لم يكن عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، يتوقع أن يتعرض لحملة شعبية قوية تستهدف شركته "أفريقيا غاز" بالمقاطعة، وهو الذي دشن منذ أشهر حملة انتخابية استعدادا لانتخابات إما سابقة لأوانها أو في موعدها في 2021، إذ عين لجنة ترشيحات، وبدأ من الآن في اختيار الأعيان الذين سيرشحهم مستقبلا. أخنوش سبق أن قال صراحة إنه سيكون رئيس الحكومة في 2021. فخلال مفاوضات "البلوكاج"، لاحظ بنكيران، رئيس الحكومة المقال، أن أخنوش له اشتراطات كثيرة بخصوص تشكيلة الحكومة، فسأله: "لماذا لا تتولى أنت مسؤولية رئاسة الحكومة الآن"، فرد عليه "ليس الآن، سأكون جاهزا في 2021". وفي خرجات إعلامية متكررة خلال مؤتمرات جهوية عقدها عبر التراب الوطني، أشار إلى أن حزبه سيتصدر الانتخابات المقبلة، ما جعل بنكيران يرد عليه في مؤتمر لشبيبة حزبه في فبراير الماضي قائلا: "شكون الشوافة لي كالتها ليك". لكن اليوم، وبعد حملة مقاطعة المنتجات التي تعرضت فيها صورة أخنوش السياسية لاهتزاز، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت حملة المقاطعة ستكون لها إسقاطات سياسية على الانتخابات، من شأنها أن تؤثر على مكانة الحزب في الانتخابات. ورغم أن الموعد الانتخابي لازال بعيدا، فإن هناك من يستبعد أن يكون للمقاطعة أثر على الانتخابات التي لها قواعد مختلفة، ولكن هناك من يرى من جهة أخرى، أن رسالة "رفض ربط السلطة بالثروة"، التي بلغتها "حملة المقاطعة"، يمكن أن يكون لها أثر سياسي وانتخابي. في هذا الصدد، يرى معطي منجب، الفاعل الجمعوي، أن المقاطعة خلقت "رأيا عاما مناهضا لربط السياسة بالمال"، وهو ما "يمكن أن يؤثر سلبا على الانتخابات"، خاصة نتائج حزب الأحرار، اللهم "إلا إذا انسحب أخنوش من مسؤولية الحزب" أو "ابتعد عن إدارة أعماله". وحسب منجب دائما، فإن صورة أخنوش "كأغنى رجل في المغرب وكسياسي أول في الانتخابات" ستكون "مضرة"، معلقا "هذا لا يحصل حتى في الأنظمة الأكثر سلطوية". أما عز الدين أقصبي، أستاذ الاقتصاد، فيرى أن المقاطعة تطرح إشكالية "تضارب المصالح الاقتصادية مع المسؤولية السياسية"، مذكرا بأن حركة 20 فراير سبق أن رفعت شعار: "منع ربط السلطة بالمصالح"، ويرى أن مقاطعة المنتجات تبعث "رسالة" مفادها رفض هذا الربط. ولكن أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية، لا يرى أن فعل مقاطعة المنتجات ستكون له بالضرورة إسقاطات سياسية، لأن "الانتخابات لها محددات أخرى"، لكن في المقابل يرى أن التأثير يمكن أن يقع من زاوية "العزوف الانتخابي"، والابتعاد عن السياسة، وهو "سلوك بدأ منذ ظهور نتائج انتخابات 2016 التشريعية، وطريقة إخراج حكومة العثماني". البوز يتوقع أن يتعمق هذا العزوف مع حملة المقاطعة. ومهما اختلفت التحليلات بشأن الأثر السياسي "لحملة المقاطعة"، على المستقبل السياسي لأخنوش وحزبه، فإن المؤكد أن الرأي العام يثبت من جديد أنه فاعل أساسي في المعادلة السياسية لا يمكن تجاهله.