أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، أنه أصدر توجيهات عديدة، تتعلق بتوجهات السياسية الجنائية في المرحلة الحالية، مبرزا في كلمة له خلال افتتاح السنة القضائية، صباح اليوم الخميس، بمحكمة النقض، أنه وجه النيابات العامة إلى بذل جهود أكثر في تدبير القضايا المدنية، والاجتماعية والتجارية والأسرية ذات الصلة بالنظام العام، وجعل تدخلها في تلك القضايا أمام المحاكم محفزاً على الاستثمار وداعما للحفاظ على الأمن المالي والاقتصادي واستمرار المقاولة والحفاظ على مناصب الشغل، ومساهما في تماسك الأسر وحماية الطفولة. وفيما اعتبر أن افتتاح السنة القضائية التي كانت تقليداً قضائيا، فرصة لاستعراض حصيلة عطاء محكمة النقض والتذكير باجتهاداتها وأهم قراراتها، شدد عبد النباوي على عشر توجيهات، من الضروري الأخذ بها من قبل قضاة النيابة العامة، باعتبار أنها "خارطة طريق لتسيير النيابة العامة، ولتنفيذ السياسة الجنائية للدولة، من أجل محاربة الإجرام، والتصدي لكل خرق للقانون في إطار المساطر القانونية والنصوص التشريعية المتوفرة. وفي مقدمة هذه التوجيهات الاهتمام بشكايات المواطنين، وتحسين ظروف استقبالهم والتعجيل بالبت في تظلماتهم والبت فيها في أجل معقول، والتواصلَ مع المتقاضين لإخبارهم بمآل قضاياهم، والتواصل مع الرأي العام فيما يشغل باله ويثير اهتمامه من قضايا تكون النيابة العامة مسؤولة عن البحث فيها أو تدبير موضوعها، وكذا حمايةَ الحقوق وصونَ الحريات الأساسية المكفولة بمقتضى الدستور للأفراد والجماعات، مع الالتزام بتحقيق التلازم والتوازن بين الحقوق والواجبات، ولاسيما ترشيد استعمال الإجراءات القضائية الماسة بالحريات وعدم اللجوء إلى استعمالها إلاّ في الحالات القانونية التي تقتضي فيها الضرورة ذلك، ولاسيما إلقاءُ القبضِ والاعتقالُ وإغلاقُ الحدودِ وسحبُ جوازاتِ السفرِ وتفتيشُ المنازلِ وحجزُ الممتلكاتِ وتحريكُ الدعوى العمومية والإجراءاتُ الأخرى الماسة بالحياة الخاصة للأفراد وحرمةِ المنازل والمراسلات؛ التوجيه الرابع لرئيس النابة العامة هو التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، وتفعيلُ الإجراءات الوقائية والزجرية لمواجهة هذه الانتهاكات بحزم وصرامة والتصدي بقوة للتعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، بالإضافة إلى تفعيل إجراءات مراقبة أماكن الاعتقال، والتحري عن شرعيته، وسلامة إجراءات تطبيقه، وكذا ضمان حقوق الدفاع وتمكين المحامين من القيام بواجبهم بكل حرية وفي إطار القانون، واحترامُ ضماناتِ المحاكمة العادلة، والأجلِ المعقولِ للبت في القضايا، وترشيدُ استعمال طرق الطعن. ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيلُ بدائله، والحرصُ على تجهيز ملفاتِ المعتقلين الاحتياطيين، شكل أيضا محورا لخارطة طريق عبد النبوي، إلى جانب تخليق الحياة العامة وحمايةُ المال العام، وذلك عن طريق التمسك بمبادئ النزاهة والشفافية والحياد من طرف القائمين على إنفاذ القوانين أنفسهم، وانخراطهم في مكافحة الفساد المالي والإداري، والتعاطي الإيجابي مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمحاكم المالية والهيئات المعنية بمكافحة هذه الجرائم، مع حماية الضحايا والمبلغين والخبراء وتشجيعهم على التبليغ بهذه الانحرافات. أما التوجيه الثامن، فهو حماية الأمن والنظام العام من الجرائم التي تثير الرعب والفزع بين الناس ومن الظواهر التي تعتبر مؤشراً على الانفلات الأمني، وحمايةُ القائمين على إنفاذ القانون من الاعتداءات التي يتعرضون إليها خلال أو بمناسبة أداء واجباتهم المهنية، إلى جانب حماية الفئات الهشة اجتماعياً أو بسبب أوضاعها العقلية، أو النفسية كالضحايا والأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى النساء والأطفال من الاعتداءات المختلفة التي تهددهم، ولاسيما الاعتداءات الجسدية والجنسية، بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا الجالية المغربية بالخارج والمهاجرين، واللاجئين وضحايا الاتجار في البشر. وفي النهاية دعا، في التوجيه العاشر، إلى تحقيق الأمن العقاري من كل ما يستهدف الملكية من جرائم تؤدي إلى الاستيلاء غير المشروع على عقارات الغير. وعرف افتتاح السنة القضائية، اليوم الخميس حضور وزراء، ومسؤولين قضائيين، ونقباء المحامين، بالإضافة إلى القضاة.