شهدت ألمانيا ودول أوربية كثيرة، مظاهرات معادية للعرب خاصة، والمسلمين عامة رفع فيها اليمين المتطرف شعار"أوقفوا أسلمة أوروبا"، وهذا الشعار الذي تبنته حركة"بيجيدا" الألمانية العنصرية، يؤكد على أن المشكل لا يكمن في حرية"التعبير" المفترى عليها، إنه الإسلام بوضوح كدين وعقيدة يعتنقه أكثر من مليار، قد يخطئ البعض لكننا نرفض منطق العقاب الجماعي، أو تحميل الوزر لهذا الدين السمح دون غيره من الأديان، والمثير للانتباه هو ضخامة المظاهرات التي نظمتها حركة"بيجيدا" العنصرية، مما يؤشر على عودت أحزاب أقصى اليمين إلى تصدر المشهد السياسي ، و هذا رد فعل طبيعي من الجمهور الأوروبي بعد عملية"شارلي إيبدو" الإرهابية، لكن السؤال المطروح هو لماذا استهدف الإسلام كدين ثاني في أوروبا بعد المسيحية؟ وهل كل من دخل المسجد ويحمل إسم "محمد" وله سحنة سمراء يعد إرهابي؟ إن هذا الشعار المرفوع في المظاهرات يلخص المرحلة المقبلة،فرغم محاولة رئيسة الوزراء الألمانية"أنخيلا ميركل"، الخروج في مظاهرة مع الجالية المسلمة ، في خطوة جريئة لطمأنتهم والتأكيد على أن ألمانيا تفصل بين الإرهاب والإسلام كدين، لكن ومع الأسف الإعلام المضاد أقوى صوتا وأكثر حضورا من هذه التصريحات اليتيمة، وفي اعتقادي أن الأمر سيستغرق سنوات لترميم صورة المسلمين في أوروبا، بشرط التركيز على التواصل الثقافي والإعلامي الجاد مع الشعوب الأوروبية، ولقد أثمر تحرك المسلمين إعلاميا بعد مجازر العدو الصهيوني بغزة، فكانت مظاهرات قياسية مساندة للقضية الفلسطينية، فرضخت بذلك برلمانات كثيرة في أوروبا وصوتت لصالح استقلال فلسطين، ففي نظري يمكن لهذه العملية الإرهابية أن تأتي في سياق وقف تعاطف الشعوب الأوروبية مع القضية الفلسطينية خاصة، أو قضايا المسلمين بشكل عام وتعقيد عملية اندماجهم. إن هاجس تمدد الإسلام و نمو المسلمين السريع، يشكل عقبة نفسية للغرب المسيحي، لقد تم رفض تركيا كعضو كامل العضوية في الإتحاد الأوروبي، لكونها دولة مسلمة كبيرة العدد، حيث بلغ عدد سكانها في آخر إحصاء76 مليون و667 ألف و864 نسمة. كما أن الرئيس الفرنسي السابق"جاك شيراك" قال في رده على استبعاد تركيا من دخول الإتحاد:" إن الإتحاد نادي مسيحي ولن تدخله دولة مسلمة"، ومع الأسف فهذا التبرير يغذي مشاعر الكراهية ويخلق جو من التوتر تنعدم فيه الثقة، لهذا فشعار"أوقفوا أسلمة أوروبا" الذي رفعته حركة "بيجيدا" النازية، ينسجم مع الطرح الرسمي للدول الأوروبية، فعدد المسلمين بدول الإتحاد الأوروبي حسب آخر إجصاء2010هو 16 مليون نسمة، لهذا أتوقع أن تعاني الجالية المسلمة في أوروبا مشاكل كثيرة، وذلك بسبب صعود اليمين المتطرف الذي ينتعش بمثل هذه الأعمال الهدامة. لقد شهد العالم مراسيم دفن الشرطي الفرنسي من أصول جزائرية، حيث قتل مرتين الأولى ماديا بسبب الإرهاب، والثانية معنويا بسبب"الغياب" أي غاب وزير الداخلية الفرنسي وكبار موظفيه عن مراسيم الدفن، وحضر أقرباء الجزائري وبعض أصدقائه و عدد قليل من زملاء المهنة بصفتهم الفردية، مما خلف مرارة و شعور بالإهانة عند الجزائريين، لكن تخيلوا معي لو كان القتيل من "بني قريظة" فسيحضر الرئيس وحاشيته مرغمين وإلا اتهموا "بمعاداة السامية"..إن الأمر ليس غريبا عن دولة قتلت إبان الفترة الاستعمارية مليون ونصف من الجزائريين، فعندما تقتل المقاومة عسكريا أو ضابطا فرنسيا يلف بالعلم الوطني وتطلق قذائف المدفعية، وتخلع قبعات الرأس ثم توضع على صدر بهدوء ويخيم جو من الحزن، وقد تلقى كلمات تمجد"بطولته" في قتل المقاومين، لكن عندما تباد قرية مسلمة بكاملها تحفر لهم أخاديد ويؤخذ بأرجلهم وأيديهم"هوب" فيقذفون فيها، ثم تأتي الجرافة فتخفي أثر الجريمة. ملاحظة: فرنسا فازت بكأس العالم لكرة القدم بفضل أقدام الأجانب منهم"زين الدين زيدان" الجزائري الأصل. وانتصر جيشها على هتلر بفضل المغاربة وباقي الأفارقة فهل تتذكر فرنسا ودول الإتحاد فضل العرب والمسلمين في تحريرها وازدهارها، إن اليد العاملة الإفريقية الرخيصة والمكافحة بنت أوروبا من جديد بعد تدميرها في حربين عالميتين. فهل يتذكر الأوروبيين وحركة"بيجيدا" العنصرية صاحبة شعار"أو قفوا أسلمة أوروبا" ذلك؟ إن كان الجواب نعم فالمصيبة عظيمة وإن كان لا فالمصيبة أعظم، قال الشاعر الكبير المتنبي:"إذا أنت أكرمت الكريمَ ملكته ……..وإن أنت أكرمت اللئيمَ تمّردا" بالمعطي أش ظهرليك فهد الحريرة؟ أولي نكار الخير احرامي…. مسرور المراكشي [email protected]