قرار المجلس الدستوري القاضي بإلغاء انتخاب مرشح حزب الاستقلال بالدائرة الانتخابية مولاي يعقوب له دلالات عميقة بالنظر إلى المبررات التي تحكمت في قبول طعن المنافس السياسي لحزب الأمين العام حميد شباط. ولأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إلغاء مقاعد انتخابية بناء على قبول طعون المنافسين في الانتخابات التشريعية، إلا أن المجلس الدستوري استند على قراره بممارسات بعيدة كل البعد عن التنافس الانتخابي، ولم يكن بطلها سوى الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط ومناصروه بالدائرة المذكورة. وقبل المجلس الدستوري طعن مرشح حزب العدالة والتنمية محمد يوسف في انتخاب البرلماني عن حزب "الميزان"، الحسن شهبي، بعد أن تأكد (أي المجلس الدستوري) أن "حزب الاستقلال نعت عبد الاله بنكيران بنعوت غير لائقة تحرض على الكراهية والحقد" من خلال إلقاء "كلمات تضمنت عبارات السب والقذف، والاستهزاء في حق الطاعن، وفي حق الأمين العام للحزب الذي ينتمي إليه". قضاة المجلس الدستوري بقرارهم هذا أعطوا لحميد شباط درسا جاهزا في الممارسة السياسية النظيفة والأخلاق السياسية الرفيعة، مما يفهم منه اتجاههم نحو تنقية الأجواء السياسية من كل الشوائب التي يمكن أن تضر بالتنافس الانتخابي الشريف، دونما محاباة لأية جهة حزبية، وهذا من صميم عمل القضاء الدستوري الذي يبقى الفيصل في مثل هذه المنازعات. قرار المجلس الدستوري لم يوجه لشخص شباط وحده بل حتى لمناصريه الذين حضروا في مهرجانه بعين الشقف عندما سايرهم في ترديده لشعارات عفوية، حسب ما أفاد به القرار الذي قال أن "حزب الاستقلال ردد شعارات جاهزة من طرف الحاضرين تضمنت عبارات تحقير لشخص الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، معتبرا أنها "غير عفوية، ولا يمكن اعتبارها انفلاتات لأنها ظلت تردد طيلة المدة التي استغرقها التجمع، دون أن يعمل المشرفون على تنظيم التجمع، وكذا مرشح حزب الاستقلال على منع الحاضرين من الاستمرار في ترديدها". وهو ما يفهم منه أيضا دعوة للتحكم في المناصرين وعدم انجرارهم نحو تلويث لحملات الانتخابية ولو بشكل عفوي لأن تبعاتها السياسية ستكون ثقيلة على الحزب المعني. المجلس الدستوري أرسل كذلك رسائل ضمنية للأحزاب الأخرى عندما خاطبهم بالقول أن "احتدام التنافس الذي يطبع الحملات الانتخابية يجب أن لا ينحرف عن ضوابط احترام كرامة الآخرين"، منبها إلى "أن استعمال عبارات التحقير خلال الحملة الانتخابية سلوك يجافي مهمة تأطير المواطنين، وتكوينهم السياسي في الحياة الوطنية". المجلس الدستوري قطع أخيرا مع مصطلح "القلعة الانتخابية" التي أصبح عدد من السياسيين يعتبرونها من المُسَلَّمات، وهو ما يفيد بأن الانتخابات الذي يخرج عن نطاق التنافس النظيف، ولا حديث بعد اليوم عن القلاع الانتخابية لهذا الحزب أو ذاك.