أولا تحية لكل الشرفاء والفضلاء وهم الأبطال الحقيقيون والوطنيون المخلصون الذين عبثا يحاول الانتهازيون والوصوليون والعملاء تلطيخ سمعتهم و تقزيم هامتهم وغير ذلك من العبث بهم وبإنجازاتهم الوطنية عبر التاريخ، ثانيا أنا لا أدعي نفسي محيطا بعالم العسكر...عددهم وعدتهم وعتادهم...رتبهم و قوانينهم فبالأحرى مهامهم وإنجازاتهم وصفقاتهم وبطولاتهم الحقيقية والوهمية...عالم غريب لا أدري عنه قديما إلا أن معظم الآباء والأبناء على السواء يرفضون الولوج إلى مهنه أو على الأصح يجعلونها آخر ما يفكرون في الولوج إليه،حتى أنهم كانوا يتبادلون البكاء والتعازي إذا ما كانت الخدمة العسكرية من نصيب أحد أبناء الأسرة ولو في إطار التجنيد الإجباري المؤقت،ولكن لا أدري لماذا أصبح هذا المجال اليوم من أول المجالات التي تحظى بإقبال شديد ولا يكاد المرء مهما كان مجدا يجد فيه مكانه إلا بالوساطة والدفع المسبق والامتحان الشاق والتدريب الأشق،عالم أصبح يحبه الجميع لا للملاحم والبطولات الوطنية والقومية المعتادة فيه عبر التاريخ،ولا حتى للرتب والنياشين والمغامرات وبقية الامتيازات ،بل ربما لشيء آخر لا يعرف طعمه وقيمته أو فداحته وفظاعته إلا من تمرغوا في أوحاله،وألصقت بهم سوء أحدوثته عبر التاريخ ؟؟. سأل الأستاذ تلاميذه عن المهن التي يفكرون في امتهانها يوما فأجاب جلهم وهم من المشاغبين الكسالى:"عسكري مثل بابا "،قال الأستاذ وقد تفاجأ بالجواب وبالإجماع:ولماذا العسكر بالذات؟. قالوا حسب زعمهم: "لأن العسكري هو الذي تكون له سيارة فاخرة،ويسوق به سائق خاص هو أيضا من العسكر،وله خدم وحشم من العسكر ومن غيره،بعضهم يذهب بالأولاد إلى المدرسة،وبعضهم يأتي ب"المدام" من الحمام،وبالخبز من"الفران"،العسكر هو الذي توضع إقامة فاخرة للسكن رهن إشارته،وإذا لم يكن اكترى منزلا في حي شعبي دون أن يسدد الواجب الشهري للكراء،حتى إذا ما رفع أصحاب المنزل ضده شكوى انتقل متفلتا إلى مدينة أخرى أو حي مجهول،ولا يخفى كذلك أن العسكر أيضا من قوة التنظيم هو الذي يستفيد دون غيره من أرفع المصالح الاجتماعية الخاصة والأندية الرياضية والمصحات الطبية والمخيمات الصيفية في أجمل الشواطئ والمنتجعات،أما عن ما سخاف منه من الذهاب إلى الحروب والتدخل في الأزمات،فالحمد لله على عهد السلام العالمي والقرية الكونية الواحدة،فلم تعد هناك حروب ولا حتى حدود اللهم ما كان بين المغرب والجزائر فك الله أوحالهما.وأما عن الأزمات الاجتماعية فقد أصبحت مزمنة كما تتحدث كل يوم عن كوارثها النشرات،و مع الأسف لم تعد تسعف فيها الأنظمة برمتها فبالأحرى العسكر أو بعض فيالقه،وأخيرا ربما يكون العسكري هو تلك البذلة الأنيقة التي اعتادت أن تخرق الصف والنظام أينما وجد بحجة أنه عسكري لا يليق به انضباط ولا انتظار خاصة مع المجتمع المدني وكأن شعاره "كاين شي صداع ولا نديروه"،مسألة واحدة لا تزال هي الأمل وهي أن مثل هؤلاء العناصر تكفي في ضبطهم وتربيتهم ورفع تجاوزاتهم ضد المواطنين شكوى أو فقط مكالمة واحدة إلى ثكنتهم وقيادتهم،فإذا بهم في أشد العقوبات التي لا يرحمهم منها أحد حتى يعود إليهم رشدهم ويعلموا أن الدنيا قانون وليست فوضى،وإن كان هذا القانون قد لا يجدي الناس أمام كبار العسكر الذين توهب لهم أفضل المزارع الخصبة والإقامات الفسيحة والشركات...