يوم واحد ويُودع الاقتصاد الوطني سنة 2013، التي تميزت بتحولات وأحداث كبرى طفت إلى السطح وأسالت كثيرا من مداد المحللين الاقتصاديين، وأثارت كثيرا من الكلام وسط السياسيين. ولعل أبرزها «صراع» بين حكومة عبد الإله بن كيران والاتحاد العام لمقاولات المغرب، واعتماد، في خطوة «غير مسبوقة» نظام المقايسة بالنسبة للمحروقات، وبداية العمل بالنظام الجبائي على القطاع الفلاحي الذي ظل لعقود معفيا، بالإضافة إلى تهافت الشركات البترولية العالمية للتنقيب عن الذهب الأسود بالمغرب، وانتعاش القطاع السياحي مستفيدا من أزمات بلدان الجوار. 2013 وبروز «صراع» الحكومة والباطرونا طفا إلى السطح سنة 2013 «صراع» بين حكومة عبد الإله بن كيران، في طبعتها الأولى، و"لوبي" داخل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، انطلقت شرارته الأولى مع انتقاد الأخير لقانون مالية 2013، الذي رأى أنه أحدث ضرائب جديدة تؤثر سلبا على عوامل الإنتاج، وأنه لا يبعث على تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. لكن الحكومة بادرت إلى التخفيف من حدة "الصراع" عن طريق استجابتها لبعض التعديلات التي فرضها رجال الأعمال مثل تخفيض نسبة مساهمات الشركات في صندوق التكافل الاجتماعي ورفع سقف الأجور التي ستساهم في هذا الصندوق إلى ثلاثين ألف درهم بدل 25 ألف درهم. المتتبعون للشأن الاقتصادي المغربي رأوا أنها أول مرة تعلن فيها الباطرونا معارضتها العلنية للحكومة، عكس مساندتها طيلة العقود الماضية للحكومات السابقة بما فيها حكومة التناوب التي ترأسها حزب الاتحاد الاشتراكي سنة 1998، متهمينها بأنها "تمارس ضغوطا سلبية على صانعي القرار"، وأن "جهة ما تحركها من أجل أداء أدوار سياسية للتأثير على الحكومة التي يتزعمها الإسلاميون"، مثلما عبر عليه لمحلل الاقتصادي حسن الزواوي في تصريحات صحافية حينها، حين أرجع التصعيد المفاجئ لرجال الأعمال إلى "كون الإجراءات التي جاءت بها الحكومة لمحاربة الريع الاقتصادي ربما هددت مصالح هذه الفئة، ودفعتهم إلى الدفاع عن أنفسهم"، وقال: "ومما يدعم هذا الطرح طبيعة الاقتراحات التي تقدمت بها نقابة رجال الأعمال لتعديل قنون مالية 2013 والتي استهدفت في عمقها الاعتراض على الضرائب التي تمس الطبقة الوسطى، أو تلك التي فرضت على بعض الشركات ذات الأرباح المحددة". غير أن ظهور رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مريم بنصالح شقرون، إلى جانب محمد يتيم، الكاتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، خلال التوقيع على اتفاقية «الميثاق الاجتماعي من أجل تنافسية مستدامة وعمل لائق» بمقر النقابة الإسلامية، أوحى بانفراج في علاقة الباطورنا والحكومة. فقد نفت بنصالح وجود أي صراع أو خلاف بينها وبين عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، "خلافا لما راج"، وقالت: "إنها تلقت منه اتصالا هاتفيا عبر خلاله عن دعمه لها قائلا «ما بغينا ليكم غير الخير»"، كما عبر لها عن مساندة حكومته لكل الخطوات التي تقوم بها لأجل خدمة مصلحة المقاولة والعامل معا". 