البرادعي في فيينا وقيادات الإخوان في سجون مصر ومبارك يوشك أن يصبح حرا طليقا، هكذا بدا المشهد كئيبا في أرض الكنانة، ومازالت نيران الثورة الملتهبة يأكل بعضها بعضا. أما في أرض الشام، فالقلق والتنديد متواصلان اتجاه قتل الأبرياء بالسلاح الكيماوي، ودول تستطيع معرفة مكونات بُرازِك تدعي أنها لم تتأكد بعد من استخدام السلاح الكيماوي ومازالت تمهل النظام السوري فرصة مراجعة أوراقه على حساب فاتورة بشرية باهضة، وتونس تغلي لأن الشعب يريد اسقاط حكومة الشعب، ولبنان حبس أنفاسه على وقع السيارات المفخخة التي ضربت الشيعة تارة والسنة تارة أخرى. هل ضلت الثورات طريقها؟ الكل عرف كيف بدأت هذه الثورات، رفعت شعارات سلمية ضد الاستبداد: "إرحل"، وفعلا بدأ المستبدون يتساقطون تباعا كأوراق الشجر الميت، لكن أمواج هذه الثورات أفلحت في تغيير الوجوه، لكن النخب العميقة مازالت هي هي، لم تغير سوى مكانها منتقلة من منطقة الضوء إلى مناطق الظلمة. وَاهِمٌ من يعتقد أن التغيير سهل وقد يتم بين عشية أوضحاها، لانه بكل بساطة للاصلاح أعداء يتربصون به كما أن للفساد أعداؤه، والثورات التي بدات كبيرة ثم صغرت تحتاج إلى من يُعبِّد لها الطريق، فكيف يُقضى على الاستبداد في مجتمعات تنخرها الأمية، وفئة كبيرة من متعلميها هم أشباه متعلمون يقرأون الحروف ولا يَعُون الكلمات؟ كيف يقضى على الاستبداد في مجتمعات معظم مثقفيها وسياسييها انتهازيون أفكارهم ومواقفهم في أعلى عليين وأفعالهم ما لها من قرار؟ قدر المجتمعات الثالثية الأسود أن تيقى رهينة النخب الفاسدة، التي تعرف الحقيقة وتطمسها، وتئد الصالح العام لقضاء مآربها، لقد عكس الربيع العربي طموحات مكبوتة ورغبات في التغيير لم يكتب لها الازدهار، لكن ما بعد الربيع لم ينصف الشرفاء والمناضلين، بل أتاح للشعب أن ينقلب على الشعب، امتثالا لقول القائل: "أنا الشعب أنا الشعب لا أعرف المستحيلا". بعد الربيع أعطي الضوء الأخضر من جديد لعودة مسلسل الاستبداد بألوان الديموقراطية، وقد تحدثت وسائل الاعلام الجزائرية عن تسريبات تقول أن الرئيس الجزائري يعتزم تمديد حكمه لولاية رابعة، غير أن ظروفه الصحية لن تسعفه لتنشيط حملته الانتخابية !!؟