الضمير هنا يعود على بعض الإدارات المغربية التي نتأسف لحالها، والذي ينذر بوجود خلل ما وقصور في رؤيتها لبعض الأمور من قبيل التكوين المستمر لموظفيها. فمن التعاريف التي أطلقت على التكوين المستمر كونه " عملية منظمة ومستمرة تكسب الفرد معرفة أو مهارة أو قدرة لازمة لأداء وظيفة معينة أو بلوغ هدف محدد " ، وأيضا مفاده أنه " عملية تعديل ايجابي لسلوك الفرد من الناحية المهنية أو الوظيفية، وتستهدف إكسابه المعارف والخبرات والاتجاهات المناسبة للوظيفة التي يشغلها لتحسين مستوى أدائه ". ولعل المفاهيم السابقة الذكر للتكوين المستمر، تصب جميعها في كون هذا الأخير وسيلة للوصول إلى هدف معين وليس هدفا بحد ذاته، فالهدف طبعا يكمن في تحسين وتطوير مؤهلات وخبرات الموظف، لنكون أمام رجل إدارة منتج وله بصمته من داخل موقعه الوظيفي، وبذلك تصبح لدينا إدارة منتجة وذات مردودية، وليس نقيض ذلك. لكن مكمن الشفقة عنوان هذه الأسطر، لما نجد أن جوهر وروح التكوين المستمر لا يرى له أثر أثناء ممارسته، لا لشيء إلا لأن القائمين على هذه العملية يغفلون بقصد أو بدون قصد عن توفير الشروط الأساسية لهذا العملية وفي المقابل من ذلك تجدها تشتكي من مردودية موظفيها، وفيما سيأتي نسرد بعض الأمثلة على ذلك. فالحديث عن تكوين مستمر هو حديث عن تراكم تجربة قد تحتاج إلى تقويم وتصويب وتعديل مما يعني استحضار هذه التجربة بالملموس والواقع لكي تكون هي نفسها موضوع التكوين المستمر، لا أن نكون بعيدين عنها كل البعد ونخاطب الموظف المستفيد من التكوين بخطاب يلامس أكثر ما هو نظري بعيدا عن ما ه عملي، يتيح للموظف أن يلامس حقيقة مهامه و وظفيته أكثر أثناء فترة التكوين، ومن هنا تكون الضرورة الملحة للاحتكاك بالملفات والعمليات والمهام التي يمارسها الموظف أثناء فترة التكوين. أيضا عدم رصد الوسائل اللازمة لتنفيذ برامج التكوين المستمر، فهو أمر لا يسستقيم وليس له ما يبرره، فلا يمكن أن تمر هذه التجربة بنجاح إذا لم توفر الإدارة جميع الإمكانيات الوسائل المادية والمعنوية الضرورية لذلك، فلا يعقل أن تمر دورة تكوينية على أحسن حال وفضاء التكوين يفتقر لأدنى الشروط الضرورية، و لا يعقل أيضا أن يظل جسدك طيلة فترة التكوين ملتصقا بزميلك في التكوين، نظرا لقلة وتزاحم المقاعد المخصصة، فما تكاد تحرك جسدك يمينا أو يسارا حتى تلمس الشخص الذي بجانبك فتظل طيلة التكوين منشغلا بالاعتذار له. ويمكن أن نضيف إلى ما سبق، عدم تكليف الإدارة نفسها توفير دلائل ووثائق مرجعية يمكن للموظف أن يستند إليها فيما بعد، يجعلها مرجعا له عند الحاجة، مع العلم أنه في حالة ما إذا توفرت هذه الوثائق والدلائل، سيعاب عليها كونها غير محينة وبالتالي لا فائدة من استعمالها. أسطر أبتغي منها التوضيح و إثارة هذا الخلل الذي وإن بقي سيمكن أي ملاحظ من المجازفة والحكم على الإدارة المغربية بالفشل، لأن أي تكوين مستمر مختل وناقص يوازي إلى حد كبير عدمه .