لجأ رشيد نيني، مدير نشر جريدة "الأخبار"، إلى 16 فصلا من فصول القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، في محاولة لإلصاق تهمتي السب والقذف بمقالات رأي نشرتها جريدة الرأي المغربية، لا تتعدى أن تكون تعبيرا حرا عن الرأي، يحاول نيني اليوم إخراسه بوسائل عفا عليها الزمان. لجوء نيني إلى هذا الكم الهائل من فصول القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، يعكس رغبة واضحة في إخراس صوت الجريدة التي أتمت مؤخرا عامها الأول، واستطاعت خلال هذا الظرف الوجيز أن تصنع لنفسها مساحة واسعة ومحترمة من القراء الذين يبحثون عن الخبر الدقيق والتحليل العميق، بعيدا عن الإثارة والتلفيق والاسترزاق. تناقض صارخ يقع فيه "الزميل" نيني من خلال دعواه العجيبة، المستندة إلى مقالات رأي عادية جدا، تتسم بقوة في الطرح وجرأة في قول الحق، بعيدا عن أي من الاتهامات التي يحاول المدعي إلصاقها بها عبر تأويلات بعيدة عن الواقع، ومرد هذا التناقض هو الضجيج الذي ملأ به هو نفسه الدنيا أثناء حاكمته الشهيرة التي أفضت به إلى السجن، بعد متابعته في إطار القانون الجنائي. لجوء نيني إلى القانون الجنائي يفقده أي مصداقية في الحديث عن مهنة الصحافة وأخلاقياتها وأدبياتها، ويضرب عرض الحائط كل النضالات التي خاضها الحقوقيون والصحافيون والمجتمع المدني في سبيل قضيته، لا في سبيله هو، إبان متابعته بالقانون الجنائي. ولطالما استنكر نيني عبر "ساريته" التي زينت مؤخرة جرائد متعددة، المبالغ المالية الطائلة التي يطالب بها كبار المسؤولين عندما يرفعون دعاواهم القضائية ضد الصحف والصحافيين، ولطالما ضرب الأمثال ب"الدول التي تحترم نفسها" كما يحب أن يسميها، عندما يطالب مسؤولوها بفلس رمزي كلما نالهم اتهام مباشر، لكن حمرة الخجل لم تتسلل إليه وهو يطالب بمائة مليون سنتيم من صحافيين اثنين، أول كلامهما على أنه مس بذاته المقدسة التي لا تجوز أن تنتهك حرمتها. خلاصة القول أن من انخدعوا في الرجل عبر سنوات طويلة، وتضامنوا معه بالسنتيمات الخمسين وبالوقفات الاحتجاجية، يحتاجون اليوم إلى تفسير واضح لكل هذه التناقضات الفاضحة، ولهذه التحولات الدرامية، رغم أن إقناعهم بعد اليوم أصبح مستحيلا، خصوصا مع تلك الغصة التي تملأ حلوق أغلبهم جراء الإحساس ب"الشمتة"، لكن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.