2013.. الإصلاح الجبائي واعتماد المُقايسة فبعد نحو 3 عقود من الإعفاء الضريبي، تمخضت أشغال المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات عن توافق بخصوص ضرورة إدماج القطاع الفلاحي ضمن النظام الجبائي عبر اعتماد منهجية تدريجية بهدف حماية مصالح صغار الفلاحين. هذا الإدماج ظهر في مشروع قانون مالية سنة 2014 عبر بداية تضريب الاستغلاليات الفلاحية الكبرى، ما أثار "حفيظة" نواب برلمانيين خصوصا بمجلس المستشارين، وكانت سببا، من بين أخرى، دفعت المعارضة بالمستشارين إلى التصويت ضد مشروع مالية 2014. حكومة بن كيران، وفي خطورة وُصفت بالجريئة من طرف البعض واعتبرها البعض الآخر استهدافا لجيوب المواطنين، اعتمدت نظام المقايسة الجزئية لأسعار المحروقات، في إطار مشروع كبير لإصلاح صندوق المقاصة نفسه باعتباره "ضرورة ملحة وعاجلة" للحد من ارتفاع تحملات هذا الصندوق والتحكم في تأثير تقلبات الأسعار الدولية على ميزانية الدولة. الخطوة اعتبرها الأستاذ الجامعي عمر الكتاني "حلا ومخرجا ماليا في إطار منظور تدريجي للاختلالات المالية المرتبطة بارتفاع نفقات وتحملات صندوق المقاصة"، ووصفه بالإجراء "الشجاع"، فيما قال الأستاذ الجامعي إدريس العباسي، أن اعتماده "يعد خطوة نحو الإصلاح". 2013.. تهافت الشركات البترولية على المغرب شكلت سنة 2013 بالنسبة للاقتصاد المغربي، سنة ازدياد عدد الشركات البترولية العالمية القادمة للاستثمار في التنقيب عن الذهب الأسود بالغرب، حيث انخرطت في سباق محموم ضد الزمن، انطلاقا من مؤشرات «واعدة». وسجلت السنة التي نودعها رقما قياسيا على مستوى عمليات التنقيب من خلال حفر 11 بئرا للاستكشاف بالمناطق التي يعتبرها شركاء المغرب، تضم احتياطيات محتملة من المحروقات، فيما تمت برمجة حفر 20 بئرا آخرى خلال السنة القادمة. وتهم أنشطة التنقيب والاستكشاف الخاصة بالمحروقات مساحة إجمالية تبلغ نحو 500 ألف كلم مربع وتغطي 11 عملية تفويت للاستغلال فوق التراب، و134 رخصة للبحث من بينها 82 بعرض البحر و8 رخص للاستطلاع من بينها رخصتين بعرض البحر. وتم خلال نفس السنة إنجاز دراسات زلزالية ثنائية الأبعاد على طول 1200 كلم وأخرى ثلاثية الأبعاد على مساحة 8500 كلم مربع، إلى جانب حفر ثلاث آبار من بينها بئر واحد في عرض البحر. ويكفي ذكر بعض أسماء الشركات العالمية المتهافتة على الاستثمار في المجال بالمغرب، مثل (شيفرون) و(طوطال) و(غالب)، إلى جانب شركات مستقلة مثل (جينيل إينرجي) و(كيرن إينرجي) و(كوسموس إينرجي)، لنعلم قدر الآمال المعقودة على اكتشاف البترول والغاز بالمغرب وما يمكن أن يكون له من انعكاس إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني. 2013.. سنة سياحية بالمغرب عرف القطاع السياحي بالمغرب خلال سنة 2013 انتعاشا مُهِما يؤكد عليه وزير السياحة الحسن حداد، ويبرزه عبر الأرقام المرصد المغربي للسياحة، مستفيدا في ذلك من "عدم الاستقرار"، الذي تعيشه بعض بلدان الجوار، وخصوصا تلك التي تنافس القطاع السياحي الوطني مثل تونس ومصر. ويؤكد لحسن حداد، وزير السياحة، على أن السياحة في المغرب عرفت خلال السنة التي نودعها انتعاشا، بحيث تزايد عدد الوافدين على المغرب مقارنة مع السنة المنصرمة، رغم عدم وجود أرقام دقيقة حول عدد السياح الذين زاروا المغرب سنة 2013. ويُبدي السياح ارتياحهم للخدمات المقدمة لهم، حسب ما أوضحه استطلاع للرأي أنجزه مرصد السياحة المغربية شمل حوالي ألفين سائح.