لازال الاعتداء الإرهابي الذي نفذه الجهادي المغربي، رضوان لقديم، يوم الجمعة الماضي، في منطقتي كاركاسون وتريب بمدينة تولوز الفرنسية، يثير الكثير من الجدل، ما يضع الأجهزة الأمنية في "قفص الاتهام"، علاوة على تحميل اليمين المتطرف جزءا من المسؤولية للرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، ووزير الداخلية، جيرار كولومب، نظرا إلى رفضهما طرد المغاربة والأجانب المشتبه فيهم. عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أعرب في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، عن قلقه من عدم إخبارهم وتحذيرهم من قبل السلطات الفرنسية من تطرف الجهادي رضوان لقديم، مبرزا أنه لم يفهم سبب تحفظ الفرنسيين عن تزويد المكتب بالمعلومات التي كانوا يتوفرون عليها حول لقديم. وأشار الخيام قائلا: "لم نتوصل بأي معلومات حول سيرة لقديم"، علما أن فرنسا كانت "تراقبه" قبل الاعتداء. الخيام وصف ما حدث ب"سوء تفاهم"، مؤكد أن المفروض هو أن تتقاسم السلطات الفرنسية المعلومات التي تتوفر عليها بخصوص حاملي الجنسية المغربية والفرنسية المشتبه فيهم فوق أراضيها، مع المغرب. إلى ذلك، مباشرة بعد كشف هوية منفذ الاعتداء وتحديد أنه مغربي، فتحت الأجهزة الأمنية المغربية التحقيق مع بعض أقارب رضوان لقديم الذين يعيشون في المملكة، وانتهت التحقيقات الأولية إلى أن المغربي لم يكن متطرفا خلال آخر زيارة قام بها إلى المغرب، والتي تعود إلى سنة 2012. خمسة معطيات قد تضع الأجهزة الأمنية والفرنسية في قفص الاتهام، بسبب عدم قدرتها على توجيه ضربة استباقية لتوقيف المغربي رضوان لقديم: أولا، تأكيد مدعي عام باريس فرنسوا مولنساما، يوم الاثنين الماضي، أن لقديم كان "محل متابعة فعالة كانت لا تزال مستمرة في مارس 2018 من جانب أجهزة الاستخبارات"، قبل أن يستدرك قائلا: "لكن أكرر أن هذا لم يسمح بتحديد مؤشرات تحذيرية (تظهر) انتقاله إلى التنفيذ أو محاولات للانتقال إلى المنطقة العراقية السورية"؛ ثانيا، كان لقديم مدرجا على لوائح "أمن الدولة" ومراقبا من أجهزة الاستخبارات منذ 2014، باعتباره قد يهدد الأمن القومي الفرنسي؛ ثالثا، كان لقديم مدرجا في قوائم مؤشرات الوقاية من التطرف الإرهابي بسبب ارتباطاته السلفية؛ رابعا، قضى عقوبة سجنية لمدة شهر خلال سنة 2016، لكن لم تبدُ عليه أي علامات التطرف، حسب المدعي العام في باريس؛ خامسا، عشيقة المغربي التي كانت أقرب المقربين إليه مدرجة، أيضا، على لوائح "أمن الدولة" وكانت أجهزة الاستخبارات تراقبها، علما أنها اعتقلت مباشرة بعد تنفيذه للاعتداء ومقتله على يد الأمن الفرنسي. تدرج أجهزة الأمن الفرنسية قائمة المتطرفين المشتبه بهم، والمدرجون عليها يصنفون بحسب مؤشر تنازلي لمستوى التهديد. الأسماء في أعلى القائمة يوضعون تحت مراقبة مشددة ويتم استجوابهم لدى بروز أي مؤشر أنهم يعدّون لشيء ما، حسب وكالة الأنباء الفرنسية. لكن خبراء الأمن حذروا لسنوات أن فرنسا لا تملك الموارد المطلوبة لمراقبة جميع الجهاديين المحتملين على مدار الساعة. فمراقبة مشتبه به واحد تتطلب 20 شرطيا وفق أحد الخبراء. لذا يعتمد المحققون على اعتراض الهاتف أو شبكة الأنترنت لاقتفاء أثر المخاطر الكبيرة. وكشف ضابط من مكافحة الإرهاب للوكالة الفرنسية قائلا: "ألا يكون الأشخاص المقصودون على رأس القائمة، وأن يفاجئنا فتى أسأنا تقديره (…) هذا يمنعني من النوم".