حركة 20 فبراير2011 حركة احتجاج قوية ضد مركب الفساد والاستبداد والتخلف، تعري وتكشف وتفضح تدحرج المغرب الرسمي في سلم الدول الاستبدادية والتعليم المتدني والتنمية المعاقة، كصخر جامد حطه سيل الزمن من عل.. وتحمل مطرقة النضال السلمي المدني، لتمارس بها شغبها العادل في لعبة هدم كل الأوثان السياسية والاجتماعية والثقافية التي تسيء للكرامة الإنسانية والحرية والعدالة الإجتماعية. حركة 20 فبراير تحمل سيمات حركة تحرر جذرية تروم تحقيق ما سمي في آدبيات النضال السلمي المدني ب"الاستقلال الثاني"، باعتبار "الاستقلال الأول" كان استقلالا شكليا هلاميا جزئيا، تخلص من الاستعمار – باعتباره استبدادا خارجيا – وأن الاستقلال الثاني هو استقلال شامل ثوري يهدف التخلص من الاستبداد – باعتباره استعمارا داخليا – ولقد مثلت حركة 20 فبراير في موجتها الأولى "حركة التبعثر الفعال" –أي حراك بدون قيادة، وودخان بدون نار، وأصابيع بدون أيادي - أي مطالب موضوعية تشترك فيها قطاعات واسعة من الشعب ومكوناته الديمقراطية غير قابلة للتفاوض أو تجزيء أو التفويت.. وقد عرف هذا الحراك العشريني عدة تغراث نجملها فيما يلي: - تعثره في الانتقال من استراتيجية الاستنزاف والتردد إلى استراتيجية الحسم، واقتصار الحراك على منظق المطالبة لا منطق المغالبة. - لم يستمر ميكانيزم المفاجئة والمبادرة الذي أربك سياسة المخزن طويلا، فسرعان ما تحكم في الحراك ميكانيزم الانتظار وردود الأفعال المختلفة والمتضاربة. - اعتماد النظام لاستراتيجية الفوضى المنظمة " البلطجية والفلول" و"ديمقراطية التقسيط"، والتوظيف السياسي الانتهازي للقوى الحزبية التقليدية، التي تحولت إلى قاعدة إسناد له ضد الحراك. - حصر الحراك في نقطة ارتكاز واحدة "مسيرات اسبوعية محدودة في الزمن والمكان لم تمثل استنزافا لقوة النظام. - اجهاد الطاقة الثورية بخلافات متعددة، وتبديدها بسرعة. - انسحاب فصيل وازن وأساسي في الحراك، بدون فتح أي نقاش مسؤول حول الأسباب والتداعيات، وابتلع الجميع ألسنتهم، فلا حوار ولا نقذ ولا مراجعات، بل استخدمه البعض في إطار تصفية الحسابات، ومحاولة الاستفراد بالحراك! - تداعيات ارتدادات الثورة المضادة في دول الربيع العربي؛ خاصة في مصر وسوريا، سجل شطحات ثورجية غير مفهومة ولا مستساغة، لبعض رموز ومكونات الحراك العشريني، بتأييد الانقلاب في مصر انتصارا للأدلوجة، وتبرير الاستبداد في سوريا باسم الممانعة!.. مما جعل المسافة تبعد بين القول والموقف، والموقف والممارسة، وتنبعت الانتهازية السياسية من تحت رمادها من جديد!.. أما مبررات الحراك في موجته الثانية فلا تزال أسبابها قائمة .. فأولا: الدول المغربية المخزنية حسب التصنيف العالمي، لازالت دولة تسلطية استبدادية، وكل المياه الآسنة التي مرت تحت الجسر؛ من دستور ممنوح وانتخابات برلمانية شكلية مفرغة من مضامنها، وحكومة ضعيفة ومحكومة بهاجس ورهاب العفاريت والتماسيح.. لم تغير من دار لقمان شيئا! ثانيا: ديون الاستبداد والفساد المتراكمة في تزايد، وتكلفته السياسية والاجتماعية بلغت درجة عدم التحمل، وأصبح الوعي باستحالت التعايش مع الاستبداد أمرا متحققا، ومعبرا عنه بالسخرية والتنكيت وكل أشكال التعبير الأخرى، ولم يعد للحائط أذانا، بل لقد سقط حائط الخوف.. والمطلوب الآن وغدا ودائما الابتعاد عن الصراعات الثانوية، وتجازو الطفولية اليمينية واليسارية، والتأكيد على أطروحة " الديمقراطية الآن والتنافس الإيديولوجي الديمقراطي غذا".. وتبني "خيار التجميع السليم" – أي القطب الديمقراطي العريض، الموازي لمركب الاستبداد والفساد والتخلف -حسب بيان حزب الأمة الأخير- بعدما استنفذ "خيار التبعثر الفعال" طاقته، والحسم في الكثير من الخيارات الاستراتيجية، كالموقف من العنف والطائفية والتدخلات الأجنبية، والوضوح على مستوى المشروع المجتمعي، وقاعدته الأساسية الديمقراطية التشاركية، والدولة المدنية، والتعاقد السياسي، واحترام الإرادة الشعبية، والحوار الفكري والسياسي، وتكريس الحريات الأساسية والتعدد السياسي والثقافي، مما يجعل من وطننا منتدى سياسيا وفكريا، لا يقصي أحدا، ويعترف بالجميع إلا من يستحق الإقصاء مثل العنصرية والصهيونية والشذوذ والعدمية والعنف والاستبداد والفساد والتخلف...الخ إن الوقوف في منتصف الطريق خيار بائس، وهو أقصر طريق لوأد الثورات وتبديد التضحيات، وكما كتب الفقيه السياسي الفرنسي ألكسيس دو توكفيل منذ 150 عاما "إن الثورة مثل الرواية، أصعب ما فيها هو نهايتها". فلا يجوز أن تقبل شعوبنا بعد اليوم ترقيعا ولا مهادنة، أو أن ترضى بما دون تفكيك بنية الاستبداد. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.