امتدادا لمظاهر الرفض الشعبي المغربي للانقلاب العسكري في مصر، أدان مثقفون وباحثون وحقوقيون مغاربة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، في بيان يحمل اسم "بيان من أجل الحكم المدني"، معتبرين إياه محاولة يائسة لبقايا النظام القديم وباقي الأنظمة المستبدة في إفشال ثورات الشعوب التوَّاقة للحرية. وأعلن الموقعون على البيان تضامنهم المطلق مع شعب مصر الثائر ضد الانقلاب العسكري، ورفضهم لكل مظاهر الهيمنة والتحكّم والإقصاء والفكر الواحد في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. واعتبر البيان أن ما تشهده مصر "انقضاض على الثورة" ومحاولة للعودة إلى حكم العسكر والنظام الاستبدادي السابق "استغلت الطغمة العسكرية وبعض أعضاء الطبقة السياسية من فلول النظام السابق انتفاضة الشارع المصري ضد حكم الرئيس محمد مرسي لتتدخل متحالفة مع أطراف خارجية، للانقضاض على الموجة الثورية وتوجيهها إلى نفق مظلم، يدير فيه العسكريون دفة حكم يتصدر مشهده الأمامي مدنيون لا يملكون سلطة حقيقية للحفاظ على مكاسب الثورة ودفن النظام القديم". وأضاف البيان، الذي حصل موقع "الرأي" على نسخة منه، أن أحداث الانقلاب العسكري في مصر محاولة للإيقاع بثورات البلدان العربية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، "ضحية شراسة الثورة المضادة"، التي حذر الموقعون من أنها "ستأخذ مجتمعاتنا إلى متاهات بعيدة، ستتمزق فيها بين الفاشية العسكرية والتطاحن المذهبي والإيديولوجي والصراعات الدينية والتدخل الخارجي"، في إشارة إلى ما يمكن أن يترتب عن الانقلاب العسكري في مصر. ونبه المثقفون والحقوقيون المغاربة المنتمون إلى اتجاهات فكرية مختلفة، إلى أن تكلفة عسكرة المؤسسات والدولة ستكون أكبر من تكلفة "فشل الحكومات الموسومة بالإسلامية في إدارة المراحل الانتقالية"، مشددين على ضرورة تميز المراحل الانتقالية "بنوع من التوافق في بناء مؤسسات سياسية واقتصادية متينة، من شأنها تمتيع المواطنين بالاحترام، وتكريس الثقة فيما بينهم، واحترام إرادتهم، وحمايتهم من بطش السلطة أيًّا كان من يديرها". وأشار البيان، إلى أن إرادة ونباهة الشعب المصري، في نضاله ضد الثورة المضادة والنظام الذي قام عليها، ونجاحه في إفشال مساعيها، " سيفتح أفقا جديدا في وجه شعوب المنطقة، وسيمنحها الثقة في ذاتها وسيكون بداية لمد ثوري جديد يكرس المكاسب المحققة ويفتح المجال لبناء أنظمة سياسية ديمقراطية"، كما حذر المطالبون بالحكم المدني، من نجاح الانقلاب العسكري في القبض على السلطة، الذي قالوا إنه سيجهزعلى مكاسب ثورة 25 يناير "إذا ما نجح الانقلاب العسكري في القبض على السلطة وإعدام التعددية السياسية وحرية الإعلام اللتين كانتا أحد المكاسب العظيمة لثورة 25 يناير، فإن مجتمعاتنا ستدخل نفقا مظلما لا تعرف نهايته". ودعا البيان المتظاهرين الرافضين الانقلاب العسكري إلى الالتزام بأدبيات المقاومة المدنية وعدم الانجرار وراء دعوات العنف، لأنها "ستضر بقضيتهم العادلة لدى الرأي العام والدولي، وستمنح فرصة للعسكر ليحسموا المعركة بقوة السلاح لا بقوة الأفكار"، وطالبوا كافة المثقفين والباحثين والحقوقيين والإعلاميين الأحرار في بلداننا وفي كل بلدان العالم بالوقوف في صف "شعوب تطلب الحرية والديمقراطية والإنصاف، وتنوير الرأي العام المحلي والدولي حول الأبعاد الخطيرة للخطوة التي أقدم عليها العسكريون في تحالف واضح مع بقايا النظام القديم وأطراف خارجية متحالفة مع الأنظمة المستبدة القديمة". ووقع على البيان نخبة من الأساتذة والباحثين والمثقفين، من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية والمدنية بالمغرب، وكذا عدد من الوجوه الإعلامية المشهورة في البلد، أبرزهم المفكر العلماني أحمد عصيد، والصحافي توفيق بوعشرين مدير نشر جريدة أخبار اليوم، وعبد العلي حامي الدين القيادي في حزب العدالة والتنمية، والباحث عز الدين العزماني، والأستاذ الجامعي المعطي منجيب، والقيادي الإسلامي امحمد الهلالي، وغيرهم.