دليل جديد يتوخى توعية المغاربة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب    مركز في بني ملال يحتفل بالمرأة    اليسار ينتقد عمليات الهدم بالرباط ويطالب السلطات ب"احترام القوانين"    غضب شعبي يجتاح سوقا بصفرو    الرجاء يقلب الطاولة على "الكوديم"    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    يوعابد : هطول الأمطار بأرجاء المغرب أنهت نصف شتاء من العجز في التساقطات    حركة بيئية تحذر من التنخيل بالرباط    الأمطار الغزيرة تعري هشاشة البنية التحتية بمقاطعات الدار البيضاء    أمطار قوية ورعدية الثلاثاء بالمغرب    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    مسرحية "الرابوز" تمتع جمهور الناظور    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    جماعة بني بوعياش تنظم ورشة لإعداد برنامج عمل الانفتاح بحضور فعاليات مدنية ومؤسساتية    بعثة تجارية ألمانية لتعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الفواكه والخضروات    الرجاء يقلب الطاولة على النادي المكناسي ويحسم المباراة في الدقائق الأخيرة    طنجة.. توقيف شخص متورط في السرقة تحت التهديد بإشعال النار من داخل وكالة لتحويل الأموال    توقيف طبيب وشخص من ذوي السوابق ببركان للاشتباه في ترويج المؤثرات العقلية    بركان.. توقيف طبيب وشخص من ذوي السوابق بتهمة ترويج المؤثرات العقلية    بوعياش تحظى بدعم إفريقي لرئاسة التحالف العالمي لمؤسسات حقوق الإنسان    المغرب وفرنسا يوقعان إعلانا مشتركا لتعزيز التعاون القضائي والقانوني    بعد استهدافها بهجوم إلكتروني.. لجنة مراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ترد    الرئاسة السورية تعلن توقيع اتفاق مع الأكراد يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية في مؤسسات الدولة    شفشاون تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية.. وهذه توقعات الثلاثاء    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    وزارة السياحة: المغرب يستقبل نحو 2,7 مليون سائح عند متم فبراير    ندوة صحفية لوليد الركراكي الجمعة    زيلينسكي يصل جدة للقاء ولي العهد    "تساقطات مارس" تحيي آمال المزارعين في موسم فلاحي جيد بالمغرب    دراسة أمريكية.. قلة النوم تزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم لدى المراهقين    حماس تقول إن إسرائيل "تواصل الانقلاب" على اتفاق الهدنة في غزة    تأجيل اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب كان سيناقش وضعية صندوق الCNSS بعد اتهامات طالت رئيستها    فالفيردي يصل إلى 200 مباراة في "الليغا"    فتح باب الترشح لنيل جائزة التميز للشباب العربي 2025 في مجال الابتكارات التكنولوجية    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "البيجيدي" يطلب رأي مجلس المنافسة في هيمنة وتغول "الأسواق الكبرى" على "مول الحانوت"    من وهم الاكتفاء الذاتي إلى استيراد مليون رأس غنم بشكل مستعجل! أين اختفت السيادة الغذائية يا تبون؟    حقيبة رمضانية.. فطور صحي ومتوازن وسحور مفيد مع أخصائي التغذية محمد أدهشور(فيديو)    كيف يتجنب الصائم أعراض الخمول بعد الإفطار؟    قلة النوم لدى المراهقين تؤدي إلى مشاكل لاحقة في القلب    هَل المَرأةُ إنْسَان؟... عَلَيْكُنَّ "الثَّامِن مِنْ مَارِسْ" إلَى يَوْمِ الدِّينْ    غاستون باشلار وصور الخيال الهوائي :''من لايصعد يسقط !''    في رثاء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    نهضة بركان على بعد خطوة من تحقيق أول لقب له بالبطولة    كندا.. المصرفي السابق مارك كارني سيخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء    الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من آيات الحفاوة والدهشة
نشر في الرأي المغربية يوم 03 - 09 - 2014

تشهد إسرائيل هذه الأيام محاكمة سياسية وإعلامية واسعة النطاق لرئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان وأجهزة الاستخبارات، وكل مسؤول مدني أو عسكري آخر كانت له صلة بالحرب الفاشلة على غزة، التي لم تحقق شيئا من أهدافها في نظر الناقدين. صحيح أن هناك أصواتا أخرى في معسكر نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون تتحدث عن انتصار حققته إسرائيل، ولكن المؤرخ والمعلق العسكري أوري بار يوسف كتب في يديعوت أحرونوت متسائلا: إذا كان ذلك هو الانتصار فكيف تكون الهزيمة؟ وكتب اير اورن في هاآرتس العبرية مطالبا بإخضاع نتنياهو للمساءلة بعدما اتهمه بالكذب، كما طالب بتعيين رئيس جديد للأركان في أقرب وقت لكي يستعيد الجيش الإسرائيلي ثقته بنفسه بعدما اهتزت عقيدته العسكرية. وأبدى دهشته من أن أكبر وأقوى جيش في المنطقة واجه تحديا من 15 ألفا من مقاتلي حماس طوال خمسين يوما. ووصف ما جرى في تلك المواجهة بأنه «ليس سقوطا ولكنه انهيار».
