بعد مرور أزيد من عشرين يوما عن اعتقال توفيق بوعشرين، مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم"، وموقع "اليوم 24″، بتهمة الاتجار بالبشر، عادت القضية، التي استأثرت بانتباه الرأي العام، إلى الواجهة، وأخذت أبعادا جديدة، بعد كشف معطيات، تشير إلى احتمال تدخل جهات خليجية في محنة بوعشرين. ونشرت "أخبار اليوم" أن دولا خليجية مارست ضغوطات على السلطات المغربية، بسبب افتتاحية بوعشرين، المنتقدة للحكام الجدد في المنطقة، مؤكدة أن دولة خليجية كبرى نقلت احتجاجها على بوعشرين إلى السلطات المغربية، عبر وزير خارجيتها، وكادت أن ترفع دعوى قضائية عليه لولا تعهد مغربي بالتدخل في القضية. وأضاف المصدر ذاته أن دولة خليجية أخرى سبق لها أن منعت بوعشرين من دخول أراضيها، قبل فترة قصيرة جدا من اعتقاله ب"تهم خيالية"، في ظل ورود ممارسة ضغوطات على المغرب بخصوص افتتاحيات بوعشرين من طرف دول خليجية مختلفة، خصوصا أنه سبق له أن مُنع من دخول أراض خليجية، قبل سنتين. وفي السياق ذاته، نشر موقع "عربي21" أن المملكة السعودية، عبر وزير خارجيتها، قدمت رسالة احتجاج إلى وزير خارجية المغرب، أخبرته، من خلالها، الرياض أنها قررت مقاضاة توفيق بوعشرين بسبب ما يكتبه عن بلاد الحرمين، وأضافت أن افتتاحياته، المنتقدة للحكام "الجدد" في بعض دول الخليج، كانت موضوع الاحتجاج السعودي، إذ كان قد سبق لبوعشرين أن "انتقد في افتتاحياته، تصرفات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطريقة تنصيبه، وكيفية إزاحة خصومه المفترضين على عرش السعودية، كما لم يتردد في الهجوم على طريقة تدبير ملف حقوق الإنسان في البلاد". ومن جانبه، قال المعطي منجيب، المحلل السياسي، والمؤرخ، في تصريح ل"اليوم 24″ إن "هناك دولتين خليجيتين، العربية السعودية، والإمارات، لهما يد، ليس فقط في هذه القضية، وإنما في قضايا أخرى"، معتبرا أن هناك ضغطا على حرية الإعلام في المغرب من جهات خارجية، ما يجعل التدخل الأجنبي للضغط على السلطة من أجل معاقبة بوعشرين، احتمالا واردا". وعن التدخل الخارجي في الإعلام المغربي، أوضح منجيب أنه "من قبل كانت ليبيا في عهد معمر القذافي، والآن السعودية والإمارات، وكليهما تحاول الحفاظ على صورتها الإيجابية عند العرب بخلاف سياستها"، مضيفا أنهما "يضغطان على السلطة في المغرب في اتجاه أن تلجم كل من يزعجهما". وفي السياق ذاته، استحضر منجيب اعتقال الصحافي علي أنوزلا، قبل خمس سنوات، وقال إن آخر مقال كتبه أنوزلا قبل اعتقاله كان تحت عنوان "السعودية الخطر الداهم"، في بداية شتنبر 2013، واعتقل في الشهر نفسه، مشيرا إلى أنه لا يستغرب تدخلا للسعودية في قضية "الاتجار بالبشر"، لأن بوعشرين كان قد نشر افتتاحيتين ينتقد فيهما القيادة السعودية الجديدة، التي تذهب ضد حقوق الإنسان، ومصالح المنطقة، وتضع مقدورات اقتصادية للبلاد في خطر. ووسط احتمال اتخاذ قضية بوعشرين، المعروضة على القضاء، حاليا، منحى آخر مع ظهور هذه المعطيات الجديدة، التي تشير إلى وجود أياد خارجية فيها، قال محمد زيان، عضو هيأة دفاع مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم"، وموقع "اليوم 24": إنه "يصعب علي أن أومن بأن السيادة المغربية لا تحترم، وأن الحكومة، التي يرأسها سعد الدين العثماني غير قادرة على فرض السيادة المغربية". وحول المعطيات، التي تشير إلى تدخل إماراتي، وسعودي في مسلسل منع بوعشرين من التعبير، قال زيان "على من يرى أن بوعشرين يضايقه، أن يتجه إلى القضاء"، واستطرد "السعودية تمس باستمرار شرفنا، وكرامتنا، ولم يسبق أن طلبنا من مسؤول سعودي أن يتصرف بعنف إزاء صحافي، أو ناشر أو محلل سياسي، و"كل واحد يسيق باب دارو ويخليونا فراحتنا".