لا تخلو كل المبادرات الراقية من دخول الصيادين في المياه العكرة، والمبادرين إلى تشويه المقصد وتزييغ المعنى، وتسيير القافلة في غير طريقها، كما حاولت ذلك بعض الأقلام الإعلامية التي لا تذر لحظة من لحظات التعبير عن الديمقراطية داخل حزب العدالة والتنمية إلا وقرأته بالاستعانة بقواميس الأحزاب الإدارية وأحزاب "الفديك". وعوض أن تكتب جريدة "الصباح" وجريدة "الأخبار" عناوينها الغليظة والمغلطة، كالقول بوجود "حركة تصحيحة" أو "تيار جديد" أو "غضب" أو "انقلاب" داخل حزب العدالة والتنمية، كان عليها أن تتوجه إلى الأحزاب التي تنفخ فيها الروح دون أن تعيدها للحياة، بأن تتعلم من تجربة الحزب، لأنه ليس بيئة لنشأة "تيار" أو"حركة تصحيحة"، وهو ما لا يمكن أن تسمح به منطلقاته ومبادئه وأسسه. فالنقاش الحر و المسؤول يعتبر دليل حياة في كل التنظيمات وخاصة إذا كان لهذا التنظيم روافد حركية و طلابية تربى أبناؤه على الخوض الحر في كل المواضيع بعمق ونضج و مسؤولية، و لعل المنطلقات الأصيلة لرواد حركات التجديد الفكري على مر تاريخ الأمة تحيل إلى المرجعية المؤطرة لسلوك أبناء المشروع الإصلاحي. ف في البدء كان"الخط" في تعريفه لا يعدو أن يكون فكرة لتصحيح المسار وليس خروجا عن المسار، كما يعرفه رواد العالم الأزرق من شباب هذا الحزب، ونداء من اجل ثورة هادئة، قوامها نقد ذاتي، لأننا نعتبر انفسنا جزءا من مشروع آمنا به ولانزال ، وليس انتقادا لأشخاص أو هيئات ، وهو سلوك راقي قوامه المرابطة على خط النضال المسؤول وليس التخلي عن المسؤولية، وهو احياء لنفس التضحية بعيدا عن منطق الغنيمة ، الخط هو انا وانت ونحن ، اعضاء ومسؤولين داخل حزب العدالة والتنمية ، حزب آمنا ولازلنا نؤمن داخله ان النصح للهيئات والقيادات اجتناب وقتل لفتنة التنازع والاختلاف، وان الخط تقديس للفكرة وتقدير للأشخاص ومرابطة على المبدأ . هذا التعريف يجلي الماهية والقصد من تسيير خط أساسه الثبات على المبادئ و القيم المؤسسة لمشروع حزب العدالة والتنمية خصوصا الخط والمؤسسات، مشددين على أنه ليس تيارا أو تنظيما أو نخبة تدعي أنها وصية على أعضاء الحزب و مؤسساته. .. وإنما التزام دائم بشرعية المؤسسات و احترام قراراتها و عدم استهداف الأشخاص. ومن المعيب فيما أخذه البعض من كون هذا النقاش الصحي يطالب بتحديد الترشح للبرلمان، لكي يتم الامر بالتناوب، وإنما كانت غايته محاسبة برلمانيي الحزب على الأداء، وهو من صميم مبادئه، وتزكية من يخدم المشروع الإصلاحي، ومعاقبة من يخدم مصالحه وأظهر ضعفه، وتولية الأمور من يستحقها، وإيقاف توسع الأشخاص في المسؤوليات مما يضر الحزب، وإيجاد سبل وفضاءات لنقاش سياسي يستجيب لما وصل إليه حزب العدالة والتنمية من تضخم في المسؤوليات وحدة المتطلبات، وما يمليه ذلك على أعضائه من وجوب التعبئة الدائمة. إشارة سريعة : عنونت جريدة "الصباح" أحد مقالاتها المدفوعة الثمن ب " بنكيران يواجه حركة تصحيحية بالبيجيدي " و لها ولأمثالها نقول إننا تربينا في الحركة الإسلامية أن السمع و الطاعة للمسؤولين من التقرب لله عز و جل و تربينا داخل مؤسساتنا أن الرأي حر و القرار ملزم، فلا ذنب لنا أن لا يستوعب "العبيد". نقاشا لأبناء العدالة والتنمية يتنفسون فيه الحرية.