عيد الفطر بمدينة طنجة، كباقي المدن المغربية، يحظى بأهمية بالغة ، عن طريق الإهتمام بعدة تقاليد وعادات راسخة في المخيال الشعبي لديهم، ويعد العيد من المواسم التي تعرف حراكا اقتصاديا ورواجا تجاريا قل نظيره، بالنظر لارتباط عيد الفطر بعنصر الفرحة والبهجة التي تتطلب العديد من الحاجيات التي سنحاول أن نتناولها في هذا الربورتاج حول عيد الفطر في عروس الشمال، بالإضافة لأهم صور العيد وتجلياته. 26 رمضان.. صيام وتزيين.. وتمهيد للعيد تمهيدا للاحتفالات التي تصاحب عيد الفطر، يعيش أطفال المدينة أجواء مميزة يوم 26 من رمضان، بعدما يقضون يوما كاملا وهم صائمون، وأغلبهم لأول مرة، بعدها يتوجهون بعد الإفطار لمجموعة من الأماكن في المدينة التي أضحت تخصص لتزيين العرائس والعرسان وأخذ صور تذكارية لأول يوم يصومونه في حياتهم. ويشكل هذا اليوم بالنسبة للأطفال، تمهيدا طبيعيا لفرحة العيد حيث يلبسون الثياب التقليدي، ويرتادون محلات التصوير ، وهو اليوم الذي يتهيا فيه الأطفال بشكل كبير لفرحة العيد القريبة جدا. العشر الأواخر من رمضان.. استعداد وحركية تجارية كبيرة الاستعدادات لعيد الفطر بمدينة طنجة تنطلق بشكل رسمي مع دخول العشر الأواخر من رمضان، حيث تتأهب الأسر الطنجاوية لتحضير الحلويات وكل ما يرتبط بمائدة الإفطار يوم العيد، ويجر هذا الأمر النساء الطنجاويات إلى اقتناء مستلزمات الحلويات وما صاحبها من مشتريات. ويحضر أيضا وبشكل كبير مع بداية العشرية لأخيرة من شهر رمضان المبارك، هاجس اقتناء الملابس الجديدة للأطفال الذين سيظهرون بحلة جديدة يوم العيد، وتصاحب هذه العملية في مدينة البوغاز، حركية تجارية واسعة في كل الأسواق، حتى أن بعض الاسواق في إحدى الاحياء الرئيسية ببني مكادة، تقوم بغلق الطريق تماما عن حركية السير، لتستفرغ لعملية الاتجار الواسعة التي تملأ المكان طيلة هاته الأيام. صباح العيد.. بركة الطَّبال..وأصوات حمد وشكر يطل يوم العيد بمدينة طنجة، على إيقاعات أصوات الطبول التي يجول أصحابها بشوارع المدينة، خاصة الشعبية منها، طلبا لما يسمونه ""ببركة الطبال"، حيث لا يبخل أصحاب البيوت في المن عليهم بدريهمات وقسطا من حلوى العيد، جزاء لهم على المجهود الذي بذلوه طيلة الشهر في إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور.. يفضل الطنجاويون صلاة العيد نساء ورجالا وأطفالا في بمساجد تتوفر على ما يسمونه ب"المصلى"، مرتادين المسجد في الساعات الأولى من الصباح، حيث يسمع من كل المساجد أصوات الحمد والشكر لله تعالى أن بلغ الصائمون ليوم العيد، فتسمع بصوت موحد المصلين وهم يرددون "الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا اللهم اجعلنا من الشاكرين"، فيررد الفريق الثاني العبارة ذاتها، في خشوع وترقب لصلاة وخطبة العيد.. فرحة العيد.. ابتسامات .. وتبادل للتحايا الخاصة بالعيد اعتاد الناس في مدينة طنجة بعد الصلاة، بالتصافح فيما بينهم في شكل قل نظيره في الأيام العادية، فتجد بعد انقضاء صلاة وخطبة العيد، يصطفُّ الناس في طابور طويل داخل المسجد وخارجه مستقبلين للتحايا الصادقة التي تنبع من الأعماق، مكررين لعبارات الدعاء المتبادل بالبركة والرزق والعمر المديد، "عيدك مبارك سعيد تْعيِّد وتْعَاودْ إن شاء الله، باش ما كتمنى إن شاء الله"، عبارات وأخرى يرددها الناس فيما بينهم أثناء التصافح والبسمة ترسم البهجة على محياهم. ومن فضائل التصافح يوم العيد، هو أن يلتقي فيه، من كان متخاصما ربما قبل العيد، فترى صور التسامح وعودة الصداقات القديمة لمجراها الطبيعي بين شباب الحي، ليبدؤوا صفحة جديدة في التواصل الإنساني النبيل، حتى أنه من عادات النساء في طنجة، أنهن يتجولن على البيوت في الحي وكذا الرجال متبادلين الفرحة فيما بينهم. لباس وحلاقة وجديدة.. ونظارات ملونة للأطفال الصغار من صور الفرحة يوم عيد الفطر بمدينة طنجة على غرار عيد الاضحى الذي له عادات أخرى، تجد كل الناس ترتدي أحسن الثياب، وتظهر على محيا الرجال علامات الحلاقة الجديدة،وكأنهم خرجو للتو من عند "الحلاق"، فكل الرجال يرتادون "الحجام"، الذي يعرف حركية كبيرة، في آخر يوم من ايام رمضان، حتى تبقى أمارات الأناقة ظاهرة على مُحياهم. فيما ترتاد البنات صالونات الحلاقة الخاصة بهم، محضرين ليوم العيد الذي يلبسون فيه "الجلابة" التي غالبا ما تكون قد اختاروا ثوبها بعناية أيام قبل دخول رمضان بعد اختيار الخياط التقليدي الذي سيصنع لهن أحسن "الموديل" لجلابة العيد. الأطفال تجدهم، وهم يلبسون النظارات التي تنتشر كالفطر يوم العيد، بمختلف الألوان، وهم الذين يتباهون فيما بينهم بحصص النقود التي يتوفرون عليها، و التي تسلموها من أقاربهم وذويهم، موفرين للباعة الذين يستعدون لهذا اليوم باقتناء عدة مستلزمات التي تدخل الفرحة على قلوب الأطفال، قسطا كبيرا من الاتجار عيد الفطر.. صلة للأرحام.. وتوزيع للنقود ما إن يحل مساء يوم العيد، بعد أن اجتمعت الأسر والجيران، على موائد الحلويات و"الرغايف"، متبادلين أطراف الحديث والمزاح فيما بينهم، حتى تجد شوارع المدينة منتعشة بحركية سير كبيرة، للأسر مرفوقين بالأطفال ذاهبين إلى أهليهم وعائلاتهم من أجل صلة الرحم. ومن عادات العائلات في مدينة طنجة، أن لا يترك الزائر للبيوت، طفلا واحد، إلا ويعطيه قسطا من النقود، بل إن بعض العائلات الطنجاوية لا تستثني من هذه العملية حتى الكبار ، الذين ينعمون بدورهم من تلك العطايا التي تبقى من العادات الراسخة في المجتمع الطنجي يوم عيد الفطر المبارك.