طريق السمارة موريتانيا.. مشروع بأبعاد قارية يشق رمال المنطقة العازلة    منتدى يستنكر تطرف حزب "فوكس"    بنصغير وطالبي يتألقان في "الأبطال"    رسميا.. افتتاح معبر جديد بين المغرب وموريتانيا.. يمر عبر السمارة، مرورًا بأمكالة، وصولًا إلى بئر أم قرين داخل الأراضي الموريتانية    أمن طنجة ينهي نشاط مروج المخدرات القوية والمؤثرات العقلية بحي "البرانص" (صور)    الماص ينفصل عن المدرب أكرم الروماني    رشيدة داتي: زيارتي للأقاليم الجنوبية تندرج في إطار الكتاب الجديد للعلاقات بين فرنسا والمغرب    بعد تأجيلها.. تحديد موعد جديد للقمة العربية الطارئة    لقجع ولوزان يتفقان على تشكيل لجان مشتركة لتنسيق التحضيرات لكأس العالم 2030    الديوان الملكي بالأردن يكشف الحالة الصحية للملك عبد الله الثاني    وزير النقل الفرنسي يشيد بالتزام المغرب في مجال مكافحة انعدام السلامة الطرقية    إغماء مفاجئ يُنقل بوطازوت من موقع التصوير إلى المستشفى    توقيف شخص مبحوث عنه بطنجة بحوزته كمية مهمة من الكوكايين    هل تحتاج الدبلوماسية المغربية إلى بذل "جهد أكبر" في القارة الإفريقية؟    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    مصر تعلن إرجاء القمة العربية الطارئة بشأن غزة    سلامة طرقية.."نارسا" و "فيفو إنرجي المغرب" تجددان شراكتهما للفترة 2025-2028    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قضاة الفوج 47 يؤدون اليمين القانونية    القضاء الإداري يرفض طلب منع دخول وزيرة المواصلات الإسرائيلية للمغرب    في معقولية التفكير الفلسفي وطرافته التأويلية    توقعات أحوال الطقس ليوم الاربعاء.. امطار وثلوج بمختلف المناطق    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    استراتيجيته "مطارات 2030" بالمغرب    مجلس المنافسة يكشف عن ممارسات غير قانونية تضر بالسوق المغربي    حكومة بطولة محلية … قبل المونديال؟    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية :من أعلام الحركة الأدبية في سلا،نظرات في سيرة الشاعر أحمد السوسي التناني .    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وزخات قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    في أقل من 24 ساعة.. الجرار يُنهي حياة 3 أشخاص في العرائش والحسيمة    الداكي : المغرب فاعل دولي في مكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الانترنت    واشنطن وموسكو تفتحان قنوات الحوار برعاية سعودية    حماس تسلم 4 جثث و6 رهائن أحياء    إشادة بمبادرات الملك محمد السادس من المدير العام للإيسيسكو    ربطة العنق بين الشكل والرمز: قراءة في شيفرة الدبلوماسية    ملك الأردن يخضع لجراحة ناجحة    باها يستدعي 24 لاعبا لدوري دولي بسلا    السعرات الحرارية الصباحية تكافح اكتئاب مرضى القلب    بعد مراجعة رسمية.. أدوية الأورام والقلب تسجل انخفاضا في الأسعار    المؤتمر الوطني السابع للغة العربية يناقش موضوع السؤال اللغوي    قاضية التحقيق تنتهي من ملف زيوزيو وتحيله على المحاكمة    انطلاق رالي "Panda Desert Trophy" لسنة 2025: مغامرة فريدة من جبال الأطلس إلى صحراء المغرب    الحسين اليماني: أرباح مرتفعة في سوق المحروقات وأسعار غير مبررة    لبنان ينشر جيشه في قرى حدودية ويقرر التوجه لمجلس الأمن لإلزام إسرائيل بالانسحاب "الفوري" من الجنوب    المغرب يبرز مؤهلاته السياحية في حملة ترويجية ببكين    أخنوش: المغرب مستعد لتقاسم تجربته في السلامة الطرقية مع إفريقيا    كامل داوود يواصل تألقه الأدبي بفوزه بجائزة "اختيار غونكور الصين" عن روايته "حوريات"..    تحديد مواقع أولية لتسع سفن غارقة من الحرب العالمية الأولى على سواحل الأقاليم الجنوبية    جولة التعادلات تبقي الترتيب على حاله والكوكب المراكشي يواصل الصدارة    طنجة : جمعية البوغاز تستعد لإطلاق النسخة الثانية من معرض السيارات    "فيفا" يطلق منصة رقمية مختصة بتغيير الجنسية الرياضية    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    مباراة إثيوبيا ومصر بملعب العربي الزاولي بالدار البيضاء    الإصابة بالصداع النصفي .. الأعراض والتخفيف من الألم    فيروس "H5N1".. سلالة جديدة من إنفلونزا الطيور تنتشر    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البدء.. كان الربيع !
