لم يكن مفاجئًا تتويج بايرن ميونخ بلقب البوندسليغا، للمرة السادسة على التوالي، وال28 في تاريخه، في ظل العديد من العوامل، التي ترجح كفته على بقية منافسيه. وفي السطور التالية، نستعرض أبرز عوامل التفوق الكاسح للعملاق البافاري، هذا الموسم: جودة اللاعبين يمتلك بايرن ميونخ تشكيلة مرصعة بالنجوم، لا تتوفر لدى باقي فرق الدوري، إذ يلعب نصف الفريق في المنتخب الألماني. علاوةً على ذلك، فإن الفريق يعج بنجوم غير عاديين، من خارج ألمانيا، مثل: روبرت ليفاندوفسكي، آريين روبن، فرانك ريبيري، ديفيد ألابا، تياغو ألكانتارا، خافي مارتينيز، خاميس رودريغيز، كورينتين توليسو، آرتورو فيدال وكينجسلي كومان. كما أن الفريق البافاري لا يتأثر، في حال تعرض لاعب ما للإصابة، حيث يمتلك البدائل المناسبة. الإمكانيات المالية تواجد لاعبين على أعلى مستوى في بايرن ميونخ، مُرتبط أيضا بإمكانيات النادي المادية، إذ يستطيع البافاري دفع رواتب مختلفة، عن باقي فرق الدوري. وحقق بايرن ميونخ في السنة المالية 2017/2016 مبيعات قياسية، بلغت 640.5 مليون يورو، أي بفارق كبير عن بوروسيا دورتموند، الذي حل في المرتبة الثانية ب405.7 مليون يورو. أما أرباح البافاري بعد استقطاع الضرائب، فقد بلغت 39.2 مليون يورو، وهو أيضا رقم قياسي. وتمنح المبيعات والأموال، القادمة من دوري الأبطال، وحقوق البث التلفزيوني، بايرن ميونخ نقطة تفوق أخرى، على باقي أندية ألمانيا. ثبات المستوى "الخسارة أمام بايرن ميونخ مسألة ممكنة"، عبارة يجري ترديدها كثيرًا، من قبل لاعبين ومدربين، تجرعوا مرارة الهزيمة أمام الفريق البافاري. فالكثير من الأندية الألمانية، تلعب بحماس كبير أمام بايرن ميونخ، وتُدافع بنجاح لفترة طويلة، بيد أنه بمجرد تلقي شباكها لهدف واحد، تضعف مقاومتها قليلا، حتى ولو بشكل لا شعوري. من جهة أخرى، يعرف الفريق البافاري أنه قادر دائما على هز الشباك، وتحقيق النصر، بغض النظر عن طريقة لعبه. وبالكاد يتجرع بايرن ميونخ الهزيمة أمام الفرق الضعيفة، على حكس ما يحدث مع باقي أندية المُقدمة. فمنذ بداية موسم 2013/2012 فاز الفريق البافاري بحوالي 80%، من أصل 200 مباراة في الدوري الألماني، وتعرض للخسارة في أقل من 10% من المباريات. هذا في حين حقق بوروسيا دورتموند، منافس بايرن المباشر، في نفس الفترة الزمنية، الانتصار بنسبة 55%، مقابل الهزيمة في 21% من المباريات. عقلية الفوز وعي الفريق البافاري بقوته، له علاقة بمبدأ النادي "ميا سان ميا"، التي تعني "نحن الأفضل"، إذ يستنشق كل لاعب في بايرن، هذا المبدأ بشكل يومي، لأن اللاعبين الآخرين والمدربين وإدارة النادي، ساروا على هذا التقليد وعاشوه. فكل لاعب يحمل قميص النادي البافاري، يجب أن يُثبت نفسه، أما إذا فشل في ذلك، فيكون الابتعاد عن بايرن هو مصيره. وهناك أمثلة كثيرة للاعبين، يمتلكون إمكانيات كروية كبيرة، غير أنهم لم يستطيعوا إثبات علو كعبهم مع الفريق البافاري، مثل تورستين فرينجز، ولوكاس بودولسكي، وماريو جوتزه وغيرهم. ومن جهة أخرى، يعني هذا أن اللاعبين، الذين يحملون قميص النادي الألماني العملاق، قد نجحوا في عملية الاختيار الصعبة، ويمتلكون القدرة على الإجادة والتفوق. الخبرة يعرف بايرن ميونخ كيفية الفوز بالألقاب، ويستفيد من هذه الميزة، أما بالنسبة للفرق الأخرى، التي تكون في مقدمة ترتيب الدوري، فإنها لا تمتلك قدرة ذهنية كبيرة على غرار بايرن. وتبدأ هذه الفرق في طرح الأسئلة: هل يمكننا حقا النجاح؟ هل نحن جيدون بما فيه الكفاية للتتويج؟ وهذا ما يُقوض الأداء، ويؤثر على النتائج. فكلما لم يفز فريق ما بلقب الدوري الألماني، منذ مدة طويلة، زاد خطر الوقوع في هذه "المصيدة النفسية". وأفضل مثال على ذلك بايرن ليفركوزن (لم يُتوج بالدوري ولو مرة واحدة)، وشالكه (آخر لقب سنة 1958). أما بالنسبة لبايرن ميونخ، فلا مكان لهذه الأفكار في قاموسه، إذ أصبح تتويجه بلقب الدوري الألماني، أمرا عاديا.