لم يكن الشاب المغربي، ياسين بحتي، يعلمُ أن تطوعه ضمن مجموعة من زملائه الطيارين إلى الإمارات العربية المتحدة، في سياق التعاون العسكري بين المملكة المغربية والإمارات، هو في الأصل تصريف أقدار ستقوده فيما بعد إلى نهاية مشواره في الطيران والاستشهاد في اليمن. وولد ياسين بحتي بمدينة المحمدية في السادس من غشت من سنة 1989، وبها دشن دراسته الابتدائية، قبل أن ينتقل إلى العاصمة الاقتصادية للمملكة (الدارالبيضاء) حيث أتم دراسته الابتدائية بمدرة "البخاري". وبالمدينةالبيضاء واصل دراسته في المستوى الإعدادي بإعدادية عبد الكريم الخطابي، قبل أن يُغادرها صوب المدينة الحمراء للالتحاق بالمدرسة العسكرية المتخصصة في الطيران العسكري، والتي أمضى فيها ثلاث سنوات، ليتجه إلى مكناس ومنها إلى بنجرير لإتمام دراسته في تخصص الطيران الحربي. وتخرج الفقيد ياسين بحتي ضابطا في القوات الجوية، وارتقى إلى رتبة ملازم وهو لم يتجاوز سن 26 عاما. ليلتحق بعد ذلك بالأسطول الجوي الذي وضعته القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية تحت إمرة دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة تنظيم "داعش". لكن الأزمة في اليمن، وتوسع مقاتلي جماعة الحوثي الشيعية في اليمن، سيدفع دولا خليجية وعربية إلى إنشاء تحالف أطلق عليه اسم "التحالف العربي لدعم الشرعية"، للوقوف إلى جانب الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي. التحالف سيُشارك فيه المغرب، وهو ما جعل ياسين بحتي يكون ضمن الطيارين المغاربة الذين يقودون مقاتلات مغربية تُشارك في غارات التحالف على مواقع الحوثيين في اليمن، فيما سُمي ب"عاصفة الحزم". ويحظى الراحل ياسين بحتي بسمعة طيبة وأخلاق عالية، ويتحدث عنه زملاؤه وأفراد أسرته بكثير من الاحترام والتقدير لتحمله هذه المسؤولية الصعبة وهو صغير السن. حكاية النهاية بروز اسم الملازم الفقيد، ياسين بحتي، سيبدأ مع إعلان القوات المسلحة الملكية المغربية، في 10 ماي الجاري، عن تحطم إحدى المقاتلات المشاركة في عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وهي طائرة من طراز "إف 16″. ونقل بيان للقوات المسلحة الملكية حينها أن الطيار الذي كان يقود مقاتلة أخرى إلى جاب مقاتلة بحتي لم يتأكد إن كان الراحل استطاع القفز من طائرته باستعمال المظلة أم لا. فيما تم التأكيد على أن سقوط الطائرة كان بسبب عطب تقني وليس بنيران معادية. لتبدأ معها التحقيقات، ويصدر بيان ثانٍ للمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية، يُؤكد أن لا دليل ملموس على مقتل الطيار المغربي وأن البحث ما زال متواصلا. وبقيت المعلومات التي تتداول بشكل واسع حول مصير الطيار من طرف المصادر الإعلامية المختلفة غير مؤكدة، إلى أن صدر بيان ثالث عن المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية يقول إن المغرب تسلم جثمان الملازم ياسين بحتي. جنازة الأبطال وتمت إقامة جنازة عسكرية للطيار الفقيد بالقاعدة الجوية للقوات المسلحة الملكية بمدينة سلا، حضرها أفراد من أسرته، إضافة إلى الجنرال بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة وقائد المنطقة الجنوبية، وعبد اللطيف لوديي الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني. ووُوري جثمان الطيار الفقيد ياسين بحتي بمقبرة الشهداء بمدينة الدارالبيضاء، بعد أن صلت عليه حشود البيضاويين صلاة الجنازة بمسجد التيسير.