كتبت جريدة القدس العربي، واسعة الإنتشار، في عددها الصادر اليوم 5 يوليو الجاري، أن "الوضع الحالي المغربي والعربي هو تجلّ كاشف لصراع، تتحد فيه قوى الثورة المضادة العربية والاتجاهات العنصرية الغربية معاً لخنق الحراكات الشعبية ومعاكسة الاستحقاقات السياسية والتاريخية الملحّة"، مشيرة ان "الصراع الذي اعتمل في المغرب بعد الاستقلال، صراعاً بين منظومتين جغرافيتين تعبّر عنهما قوى أوروبا الديمقراطية ونظمها السياسية الحديثة، من ناحية، وقوى العالم العربيّ المستبدة ونظمه السياسية المتهالكة، من ناحية أخرى". وأكدت الصحيفة، أن اي "تغيّر سياسي في العالم العربيّ باتجاه مزيد من الديمقراطية والتحديث ومحاكمة الفساد وفتح أبواب الحرّية سينعكس في الغرب نفسه عبر الجاليات المغربية الكبيرة، وسيساهم في وقف المد اليميني المتعصّب وأشكال التطرّف الديني والسياسي العربية".
كما إعتبر المصدر، المنظومة المغربية الحاكمة، وفي قلبها المؤسسة الملكية، تحتوي هذا الصراع داخلها، مضيفا أنه وقد عبّرت، منذ استلام الملك محمد السادس الحكم في مثل هذا الشهر من عام 1999 عبرت هذه المنظومة، عن ميل متزايد للخروج بالبلاد من ذكريات "سنوات الرصاص" الأليمة، وتمثّل ذلك بعدد من الإصلاحات السياسية، وبالتعامل بذكاء مع الحراك الشعبيّ عام 2011، وبحكمة في التعامل مع الاتجاهات السياسية، بما فيها تيار "الإسلام السياسي" ممثلا بحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة حاليّاً، وهذا يشابه، إلى حدّ ما، سياسات المغرب الخارجية المتوازنة عربيّاً وإقليميّاً"، على حد تعبير صاحب المقال.
وأردف المصدر، في ذات السياق، ان هذا "الميل الإصلاحيّ والاعتدال السياسي والحكمة التي تميّز المؤسسة الملكيّة لا ينفي، من جهة أخرى، قوّة المنظومة العربية داخل «المخزن» المغربيّ، ووجود اتجاه يكره الإصلاحات ويميل للاستبداد ويتمنى عودة «سنوات الرصاص» والقمع والبطش ضد المعارضة والشعب".
و أبرزت القدس العربي، أن "طرق التعامل مع "حراك الريف" المتأجج حاليّاً شهد أشكالا كبرى تعبر عن هذين الاتجاهين الكبيرين في المغرب فتصاعدت الاعتقالات والعسكرة والضغط على الأحزاب والجمعيات لتأييد اتجاه البطش بالمتظاهرين والمعتصمين"، بالإضافة إلى ما وصفه المصدر ب"تمرّد قواعد الأحزاب وتعاطفاً شعبيّاً وسياسيا وإعلاميا مع الحراك وتوسّعاً متزايداً للاحتجاجات ودخول دول ومؤسسات غربية على خطّ نصح النظام بوقف القمع واعتماد خيار الاستماع للجماهير وتنمية المناطق المهمشة بدل المحاولة العدمية لكسر المعارضة".
وإعتبر المصدر أن هناك "إشارات كثيرة تدلّ على أن الملك محمد السادس يتّجه، كما فعل سابقا، إلى تسوية الأزمة واحترام مطالب شعبه"، وزاد أن هناك إمكانية إلقائه لخطاب ذكرى استلامه العرش في 23 من الشهر الجاري في مدينة الحسيمة، التي انطلقت منها الاحتجاجات وهو أمر سيكون، بالتأكيد، إعلاناً جديداً عن الحكمة المغربية وابتعاداً حثيثاً عن سنوات الرصاص.