أن تكون «الحمير» المشهد الرئيسي في تظاهرة بشوارع الرباط مساء أول أمس الأحد وأن يطلق وصف «...» على رئيس الحكومة، تتمسك النخبة السياسية المغربية بانحدار مستواها، ليس فقط السياسي، بل والأخلاقي أيضا، وتؤكد «شرعية» نفور المواطنين من العمل السياسي. هذا الانحدار بالمستوى أو الانحطاط، تحدث عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل شهر تقريبا في خطاب متلفز، لكن يبدو أن النخب السياسية المتصارعة بالمغرب، باتت تفتقد حتى بعمق الغشارات الملكية وتحذيراتها. "الحمير" حضروا في مسيرة نظمها حزب الاستقلال احتجاجا على زيادة الحكومة أسعار المشتقات النفطية، وحضور الحمير والشعارات المرفوعة، حول المسيرة إلى تظاهرة للإساءة لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران وإطلاق النعوت عليها بألفاظ وتعابير، تكثفت خلال السنوات الماضية، وهوت باللغة السياسية إلى الحضيض. خمسة حمير، كتب على رأسها "واش فهمتني ولا لا"، وهي واحدة من أشهر عبارات عبد الإله بنكيران، كما تم إلباس هذه الحمير ربطات العنق تقدموا "مسيرة الكرامة" التي دعا لها حزب الاستقلال أولا الاحد وكان المشاركون بها يرددون شعارات من بينها ‘بنكيران يا حقير.. عاقت بيك الجماهير". والاكثر سخرية ان حزب الاستقلال يصف بن كيران بالديكتاتور وقادة الحزب يعرفون حدود صلاحياته وآليات تدبير الشأن العام بالمغرب التي لا تسمح لبن كيران ليس فقط ان يكون ديكتاتورا بل ان يوجه له "تهمة" الشطط باستعمال السلطة لأنه لا سلطة له. وفيما وصف حميد شباط زعيم حزب الاستقلال (المعارض) تظاهرته بالمليونية قال عادل بن حمزة أن عدد المشاركين تجاوز ال30 الفا وقالت مصادر الشرطة ان العدد لم يتجاوز ال6 الاف. وبغض النظر عن نجاح "مسيرة الكرامة" في الحشد أو عدمه فان مستوى التنظيم والشعارات واشراك الحمير جعل حزب الاستقلال محل نقد واسع، خاصة وأنه جاء بعد تصريحات لشباط يطالب بحل حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الاسلامية والحزب الرئيسي بالحكومة، باعتباره امتدادا مغربيا لجماعة الاخوان المسلمين. وقال شباط ان مسيرة الاحد خطوة أولى على درب مزيد من الاحتجاجات، "وهي خطوة تعبّر عن غضب الشعب المغربي من الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات، التي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة"، مطالبا الحكومة بالتراجع عن نظام المقايسة، الذي اعتبره "عاملا يهدد الاستقرار، وينذر بالكوارث على الشعب المغربي". وجدد شباط المطالبة بحلّ حزب العدالة والتنمية، لانه حزب "تابع لحركة الإخوان المسلمين في مصر"، وأوضح "نحن خرجنا من الحكومة لأنها حكومة غير شعبية، ورئيسها لم يلتزم بالبرنامج الحكومي الذي صادقت عليه الأحزاب الأربعة المكوّنة للحكومة في نسختها الأولى، وبدأ في تنفيذ برنامجه الخاصّ الذي هو امتداد لبرنامج "الخوانجية" في مصر" وباقي البلدان العربية، لأنّ القرار ليس بيده، بل بيد الحركة الدعوية، التي ترى أن حزب العدالة والتنمية هو فرع من فروعها، لذلك إما أن يكون الحزب حزبا سياسيا إلى جانب الأحزاب السياسية، أو أن يُحلّ، ويُنشيء حزبا يمتثل لقانون الأحزاب المغربي". وقال حميد شباط ان النزول للشارع في مسيرة "شعبية" هو من أجل الكشف عن "النصب والاحتيال من قبل الحكومة" وان أهم الدوافع التي دفعته للخروج للشارع للاحتجاج على الحكومة، هو "القرار الحكومي غير الشعبي المتمثل في الزيادة الثانية في أسعار المحرقات". وربط زعيم حزب الميزان في التصريح ذاته، علاقة خروجهم من الحكومة بخروجهم للشارع، بإردافه : "إن خروجنا من الحكومة إلى المعارضة، جاء نتيجة عدم التوافق حول طريقة إصلاح صندوق المقاصة"، مؤكدا بأن خروجهم من مكانهم الطبيعي في البرلمان إلى الشارع، يأتي من أجل "المحافظة على مكاسب الشعب المغربي". واستنكر عبد العزيز أفتاتي، قيادي حزب "العدالة والتنمية" ظهور حمار وعلى رأسه عبارة "فهمتيني.." في التظاهرة التي نظمها حزب "الاستقلال" مساء الأحد 22 سبتمبر، بشوارع الرابط احتجاجا على غلاء الأسعار، وهو ما استنتج منه أفتاتي الإشارة إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي اشتهر بعبارة "فهمتيني ولالا"، ووصف أفتاتي شباط ب"المتخلف"، وقال: "بعد التعبير بالحمير بقي التعبير بدار بريشة"، موضحا أن مقصوده بدار بريشة "البلطجة التي كان يمارسها أعضاء حزب الاستقلال ضد أعضاء حزب الشورى والاستقلال وكل من أراد الإنشقاق على الحزب داخل مقر بتطوان يدعى دار بريشة خصص لتعذيب كل من خالف قادة الحزب في آرائهم". واتهم أفتاتي شباط بالنزول بالممارسة السياسية إلى ما دون درجة الصفر وإلى الانحطاط الأخلاقي، داعيا حزب "الاستقلال" إلى إبداء موقف واضح مما جرى. وأضاف أفتاتي "اليوم حزب الإستقلال عليه أن يخرج عن صمته ويبدي موقفا واضحا وصارما ضد هذا الانزلاق الخطير والإسفاف الفظيع وفاء لروح الزعيم علال الفاسي"، وعزا أفتاتي إقدام شباط على ما أقدم عليه إلى "شعوره بالعزلة بعد أن فطن المواطنون بأجندته وبأنه مجرد واحد من كراكيز مسخرة لاستهداف أي مسيرة ديمقراطية قد تفضحه وتفضح أولياء نعمته". *المصدر: القدس العربي