لم تعد التحذيرات من زواج المال والسلطة في المغرب تقتصر على وسائل الإعلام المحلية المستقلة والمواطنين الغاضبين، بل همّت الصحافة الدولية التي بدأت تدق، هي الأخرى، ناقوس الخطر من الجمع بين المال والسلطة، ما يؤدي إلى فساد السياسة، وإلى ديمقراطية معتلة. هذا ما كشفه مقال تحليلي لصحيفة "إلموندو" الإسبانية في ظل تصاعد نفوذ وثروة عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ورئيس التجمع الوطني للأحرار، وزوجته سلوى أخنوش، تحت عنوان: "الزَّوجُ المغربي الأغنى بعد الملك". يصف المقال توغل أسرة أخنوش في الحياة السياسية والمالية قائلا: "زواج معقد، يمتزج فيه عالم الأعمال بالسياسة، وهو الأمر الذي لا يتوافق مع الديمقراطية السليمة، لكنه مقبول في تلك البلدان. لأخنوش شخصية جذابة، جيوبه مليئة بالكامل، وهو، أيضا، قطب الغاز، والاتصالات السلكية واللاسلكية، يجمع بين إمبراطوريته وعرش الوزارة". ويضيف أنه "واحد من الرجال الأكثر قوة في المغرب. وقد رفعته موهبته المقاولاتية وسياسة التدبير إلى قمة الهرم العلوي"، مما سمح له أن يقضي 11 سنة على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري. علاوة على نفوذه السياسي، يرى المقال أن أخنوش هو "المساهم الرئيس في مجموعة "أكوا"، وهي مجموعة من الشركات التي تنشط في أكثر من قطاع: توزيع النفط والغاز، ووسائل الإعلام، وقطاع العقارات والسياحة". لهذا يعتبر أخنوش اليوم، وفق آخر تصنيف للمجلة العالمية "فوربيس"، "أغنى رجل في المغرب (1882 مليون أورو)، متفوقا على البنكي عثمان بنجلون". ويبدو أن البرلمانيين المغاربة، رغم عدم جهرهم بذلك، فهم مستاؤون من توغل نفوذ أخنوش، إذ نقل المقال عن مصادر من البرلمان المغربي قائلا: "كانت لعائلة أخنوش، على الدوام، علاقات ممتازة مع القصر، تجمعهما علاقة صداقة شخصية، ولهذا السبب يُقال إن الناس يستمعون إلى الوزير بانبهار، لأنهم يعتقدون أنه غالبا ما يتحدث نيابة عن الملك محمد السادس". ونظرا إلى النفوذ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يتمتع به الزوج أخنوش في المغرب، فقد أصبح في هذه الأيام "محط انتقاد الناس، إذ بدأت العديد من الأصوات تعيد طرح نقاش قديم في المملكة حول ما إذا كان من الجيد للبلاد أن تكون للمسؤولين الحكوميين العديد من الأعمال خارج نطاق السياسة"، يكشف المقال. ويؤكد أن هدف حملة المقاطعة المستمرة هو "مهاجمة زعماء السوق لكي تجعلهم الخسائر المفترضة يخفضون من قيمة الأسعار"، مبرزا أن المستهدفين هم شركة "أفريقيا" التي يملكها عزيز أخنوش، والماء المعدني "سيدي علي"، لمالكته مريم بنصالح شقرون، رئيسة الباطرونا السابقة، والشركة الفرنسية "سنطرال دانون". وأضاف أن أخنوش، "الموجود بين 30 شخصية إفريقية الأكثر نفوذا"، هدد محركي المقاطعة بالمتابعة القضائية قائلا: "هذا ليس لعب الأطفال الصغار، وعلى المغاربة أن يحمدوا الله، لأن أغلب المواد الغذائية تصنع داخل البلد". قبل أن يوضح المقال أن خلط أخنوش بين المال والسياسة أصبح يزعج حتى بعض أعضاء حزبه، إذ "منهم من ينتقد المصالح الاقتصادية" للرجل. وعاد المقال ليؤكد، أن إمبراطورية آل أخنوش لا تقتصر على الغاز والعقار والمحالات… بل تمتد إلى الإعلام عبر مجموعته "Caractères"، المالكة ل"العديد من الصحف، من بينها La Vie Eco والمجلة النسائية الأسبوعية الفرنسية Femmes Du Maroc". وخلص إلى أنه "من التناقض أن يدير وزير للفلاحة شركة وقود، وأن يسيطر أحد رجال الملك الأقوياء على الإعلام المغربي". على صعيد متصل، يشير المقال إلى أن عزيز أخنوش متزوج من سلوى الإدريسي أخنوش (45 عاما)، "مقاولة مرموقة (…)، ورئيسة مجموعة أكسال (Aksal)، وهي شركة مغربية رائدة في مجال المنتجات الفاخرة والمتاجر ومراكز التسوق. أسستها سنة 1994، بعد زواجها من عزيز، الذي كان في تلك السنوات منغمسا في أعمال الاتصالات السلكية واللاسلكية، بعيدا عن الخطوط الأمامية للسياسة". ويضيف أنها تمكنت من كسر القوالب النمطية بالمملكة من أجل المساواة، بجمعها بين الموضة والحداثة، إذ إنها من بين "10 في المائة من النساء المغربيات اللواتي لديهن مكانة مهمة في عالم الأعمال".