مع كل رمضان تتوافد جموع المصلين على مساجد المملكة لتأدية صلاة التراويح، في جو روحاني يتجدد كل سنة، لكن المشهد الذي تقشعر له الأبدان، هو حج أزيد من 100 ألف مصلي إلى مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء لأداء صلاة التراويح التي يؤمها أحد كبار أئمة المغرب عمر القزابري الذي داع صيته داخل المملكة وخارجها . ابن مدينة مراكش استطاع أن يخطف الأضواء ويتبوأ مقعدا مهما بين أصحاب الأصوات الشجية الصادحين بالقرآن الكريم، ونجح القزابري، أن يحصل على صفة أشهر القراء في المغرب، يحج إلى الصلاة خلفه بمسجد الحسن الثاني آلاف المصلين للاستمتاع بصوته وتجويده للقرآن الكريم، ولا يكاد المرء يجد له مكانا بالمسجد وما حوله لمتابعة خطبه. لم تتسع جنبات مسجد الحسن الثاني بمدينة الدارالبيضاء بالعدد المتزايد يوميا للمصلين الذين يحجون لصلاة التراويح، إذ تمتلئ الساحات المجاورة للمسجد بالرجال والنساء والأطفال لتتشكل صورة إيمانية أبدعتها صفوف المصلين وزادها رذاذ البحر خشوعا، وكان المواطن المغربي المسلم من كافة الشرائح والمستويات حاضرا بكثافة، مئات السيارات والعشرات من الدراجات أدهشت أبناء المدينة القديمة، الذين اغتنموا هذه الفرصة للعمل كحراس للسيارات مستغلين كل الأماكن بما في ذلك الأزقة السكنية.
هذا الازدحام استدعى وجود عدد كبير من سيارات الشرطة والإسعاف وعناصر أمنية لتنظيم العملية، حيث يسهر على سلامة وأمن المصلين الذين ينتمون إلى مختلف الأعمار حوالي 300 رجل أمن من مختلف التشكيلات قابلة للزيادة إلى الضعف في ليالي أخرى من هذا الشهر الفضيل، كليلتي القدر والختم، إضافة إلى 60 رجل أمن خاص، إلى جانب طاقم طبي وآخر ديني تابع للمندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، بالإضافة إلى عدد من عمال النظافة التابعين لشركة خاصة. ويعتبر مسجد الحسن الثاني معلمة دينية ومعمارية فريدة تبهر ببنائها وبدقة هندستها، التي برع في إنجازها صفوة من المهندسين والمبدعين في مختلف المهن العصرية والحرف التقليدية المغربية الأصيلة. ويتكون هذا المركب على الخصوص من المسجد، والمدرسة الدينية، والمكتبة الوسائطية، وأكاديمية الفنون التقليدية، فضلا عن بعض المرافق. وتقع قاعة الصلاة وسط المعلمة، فهي الجزء الأكثر إثارة بهندستها التقليدية، إذ تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع وعلوها 60 مترا، وتصل طاقتها الاستيعابية 25 ألف مصل وأكثر من 80 ألف إضافي في الساحة، فضلا عن مقصورتين للمصليات بمساحة تقدر بثلاثة آلاف و550 متر مربع وقاعات الوضوء. أما صومعة المسجد، التي يبلغ علوها 200 متر ومساحتها 625 متر مربع، فهي مزودة بمنارة تشد الانتباه ليلا من خلال شعاع "لايزر"، موجه من قمتها في اتجاه الكعبة الشريفة من أجل توجيه المصلين نحو القبلة. وفي ما يخص المدرسة الدينية، التي تبلغ مساحتها 9 آلاف و600 متر مربع، فتتميز بتصميمها الهندسي النصف الدائري وتتألف من مدرسة قرآنية، ومكتبة مختصة في العلوم الإسلامية وقاعات مختلفة للمحاضرات، والندوات والمؤتمرات، فيما المكتبة الوسائطية وأكاديمية الفنون التقليدية تشغلان مساحة تقارب 24 ألف و800 متر مربع. ويرتقب أن يصل عدد المصلين في قيام "ليلة القدر" بمسجد الحسن الثاني، والتي يخلدها المغاربة في ليلة 27 من رمضان، نحو 200 ألف مصل يأتون من مدن مجاورة لمدينة الدارالبيضاء كمدينة الجديدة وسطات والرباط ومن مدن أخرى بعيدة، الهدف واحد الصلاة وراء عمر القزابري الذي توحدت قلوب الوافدين اليه.