السيليساو بميدانه، قبل أن ينهزموا في الدقائق الأخيرة بهدفي دنيلسون، ورابعها، الأجواء العامة للمشاركة المغربية بمونديال فرنسا، بحكم الحضور المغربي الكثيف للجالية المغربية المقيمة بفرنسا وأوروبا، والتنقل الكثيف للجماهير المغربية الى فرنسا لمؤازرة الأسود. لكن كل هاته العوامل والمعنويات المرتفعة، لم تشفع للأسود بالظهور بالمظهر نفسه الذي كانوا عليه في مواجهتهم للنرويج، إذ تجلت فوارق التجربة الشاسعة بين المنتخبين في مثل هذه المباريات، على الرغم من تشبث المغاربة بكبريائهم في بعض لحظات المواجهة، التي اختار فيها الناخب الوطني آنذاك، الفرنسي الراحل، هنري ميشيل، الدخول بالعناصر ذاتها التي خاضت المباراة الأولى أمام النرويج ومن دون أدنى تغيير يذكر. وكان للهدف المبكر، الذي سجله المهاجم العملاق، رونالدو، منذ الدقيقة التاسعة من انطلاقة الجولة الأولى، أثره الكبير على العناصر الوطنية، والجماهير المغربية التي حجت بكثرة إلى ملعب بوجوار بنانط، مسقط رأس هنري ميشيل، إذ اتضح وكأن البرازيليين قد وجهوا الصفعة الأولى للأسود، بغية إيقاظهم، لكن من دون أن تستيقظ العناصر الوطنية فعلا. النقطة السوداء في صفوف الأسود، والتي قلنا في الحلقة السابقة قد استمرت طوال مونديال 1998، كانت فعلا، حارس مرماهم، ادريس بنزكري، والذي أبان عن ضعف كبير، وعن مستوى لا يليق بحجم المونديال، بدليل هدف رونالدو الأول، إذ أن الأخير سدد من مسافة بعيدة، بينما كان الحارس غير متمركز بشكل جيد داخل منطقته، وارتمى ارتماءة مضحكة في زمن كانت الكرة في طريقها إلى الشباك.المنتخب البرازيلي، كان يضم ضمن صفوفه نجوما عالمية، من قبيل رونالدو، وبيبيتو، وكافو، العميد دونغا، وريفالدو. الأخير، كان صاحب تمريرة الهدف الأول، وصاحب الهدف الثاني في اللحظات الأخيرة من الشوط الأول، بعد تمريرة جانبية من كافو، لينتهي الشوط الأول بتقدم البرازيليين بهدفين لصفر، موجهين بالتالي صفعتين للأسود، من دون أن تستيقظ العناصر الوطنية دائما. بداية الشوط الثاني، كانت مماثلة لانطلاقة الجولة الأولى، إذ اتسمت بضغط رهيب متواصل من البرازيليين، الذين سيحصلون على هدفهم الثالث بعد خمس دقائق فقط، من العودة من مستودع الملابس إلى أرضية الميدان، إثر خطأ فادح، لعبد الإله صابر، سيستغله جيدا رونالدو، الذي تلاعب بالدفاع المغربي، قبل أن يمرر فوق طابق من ذهب إلى بيبيتو، والأخير، لم يجد أي صعوبة في إيداع الكرة الثالثة في مرمى بنزكري، المتواصل الانهيار. ما تبقى من عمر الجولة الثانية، كان عبارة عن محاولة من أسود الأطلس تقليل خسارتهم في تلك المباراة، والخروج بأقل الأضرار، لعلمهم بأن المباراة قد خرجت تماما من بين أيديهم، إذ لوحظ اكتفاؤهم بالتمريرات القصيرة في ما بينهم، لمجاراة إيقاع المباراة وكسب الوقت، بدل التجرؤ، ولعب الكل للكل، حيث كان ذلك، سيمنح البرازيليين مساحات أكبر، لتعميق الحصة. وسنحت بعض المحاولات الناذرة لأسود الأطلس خلال اللحظات الأخيرة، خصوصا عندما سدد البديل غريب أمزين، لكن فوق عارضة الحارس البرازيلي، طافاريل. وبالإضافة إلى أمزين، دخل أيضا كل من لحسن أبرامي، معوضا زميله السابق في الوداد الرياضي، صابر، كما دخل علي الخطابي في اللحظات الأخيرة من المباراة مكان عبد الجليل هدا، الملقب بكماتشو، لكن بطبيعة الحال، ما كان لأي من التغييرات، أن تغير من النتيجة بالنظر إلى قوة الخصم العالمي. وتنتهي إذن مباراة الجولة الثانية هاته، بكل حمولاتها، وخيبات آمالها، ليبقى الأمل معقودا على مباراة الجولة الثالثة والأخيرة، أمام اسكتلندا، لكسب ورقة تأهيل الأسود إلى الدور الثاني للمرة الثانية في تاريخ مشاركات المغرب في المونديال بعد التأهل الخالد، لعام 1986 بالمكسيك. الأمل ظل عالقا إذن كذلك، بحكم النتيجة المسجلة في المباراة الثانية عن الجولة نفسها، بين النرويج واسكتلندا، إذ انتهت المباراة بتعادل إيجابي هدف لمثله، مما جعل البرازيل متصدرا للمجموعة بعد الجولة الثانية ومتأهلا إلى الدور الثاني من دون انتظار الجولة الثالثة، بحكم وصوله إلى النقطة السادسة، في حين كانت المرتبة الثانية، ستلعب في الجولة الأخيرة بين المنتخبات الثلاث الأخرى، التي يتقدم من بينها النرويجيون بحكم وصولهم إلى النقطة الثانية، في حين كان الأسود يتذيلون الترتيب العام برصيد نقطة وحيدة، وبحكم فارق الأهداف بينهم وبين اسكتلندا، وكلاهما لديه نقطة وحيدة. بقيت الإشارة، إلى كون الخسارة من البرازيل كانت هي الخسارة السابعة للمنتخب المغربي في تاريخ المشاركات الأربع بالمونديال، والثانية له أمام منتخب من أمريكا اللاتينية. الغريب أيضا، أنه وفي كل مرة من المرتين التاريخيتين، اللتين التقى فيهما المنتخب الوطني المغربي، بمنتخب أمريكي لاتيني، إلا وكان ينهزم بالثلاثية، بعد أن خسر عام 1970 بالمكسيك، أمام البيرو.