،وغير ذلك من العتاد اللوجستيكي والتحصيني وكأنه كان لهم مغنما من الحروب التي خاضوها بجدارة في محاربة التخلف والفقر والتعاسة ؟؟. إن الأحداث الأليمة التي تعيشها مصر العربية فك الله أوحالها،جعلتني كالكثيرين أطرح العديد من الأسئلة الشرعية الملحة وكل الأسئلة اليوم شرعية وملحة،وعلى رأسها سؤال العسكر في حياتنا المعاصرة:"هل هناك علاقة بين العسكر والديمقراطية؟. هل لجيوشنا العربية عقيدة عسكرية وما الذي يحددها وما هي معالمها؟. وهل العساكر عساكر دولة وطنية مستمرة أم عساكر أنظمة طائفية قد تذهب وقد تأتي؟. ولماذا بعض الجيوش حملان وديعة على العدو وأسود كاسرة على الشعوب،تكاد تكون متخصصة في كسر ضلوع المواطنين المسالمين،وكأن هؤلاء المواطنين بشعاراتهم وهتافاتهم في المسيرات والتظاهرات هم العدو؟. كيف يحدد الخطر الاستراتيجي للعساكر العربية؟. لماذا يدعون أن مهمة الجيوش تكمن في حماية الحدود حتى إذا ابتليت منهم جيوش بحرب خليجية مثلا استدعت الأنظمة مرتزقة العالم وبلطجيته يحاربون عن جيوشها بالوكالة فلم يحموا الشعوب بقدر ما مكنوا في الأوطان للأمريكان؟.أين الدفاع العربي الموحد والمصير المشترك والعدو الإسرائيلي يعتدي غير ما مرة على شعوب فلسطين ولبنان والسودان ولا من يردعه،في حين تتباهى بعض جيوشنا بمشاركتها في البعثات الأممية لحفظ الأمن والسلام في العالم؟. ليس في الأمة وحدة اقتصادية وكان ينبغي أن تكون،وليس فيها تعاون جيواستراتيجي وكان ينبغي لها ذلك،لكن ماذا سيبقى لها من معاني الوحدة والأمة إذا أصبح قوم لا يبالي بآلام وآمال قوم وهم الذين يعتقدون أنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر،لا شيء إذا انفرطت وحدة العقيدة وهي الأس والأساس لكل تعاطف نفسي و تضامن عملي؟.لماذا يدعون أن الجيوش بعيدة عن السياسة وإذا بالجيش المصري الفرعوني ينقلب على الشرعية وعلى الديمقراطية وعلى الوحدة الوطنية والاستقرار والثورة بكل أبعادها الإصلاحية؟. وبأية ضغوطات وأجندات وبكم تمويلات وميزانيات وافتراءات وحملات شتى؟. وقد جالت بخاطري خواطر و تهافتت أمامي برامج وتساقطت تحليلات إلا تحليل أحدهم في قوله وهو يحاول كشف عمق نفسية العسكر ومزاجيته وفقدانه في بعض الأحيان حتى لآدميته:"يحتقر أبناء الذوات الكليات الحربية والأكاديميات العسكرية فينصرفون عنها لدراسة الآداب والحقوق واللغات والاقتصاد، لتبقى تلك الكليات الحربية والأكاديميات العسكرية مرتعا لأبناء الفقراء في القرى والبوادي بما تمنحهم من مأوى و داخليات وكسوة وأناقة ومنحة شهرية يأكلون منها ويرسلون إلى أسرهم المعوزة،مما جعلهم يحبون مهنة الموت والشهادة