أيدت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس الخميس، الحكم الابتدائي الصادر في محاكمة أربعة متهمين، متابعين في حالة سراح، في الملف المعروف ب"إكراميات الجزولي لصحافيين ومسؤولين مغاربة وأجانب على حساب بلدية مراكش"، قاضية بسنة واحدة موقوفة التنفيذ في حق عمدة مراكش الأسبق والقيادي في حزب الاتحاد الدستوري، عمر الجزولي، وأدائه غرامة قدرها 20 ألف درهم، بعد أن تابعته النيابة العامة وقاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال بثلاث جنايات تتعلق ب: "تبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها، والحصول على فائدة بمؤسسة يتولى تسييرها". وقضت المحكمة بالعقوبة نفسها في حق زين الدين الزرهوني، الرئيس السابق لقسم الشؤون الثقافية والرياضية ببلدية مراكش، بينما برأت كلا من العربي بلقزيز، مدير ديوان الجزولي، وعبد الله رفوش المعروف ب"ولد لعروسية"، النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي الأسبق، من جنايتي: «تبديد أموال عمومية، والحصول على فائدة في مؤسسة يتولى تسييرها». وسبق لقاضي التحقيق أن استمع لشهادات العديد من الأشخاص الذين أثيرت أسماؤهم في الملف، من بينهم المفتش بوزارة الداخلية، محمد كريم، الذي سبق لتقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات أن أشار إلى أنه سبق له أن قضى وأسرته عطلة بالمدينة الحمراء، أقام خلالها بأفخم الفنادق وكلفت 22 مليون سنتيم على نفقة البلدية. كما سبق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، خلال مرحلة البحث التمهيدي، أن استمعت لمجموعة من الصحافيين الذين أثيرت أسماؤهم في التقرير نفسه، والذين سبق لهم أن زاروا مراكش وتكلفت بلديتها بأداء فواتير إقامتهم وتغذيتهم بفنادق ومطاعم المدينة. وقد تفجر هذا الملف بعد صدور تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، حول "الاختلالات المالية والإدارية التي شابت تدبير بلدية مراكش خلال الولاية الجماعية الممتدة بين 2003 و2009″، قبل أن تقضي الهيئة القضائية للمجلس الجهوي للحسابات بالمدينة بأداء الجزولي لغرامة مالية قدرها 40 مليون سنتيم، وبإرجاعه لمالية الجماعة مليارا و264 مليون سنتيم، وأداء نائبه الخامس، محمد نكيل، الذي تنقل بين عدة أحزاب سياسية قبل أن يستقر به الحال في حزب الأصالة والمعاصرة، والذي كان مكلفا وقتها بثلاثة تفويضات أساسية تتعلق بتدبير الملك العمومي والترخيصات الاقتصادية ووكالة المداخيل، لغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، بعد أن توبع بتهم تتعلق ب "استثناء أرباب عقارات مجاورة للطرقات العمومية من المساهمة في تجهيزها، وإعفاء بعض أصحاب الملاهي الليلية من أداء رسوم مستحقة لفائدة الجماعة"، وهي التهم التي جرّته إلى المتابعة من طرف النيّابة العامة في ملف "إكراميات الجزولي"، قبل أن يسقطها عنه قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال. ولم تكن "الإكراميات"هي التهمة الوحيدة التي أشار إليها التقرير المذكور، بل واجهتهم تهم أخرى، تتعلق بعدم احترام القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية وتعويضها بصفقات تفاوضية، وإعطاء الأمر ببدء الأشغال قبل المصادقة على الصفقات من طرف سلطة الوصاية، والتناقض في الوثائق المثبتة لإنجاز الأشغال، وعدم احتساب غرامة التأخير في تنفيذ الصفقات، والإدلاء للمحكمة المالية بوثائق غير صحيحة، والحصول على منفعة عينية ونقدية غير مبررة، وإلحاق ضرر بمالية الجماعة وصرف نفقات غير مبررة، من خلال سوء تدبير مصاريف الوقود، والمبالغة في نفقات الهاتف، الذي كان يستفيد منه موظفون ومستشارون لا يمارسون أية مهام داخل المجلس. وكانت هيئة حماية المال العام دخلت على الخط، وتقدمت بشكاية أمام الوكيل العام للملك بمراكش، حول ما اعتبرته "تبديدا للمال العام ورشوة وتزويرا واستغلالا للنفوذ واغتناءً غير مشروع"، وهي التهم التي قالت إنها "ترقى إلى مستوى الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي"، وقد أحيلت الشكاية على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أنجزت البحث التمهيدي وأحالته بدورها على النيابة العامة، التي التمست من قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال فتح تحقيق في الملف، قبل أن يشرع في الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي للمتهمين، الذين أسقط المتابعة عن بعضهم، فيما تابع آخرين، في حالة سراح، واضعا إيّاهم تحت المراقبة القضائية، بسحب جوازات سفرهم ومنْعهم من مغادرة التراب الوطني.