يعتبر الفنان المغربي محمد ملال من أصحاب المواهب الفنية التي ظهرت مبكراً، هذه الموهبة التي تجلت من خلال البيئة الريفية وتعبيراتها وجمالياتها، والتي أظهرها بأبسط الوسائل تقنية (الأقلام الرصاص والأقلام الجافة)، وتبدو شخصيته الفنية من خلال الدراسة الأكاديمية وعمله كمدرس للفنون، فالمهارة التقنية واتساع الرؤية الجمالية حعلت من لوحاته تشكيلاً لافتاً للقطات من الممكن أن تتعود العين عليها، فتبطل دهشة إدراكها، لكنه يصر على هذه الدهشة أن تتحقق. بداية تتوزع أعمال ملال بين اللوحات الانطباعية والواقعية والكاريكاتيرية والتجريدية، ويعود ذلك إلى ممارسته الطويلة لتدريس الفنون التشكيلية. فتبدو الجدة والطرافة في هذه الأعمال، مما ينقذها دوماً من الغرض أو الضياع في آفة التكرار والروتين التشكيلي. فنجد على سبيل المثال .. المرأة الأمازيغية بجمالها المثير، وزيها الفريد والمميز، وبحركاتها وتنقلاتها اليومية في الحقل والمنزل. كذلك البحث عن كينونة وهوية العلاقات الإنسانية وهذه البيئة التي يعرفها الفنان ويستكشف أسرارها. إضافة إلى البورتريهات المعبرة للمرأة الأمازيغية، لتطل علينا بوجهها الجميل محاطاً بحلي أو مناديل تهبها خصوصيتها وفرادتها. لم تفلت التقاليد والأعراف من مخيلة الفنان، بل أصبحت هي وقود المخيلة والمحرك الأساسي لها، فنرى المظاهر الاحتفالية والمناسبات .. القصبة بطرازها الأمازيغي الحامل لعراقة تاريخ المغرب بعمرانه الخالد الذي يأبى النسيان. وتأتي وفق اختيارات جمالية ذاتية خاصة، فأحيانا تجدها منتصبة وسط محيط طبيعي تتكامل جماليتهما، مما يجعلها مثيرة للحس وفضول معرفة أسرار جماليتها وتكويناتها. وأحيانا يكتفي بالتركيز على جزء منها، يراه أهلا بأن يحمل ملمحا جماليا مائزا. علاوة على ذلك يبرز ملمحها الجمالي عبر الفصول وعبر تغير الأجواء التي تضمها. كما تبدو الطبيعة التي يقدمها الفنان بتقنيات وأصباغ متنوعة، وهو تنوع يسري على كل أعماله، فهو يرسم بالاكليريك، بالأقلام الجافة، بالأكواريل والألوان الزيتية وغيرها. وفي كل يبرز المقاييس الجمالية المعتمدة أكاديميا. ولا يخفى كون كل أعمال هذا الفنان زاخرة بالتحكم في وضع الإضاءة والظل، بإيقاع موسيقي يتناسب مع طبيعة وموضوع كل عمل من هذه الأعمال.