ويحبون المدينة أكثر بما وجدوا فيها من تقدم ومدنية وأندية الترفيه والمتعة والسعادة،مما جعلهم يحسون بأنهم أفضل من أبناء الذوات أو على الأقل مثلهم كالعادة،فقلت فيهم الغيرة والرغبة في الانتقام فساروا دائما منتظمين إلى الأمام،ولكن ما أن تخرجوا ضباطا وجينرالات وتكونت لديهم بعض الخبرة والتجربة ولو في الحروب الرملية والمناورات الوهمية مع فرنسا وأمريكا حتى تاقوا لقيادة الثورات والانقلابات بمختلف الشعارات،وإن هي إلا دوافع الجوع القديم والحرمان العميق كيف لا وأمامهم كل ثروات البلد في متناول أيديهم،وهات الملعقة والقدر واغترف"؟؟. قول عميق وجيه ولكنه سطحي بطبيعة الحال ورغم ذلك أجدني مجبرا على الاعتقاد به،وإلا فكيف تفسرون هذه القرارات والتصرفات الكارثية التي تسمى"شغل كبار"وهي لجينرال عربي من فصيلة"الضباط الأحرار"اسمه "السيسي" قاهر الكبار والصغار: 1- انحياز إلى الأقلية من الشعب ذات أجندة خارجية على حساب الأغلبية ذات المصلحة الوطنية. 2- عزل الرئيس المنتخب وضرب الشرعية والديمقراطية والانتخابات والمدنية ...عرض الحائط. 3- دعوة إلى تفويض الفتنة الطائفية لتقويض أسس الوحدة الوطنية والتعايش السلمي المعتاد بين الناس. 4- تنظيم حملة شرسة عشواء لهدر الحقوق وقمع الحريات:إعتقال القيادات وغلق الفضائيات ومنع التظاهرات... 5- قيادة حملات قتل عشوائي للمواطنين المحتجين سلميا في الميادين من أجل تحكيم الرشد وعودة الشرعية،ولم يشفع لهم صيامهم ولا صلاتهم ولا فجرهم...فأزهقت يد العسكر أرواحهم الطاهرة وأسالت دماؤهم الزكية ؟؟. 6- ويحدث كل هذا أمام الصمت الرهيب للمنتظم الدولي (عراب الديمقراطيات والحداثات)،وبتمويلات سخية لأنظمة الدولار والسولار في الخليج العربي ولم يكفيها أنها هي من خذلت غزة وشتت العراق وأصبح بعضها الآن مجرد قواعد جيواستراتيجية للأمريكان؟؟. وعود على بدء،ففي الرواية التاريخية الرائعة لنجيب الكيلاني رحمة الله عليه: "دم لفطير صهيون"، كانت حارة اليهود في دمشق تعرف تعايشا سلميا بين الديانات السماوية من مسلمين ومسيحيين ويهود، إلى أن تدخل الحاخام المتصهين والتاجر اليهودي الفاحش"داوود هراري" بحثا عن دم لفطره يوم عيد الصفح يستعيد به بعض قواه الجنسية وخوارقه التجارية لعله يرضي بها زوجته "كاميليا" الطائشة الخائنة المطيعة لزوجها في الظاهر واللاعنة لبخله وخرافته وأسلوب حياته في الباطن،فكان إزهاق دم القس المسيحي:" البادري توما " الذي استدرجه اليهود بغدرهم إلى الحارة قصد المساعدة في استشفاء إنساني فأزهقوا روحه وأسالوا دمه في جريمة تاريخية نكراء وعد فيها من وعد وأغري فيها من أغري وخدع من خدع،بحثا عن دم لفطير الحاخام الملعون ومن معه؟؟. واليوم قيصرنا "السيسي" أيضا على نهج الملاعين الطغاة الخونة يضيف إلى دم المسيحيين دم المسلمين ويجعله على رأس الدماء،دم الصائمين في ذكرى غزوة بدر،دم المصلين القانتين في صلاة الفجر،ولم يحكي التاريخ عن جرم شنيع مثل هذا حتى إبان أيام الجمر للغزو الاستعماري،عفوا هناك حالات مشابهة تكمن في مداهمات الصهاينة لبيت المقدس على المصلين للترويع والفتنة ومص الدماء؟؟.