تواصلت حركة الاحتجاجات في شمال المغرب حيث وجدت السلطات، التي اعتمدت الخيار الامني، ان هامش المناورة لديها يضيق وانها لم تعد قادرة على استيعاب الغضب الشعبي، كما قالت الصحف المحلية. وجرت تجمعات في مدينة الحسيمة وبلدات اخرى مطالبة باطلاق سراح ناصر الزفزافي زعيم هذا “الحراك”. وافاد مراسلون صحافيون ان عدد المتظاهرين بلغ بضع مئات وكان اقل من الليالي السابقة، والسبب كثافة حواجز الشرطة في المدينة وانتشار قوات مكافحة الشغب على امتار من المتظاهرين في حي سيدي عابد.
ومنعت نساء كن يشاركن في تظاهرة منفصلة من الوصول الى التجمع الاساسي للمتظاهرين، وتفرقت التظاهرة مثلما يحصل منذ اسبوع قبيل منتصف الليل من دون حوادث تذكر.
وقالت صحيفة “ليكونوميست” في عددها الاحد “هناك توازن قوى في شوارع الحسيمة، حيث يقف من جهة المتظاهرون مع مطالبهم المتعلقة بالعمل والصحة والتربية، وقوات الامن من جهة اخرى”، معتبرة ان الاعتقالات كانت بمثابة “ذخيرة” للمتظاهرين.
واعتقلت السلطات المغربية منذ السادس والعشرين من ايار/مايو ناصر الزفزافي وابرز الناشطين في “الحراك”. ومثل نحو عشرين منهم امام النيابة العامة في الدارالبيضاء بعدما اوقفوا بتهم “ارتكاب جنايات وجنح تمس بالسلامة الداخلية للدولة وافعال اخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون”.
ومنذ سبعة اشهر تحولت مدينة الحسيمة الى معقل لحركة الاحتجاج التي تطالب بانماء منطقة الريف في شمال البلاد والمعروفة تاريخيا بانها متمردة.
وبمعزل عن بعض المواجهات التي حصلت في الحسيمة قبل اسبوع وفي بلدة مجاورة للحسيمة الجمعة فان التحرك حافظ على “سلميته” كما يشدد منظمو هذا التحرك.
وافادت صحيفة “ماروك إبدو” في عددها الصادر الاحد ان الاحتجاجات تتوسع لتشمل مناطق جديدة. وقالت “ان الاعتصامات وتظاهرات التضامن جرت في نحو 15 مدينة”، متسائلة عن “كيفية العمل لتجنب الاشتعال”.
وكتبت صحيفة اخبار اليوم المغربية “ان جرح الريف اصيب بالتهاب بسبب اهماله، والوعود بتحقيق تقدم تحولت الى تهديدات بملاحقات قانونية”، معتبرة ان “الوضع يتفاقم يوما بعد يوم”.
الا ان الحكومة اكدت ان “ابواب الحوار لا تزال مفتوحة”، في حين من المقرر ان يشرح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت الوضع في منطقة الريف امام البرلمان الثلاثاء.
لكن المتظاهرين لا يزالون متمسكين بمطالبهم ويبدون خشيتهم من الممارسات “البوليسية” للدولة، ويرفضون اي وساطة من المسؤولين المحليين في المدينة الذين يعتبرونهم فاسدين.
وافاد صحافيون ان الكثير من المتظاهرين باتوا يطالبون العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتدخل، وهو ما قامت به والدة الزفزافي لاطلاق سراح ابنها المعتقل.
وكتبت “ماروك ابدو” متسائلة “هل نحن امام سيناريو منقح لما حصل في العشرين من شباط/فبراير 2011″ عندما انفجر تحرك شعبي اخاف السلطات كثيرا في بداية ما سمي بالربيع العربي.
وقالت الصحيفة ان هناك نقاط تشابه بين تحرك اليوم وتحرك العام 2011 “حيث ان المتظاهرين لا يشعرون بانهم ممثلون لا بالحكومة ولا بالمعارضة وبالتاكيد ليس بالممثلين المحليين والنواب”.
وقالت اسبوعية “تل كيل” ان “شبان الريف والمسؤولين عن الحراك لا يثقون باي شخص باستثناء الملك”.
واعتبرت الصحيفة ان “المواجهة الحالية تذكر بما حصل في العشرين من فبراير 2011″، محملة المسؤولية “لبعض الهيئات العليا في السلطة التي تعمل على خنق التحرك (…) واهانة الطبقة السياسية”.
وختمت الصحيفة قائلة “يبدو ان الملك هو الوحيد الذي يملك وسائل تهدئة الوضع″. وكتبت في عنوان رئيسي لها “الشعب يتوجه الى الملك”، متسائلة “هل سيتدخل؟”