نشر في الرأي المغربية يوم 04 - 01 - 2015

ذاتَ أيّام من العام 2011، وعندما نزل بعض الشباب ثائرين غاضبين إلى الشوارع في أحَد البلدان العربية، والتي كانت معروفة بجَوِّ الاستبداد والقمع الخانق، مُطالِبين بالحُريّة والكرامة والعدالة الاجتماعية، أَطلَقت فئة من المثقفين والمحللين على تلك الاحتجاجات، التي ما فَتِئت تمتد إلى باقي الأقطار العربية كالنار في الهشيم، اسمَ ''الربيع العربي‘‘ (وهناك مَن أضاف "الديمقراطي").. ولم يكن يَدري العربُ حينَها، أن ربيعَهُم سيُحال بفعل فَواعِل إلى ''خريف‘‘ عاصِف، اجتثَّ معه الأخضر واليابس..
تسارعتِ الأحداث.. فالثوراتُ بطَبعِها خاطِفة؛ تَخلعُ حُكامّاً عن عُروشِهم وتُنصِّب مكانهُم آخرين في لمح البَصر، دون أن يفهم الكثير من الناس البواعثَ والملابَسات.. كذلك شأنُ فُصول السَّنة، تمرُّ متسارِعة، لا تدعُ فرصة للمرء أنْ يُحس بِسَراب الزَّمن وهو ينفلتُ من بين يَديْه..
في تونس، وعكس أوضاع باقي دول 'الربيع العربي‘ التي التَهمَتها نيران الحروب الأهلية أو انحدَرَت في مَزالِق العنف المضاد، كان الأمر مختلفاً تماماً؛ فقد أفرزت صناديق الزجاج صعودَ حزب "نداء تونس" – ذي التوجُّه العلماني- إلى قيادة بلاد ''ثورة الياسمين‘‘ على المستويَيْن التشريعي والتنفيذي.. صعودٌ لم يبقَ معه إلا التصديقُ والإقرار بحُدوث ما يُشبِه ''انقلاباً تونسياً ناعماً‘‘، كان خاتمةَ سلسلة من الانقلابات والثورات المضادة التي أعقَبت انتفاضات شعوب بعض الدول العربية في وجه الاستبداد والفساد..
أما مصر، فيبدو أن ''الانقلاب العسكري‘‘ (3 يوليوز 2013) على مكتسبات ''ثورة 25 يناير 2011‘‘، كان مُكتمِل الأركان والبُنيان، لا يَنقُصه إلا تَبرئة الرئيس المخلوع الطّاعن في السِّن والسياسة "حسني مبارك" ونجليْه ووَزير داخليَّته إضافةً إلى أطلال نظامٍ قديمٍ متهالِك، لم يكن ليَعودَ إلى تَصدُّر واجهة المشهد السياسي المصري لولا انقلابٌ دَمويّ، حَظِيَ بدعم الخليج ومُبارَكة الغرب وصمت بَقيَّة العالَم..