وعكس ما انتهت به الرواية الأدبية بكشف الحقائق الدينية الناصعة من الخرافات التلمودية المنحرفة،الشيء الذي جعل بعض الضالين من اليهود يتوبون عن غيهم وضلالاتهم ويرجعون إلى جادة الصواب فيعتنقون الإسلام دين الحق،فإن كارثة "السيسي" وطغمته،لا تزيد إلا في التعنت والاستفزاز والظلم والابتزاز،الدماء والأشلاء وغيرها من تبعات التبعية والخيانة والفساد والاستبداد،ولئن وجد "داوود هراري" من الصهيونية العالمية وسفراء القنصليات من ضغط له على والي مصر والشام آنذاك "محمد علي باشا" وعامله في سوريا"شريف باشا" إلى أن أخرجوه وزمرته من السجن بمحاكمة صورية منحت لهم براءة مزورة حتى لا تثبت التهمة عليهم وعلى ديانتهم المنحرفة؟؟. فإن "السيسي" كذلك وجد من المراكز العالمية والهيئات الأممية والفيالق الوطنية والأنظمة القومية والقنوات الإعلامية...،من يتستر ويدافع أو يفتري ويشوه و يرافع،ومن يدعم ويمول ويهنىء وينافح أو فقط يطرب ويرقص ويتحرش ويهلل ويطن أنه مكافح...؟؟. لكن الدماء "فضاحة" والأشلاء "نطاحة" والمعاني مفلسة جوفاء فارغة شوهاء وخداعة،الدم الأحمر القاني لون الحرية،والشلو الممزع الفاني لون التضحية،كل قطرة دم ثورة وألف ثورة وكل شلو ممزق قائد ملهم وألف قائد،وما دام دم الشعب رخيصا يهدر فليسقط يسقط حكم العسكر،فالفطير وهم عالق وسم زاعق والساعة مّرة مّرة حنظلة،ولا بديل عن الشرعية والديمقراطية والمعنى يا صاحب الجوقة والمغنى؟؟؟.وكل الأبطال إن سقطوا كأوراق الخريف...ففي الأجداث سينبتون آهات وأهات...وسيعودون في تلويحة الفجر الصادق...مشتعلين يحرقون زمن "التمرد"و"التفرد" و"التقرد" والردة والهوان...أنظروا إليهم إنهم قادمون...لا..لا..عفوا...عفوا...إنهم صامدون...أنظروا إليهم...إنهم يلعقون الدماء في ساحات الميادين...ينهضون من الثرى...يمسحون بريقهم كآبة الثكالى ويضمدون جراح الوطن...أنظروا إليهم...إنهم صامدون...ثابتون لا يفرون...كثيرون لا ينقصون بل يتكاثرون...إنهم إلى ربهم يدرعون ويتبتلون،وفي وجه الطغاة يصرخون: "يا رابعة شدي الحيل" اضرب خرطوش ومطاط *** مش حانسلم ولا حانطاطي العالي راح يفضل عالي *** والواطي راح يفضل واطي اضرب عالراكع والساجد *** واذبحنا في كل المساجد صامد شعبي المصري صامد *** شرقاوي سيناوي دمياطي اسمعها واسمعها يا سيسي *** شعبي بيهتف مرسي رئيسي وإنها لنصرة حتى الشرعية وإنها لثورة حتى النصر،وقد يسحق الطغاة وردة أو وردتين أو حتى ألفا أو ألفين،لكنهم أبدا لا يستطيعون إيقاف فصل الربيع وإبطال سحره في الأرض،فقط لأن كل شتاء يعقبه صيف وكل خريف يعقبه ربيع،وكذلك قضى الله في تعاقب الفصول وبزوغ نور النهار بعد ظلام الليل، فلماذا تبحثون من جديد عن بطولة وهمية عنوانها " دم لفطير السيسي " يا عساكر مصر العربية وليست ولن تكون بإذن الله "سيسية"؟؟؟.