يعتبر مصطفى السحيمي، أستاذ العلوم السياسية بالرباط، أن حكومة سعد الدين العثماني، أنهت سنة 2017 في سياق كئيب. كيف ستختم حكومة سعد الدين العثماني هذه السنة؟ لم يسبق لحكومة أن اعترتها الهشاشة التي تعاني منها حكومة سعد الدين العثماني، منذ تعيينها قبل تسعة أشهر. كما يطرح تأخر تعويض الوزراء الأربعة المطرودين مشكلة كذلك. فبعد أكثر من شهرين، لا يلوح أي شيء مؤكد حول بروفايلات القادمين الجدد، مما يغذي بكل حال تساؤلات إضافية حول السير الجيد لهذه الحكومة، التي تنهي السنة في سياق كئيب. وكأن هذا الأمر لا يكفي، كما أن المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية شكل عاملا مقلقا آخر طيلة الشهور التي سبقت انعقاده في بداية شهر دجنبر. إذ انتهى بانتخاب العثماني أمينا عاما بأغلبية صغيرة ضد منافسه إدريس الأزمي الإدريسي، المقرب من بنكيران، حيث سيراكم هو الآخر ولايتي رئيس الحكومة والمسؤول الأول عن التشكيلة الإسلامية، لكن بقدر أقل من الزعامة. يمكن القول، في مستوى أول من القراءة، إن العثماني مطمئن مبدئيا، لكنه في الواقع، ضعيف، داخل حزبه أولا، وكرئيس للجهاز التنفيذي ثانيا. فحلفاؤه الأساسيون- من بينهم التجمع الوطني للأحرار- يجرون هذا التحليل، بل ينظمون أنفسهم تبعا لذلك، وعينهم على الانتخابات التشريعية لسنة 2021. إنهم حلفاء بالتأكيد، لكنهم أيضا منافسون على الخصوص. هذا هو الملمح الكبير لوضع هذه الحكومة مع نهاية هذه السنة. فهل يمكن استشراف تطورات مهمة خلال السنة الجديدة؟ هناك حاجة ملحة إلى جرعة قوية من الإرادة السياسية من أجل التحكم في الطرق والنماذج الخاصة بالإصلاحات الكبرى التي تنتظر النور… يمكن تصنيف السنتين المنصرمتين على أنهما كانتا في خانة يغلب عليها القلق والأزمة. فهل ستتميز سنة 2018 بانطلاقة سياسية قوية أولا، على أن تساهم في صياغة استراتيجية أو رؤية تذهب أبعد من الممارسة السابقة؟ لقد ظهرت عودة حتمية إلى إشكالية نموذج اقتصادي واجتماعي آخر يعيد صياغة الأولويات، من خلال التركيز على البرامج والمشاريع التي يمكنها أن تعيد بعض المصداقية لحكومة نال منها الإنهاك بعد تسعة أشهر فقط، على تشكيلها. بصرف النظر عن سنة 2018، بلا شك يجب أن ينخرط العمل الحكومي في منظور آخر، هو منظور سنة 2021، الذي هو نهاية الولاية التشريعية الراهنة، بل في منظور أبعد من ذلك. ماذا ينقص الحكومة مع بداية 2018؟ أرواق المغرب الرابحة معروفة. لكن في الآن نفسه الجميع يعرف أن هناك عراقيل وأشكال عجز بنيوي تشكل عقدة في عجلة المستقبل. في نهاية المطاف، تشكل الحكامة عجزا تشكو منه جميع المجالات. الإشارة هنا إلى ضرورة تحقيق مشاركة واسعة في المشاريع، والتخطيط والعلاقة مع الزمن، ونظم القرار التي تتميز في الغالب بالارتجال والتسرع، فضلا عن ضرورة اكتساب ثقافة التقييم وكذا تسوية الحسابات. فحسن التدبير طبعا، هو الميزة الأولى للحكومة، ولكن الحكم كذلك يعني التوفر على رؤية مستقبلية واضحة، فما الذي ينقص هذه الحكومة اليوم؟ هي في حاجة إلى "مشروع مرجعي" مادام برنامجها الذي أعلنته خلال أبريل 2017 متقادم عمليا، كما أن الإجراءات ال120 التي أعلنتها خلال شتنبر الأخير لا ترقى إلى مستوى مشروع حقيقي، حيث تظل مقتصرة في أغلبها على دليل من الأمنيات والرغبات والإعلانات المضبوطة، إن لم نقل جراب تضع فيه كل شيء بشكل مرتجل بعيدا عن رافعات التنمية الحقيقية.