قالت الحكومة المغربية أمس الثلاثاء إنها أحالت تقريرا أعدته هيئة رسمية عن مزاعم بتعرض ناشطين اعتقلوا على خلفية أحداث "حراك الريف" في شمال المغرب المتوتر منذ ثمانية أشهر إلى النيابة العامة. ووصف متابعون للشأن الحقوقي في المغرب تلك الخطوة بأنها اعتراف رسمي بوجود حالات تعذيب في هذا الملف. وقالت وزارة العدل المغربية في بيان إنه "بخصوص تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان(هيئة حقوقية رسمية) بشأن الخبرات الطبية المنجزة حول بعض المعتقلين على ذمة القضية المحال على الوزارة فإن وزير العدل وفور توصله بهذا التقرير أحاله على الوكيل العام للملك(النيابة العامة) لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة."
وأضافت أن الهدف من ذلك هو "ضم هذه الخبرات لملفات القضايا المعروضة بعضها على قاضي التحقيق والبعض الآخر على المحكمة لاتخاذ المتعين قانونيا." وكان تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد تسرب يوم الاثنين إلى الصحافة أعقبه بيان للمجلس عبر فيه عن "استغرابه لعملية التسريب الجزئي التي تمت لوثيقة حرص المجلس أن توجه حصريا إلى الجهة المعنية."
وأضاف المجلس أن "العمل الذي أنجز من قبل الطبيبين الخبيرين يندرج ضمن وسائل لإنجاز تقاريره حول مثل هذه الأحداث ولذلك ليست تقارير نهائية تمثل موقف المجلس وما تحصل عليه من قناعات بناء على التحريات والأبحاث والمقابلات والمعاينات التي تنجزها فرق عمله ميدانيا." وتفجر ما بات يعرف باسم "حراك الريف" في أواخر أكتوبر تشرين الأول الماضي بمدينة الحسيمة شمال المغرب عندما قُتل بائع السمك محسن فكري سحقا داخل شاحنة للنفايات عند محاولة استرجاع بضاعته المصادرة.
وأسفرت المظاهرات في الحسيمة والمدن المتضامنة معها عن اعتقال العشرات من النشطاء. والاحتجاجات نادرة في المغرب الذي نجا من تبعات ثورات "الربيع العربي" في 2011 و يقدم نفسه كنموذج للاستقرار في المنطقة.
واعتبر أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومبادرة وزارة العدل "بادرة طيبة في الاعتراف بالتعذيب والتعاطي معه بطريقة ايجابية." وأضاف في تصريح لرويترز "هذا ما يجب القيام به بدل الرد السريع ونفي مزاعم التعذيب..لا بأس أن تعترف الدولة بحصول تجاوزات قامت بها السلطات في التعامل مع الحراك."
وقال "بما أن تقرير المجلس ليس نهائيا لا يمكن أن نستبق الأحداث علينا أن ننتظر ونلتقط الإشارات الايجابية والسلبية." ومن جهته أشاد سعيد بلمحان المحامي عن عدد من معتقلي الحراك بهذا التقرير وقال لرويترز إن حقوقيين ومحامين وقفوا على "حالات التعذيب الجسدي والمعنوي وممارسات حاطة بالكرامة خلال زيارتنا للمعتقلين كما عاينوا آثار الضرب وان لم تكن بادية جدا لكن المعتقلين أكدوا لنا ذلك."
وكان رئيس الحكومة المغربية قد أكد الأسبوع الماضي "على ضرورة الاحترام التام للمساطر القضائية التي تنظم المحاكمة العادلة وفتح التحقيق والبحث في أي ادعاء بسبب التعذيب." وأضاف "بلغ عدد طلبات الفحص المرتبطة بالخبرة الطبية على مزاعم التعذيب 66 طلبا".