وبين تونس ومصر، ظلَّت ليبيا تتأرجحُ كالعَرجاء على حبال الثورة المضادة، التي يُمثلها بقوَّة على الأرض، مِليشيَّات انشقّت عن الجيش الليبي، في مُحاوَلة منها لاسترجاع الأمجاد الغابرة للزعيم "معمر القذافي"، الذي أَرْدَتهُ مواجهات ''ثورة 17 فبراير 2011‘‘ قتيلاً في بِركةِ دماء.. هذا، دون أن يَكتمل المشهد الليبي المأساوي بحضورٍ وازِن للقبائل الليبية المتصارِعة بالسلاح على كراسي السلطة، في بلادٍ تُعدُّ من أغنى الدول بالذهب الأسود؛ إذ ظلّت كل قبيلة -بعد الإطاحة بنظام القذافي- ترى في نفسِها هي الأجدَر لقيادةِ سفينة الانتقال الديمقراطي.. كما أن ليبيا لم تعرف إطلاقاً مفهوم "الدولة الحديثة" مؤسَّساتِيّاً إلا بعد ثورة فبراير؛ حيث إنَّ شعار ''الزعيم الواحد، القبيلة الواحدة‘‘، هو ما كان سائداً قبل هبوب نَسائم الربيع..
اليَمن، وهو البَلد العربي الخارجُ لِتَوِّهِ من شَرْنَقة "الوحدة" بين شَمالِه وجَنوبه، لن يَشُذَّ عن قاعدة "عَسكَرة الثورات الشعبية". ورغم الإطاحة ب"علي عبد الله صالح" وإمساك نائبه "عبد ربّه منصور هادي" بزمام السلطة في فترة انتقالية، سُرعان ما ستشهدُ تدخلات خارجية في الشأن اليمني، فإنّ العاصمة صنعاء ستَستفيقُ ذات يوم على إيقاع سقوطها في قبضة شيعة اليَمن (الحوثيّين)، المدعومين من طرف إيران.. ليَكون بذلك اليمن آخر أوراق ''الربيع العربي‘‘ الذابلة..
وتبقى سوريا جُرحَ الربيع النَّازف. بدأت ثورتُها سِلميّة، لكنها ما لَبثت أنِ استَعَرَت ناراً وَلَعْلَعَت رَصاصاً، لم يَعُد يُفرِّق بين العَدُوّ والصديق، بين الشيعي والسُّنّي، بين المسلم وغير المسلم، في طَقس تراجيدي دَأبَ على متابَعته البعيد قبل القريب .. ولكيْ يَكتمِل المشهد بؤساً ومأساويَّة، لا بأس أنْ يَطْفو –في منتصف يونيو 2014- على سطح الأحداث "تنظيمٌ إسلامي" مَغمور وُلد من رَحِم "تنظيم القاعدة"، لن يلبث طويلاً حتى يُعلن "أميرُه" مِن الموصِل (ثاني أكبر المدن العراقية) إقامةَ "دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام".. التنظيمُ، والذي سيَصيرُ نَجماً إعلامياً مشهوراً باسم "داعش"، لن يجد أدنى عناء في إزالة الحدود الفاصلة بين العراق وسوريا، في واحدةٍ من أبرز عمليات تغيير الجغرافيا والديمغرافيا في القرن 21، وهي الحدود المعمول بها منذ إقامتها سنة 1916، في إطار اتفاقية "سايكس بيكو" لتقسيم ''الإرث العثماني في المشرق العربي‘‘ بين فرنسا وبريطانيا ..
والواقعُ أنّ وقائع "الخريف العربي" قد أكَّدت بالملموس، حاجَةَ العرب الملِحَّة إلى إنضاج وعي جماعي -على مستويَيْ النّخبة والجماهير- بضرورة التغيير الشامل والجذري، بما يَحفظ للشعوب كرامتَها ويُعيد لها مكانتها المستَحَقّة بين الأمم، لا أنْ تقُوم الشعوب بأشباه ثَورات أو أنْصافِها، ثم تَقِف مَشدوهَةً أمام عودة الأنظمة التي لطالَما هَتفت مُطالِبةً برحيلها.. بل ومِن هَوْل الصَّدمة، قد تُصفِّق وبِحَرارة لِعَودتها !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.