المعلق السياسي بن كاسبيت تساءل في برنامج بثته الإذاعة العبرية العامة قائلا: أين دور سلاحنا الجوي الأعظم ذي القدرة الهائلة، ولماذا لم يحسم الأمر؟ ولماذا لم توفر استخباراتنا ذات الشهرة الفائقة المعلومات الكفيلة بتوجيه ضربات قاصمة لحماس؟
في الوقت ذاته تحدثت يديعوت أحرونوت عن استبدال قائد فرقة غزة في الجيش ميكي ادلشتاين ونقله إلى النقب بعد فشله في الحرب على غزة، وتعيين ضابط بديل له اسمه ايتاي فيروف. ونقلت القناة العبرية الثانية أن الجيش سيجري تحقيقات في أداء وحدة «جفعاتي» في رفح (وحدة النخبة المقاتلة في جيش إسرائيل) وذكرت صحيفة «كلسكليست» الاقتصادية أن الجيش طلب زيادة ميزانيته العسكرية بمبلغ عشرة مليارات شيكل خلال السنوات الخمس القادمة، لتطوير كفاءته العسكرية بعد الدروس التي استخلصها من تجربة الحرب الأخيرة على غزة.
المناقشات لم تقف عند نقد أداء رئيس الحكومة والجيش والاستخبارات، وإنما المناقشات تناولت أيضا أخلاقيات الجيش الإسرائيلي بعد المجزرة التي أحدثها في مدينة رفح، جراء تطبيقه لما يعرف ب«بروتوكول هنيبعل» الذي يقضي بمنع اختطاف أي جندي إسرائيلي حتى إذا اقتضى ذلك استخدام النيران بما لا يؤدي إلى موت المختطف. ولكن التطبيق العملي ذهب بعيدا في إحباط أي عملية اختطاف إلى الحد الذي أدى إلى التضحية بحياة الإسرائيلي المخطوف. على الأقل فذلك ما حدث في رفح أثناء الحرب الأخيرة. إذ شكت القيادة الإسرائيلية في أن أحد الضباط هدار جولدن وقع في أسر الفلسطينيين واختطف. فتم قصف مئات البيوت وتدمير حي كامل في رفح على ساكنيه بأكثر من ألف قذيفة مدفعية، بالتوازي مع قصف عنيف للطيران الحربي. وأرادت إسرائيل بذلك إقامة منطقة معزولة ظن الجيش أنه يمكن أن يتواجد الضابط فيها. وحرص على ألا يتمكن أي شخص من الخروج منها أو الدخول إلىها. وفي حدود ما سمحت به الرقابة العسكرية الإسرائيلية ونشرته صحيفة «هاآرتس» فإن مقاتلين فلسطينيين هاجموا موقعا للجيش الإسرائيلي في أحد أحياء رفح، الأمر الذي أوقع قتلى من الجانبين إثر تبادل النيران الكثيفة بينهما. وعندما اقترب الإسرائيليون من موقع الحادث فإنهم رأوا ثلاث جثث اثنتين منها لإسرائيليين، أما الثالث فقد اكتشفوا أنها لمقاتل فلسطيني خدعهم بارتداء زي عسكري إسرائيلي. وحينذاك أيقنوا أن زميلهم هدار جولدن تم اختطافه، ففتحوا النار الكثيفة في كل اتجاه ولم يترددوا في تدمير الحي كله لإحباط عملية الخطف.
المجزرة التي أحدثت ردود فعل سلبية في العالم الخارجي وفتحت الباب لمناقشة أخلاقيات الجيش الإسرائيلي. فقد استهجن ما جرى المعلق في «هاآرتس» تسفي بارئيل وكتب قائلا إن الإسرائيليين تنفسوا الصعداء مرتين أثناء الحرب. حين أقر الجيش إعلان موت الجندي اورن شاؤول وحين أعلن موت الضابط جولدن، حتى بدا وكأن الإسرائيليين شعروا بالانتصار وليس الحزن، لأن حماس لم تنجح في خطف الجنديين. وبذلك تكون الدولة قد نجت من صدمة مضاعفة. ومن تظاهرات إعادة المخطوفين واحتجاجات ذويهم، وتظاهرات أخرى ضد صفقات تبادل الأسرى. الأمر الذي يعني أن الإسرائيليين أصبحوا يفضلون جنودا قتلى على أسرى أحياء. ووصف الكاتب بروتوكول هنيبعل بأنه «منتج مشوه وشيطاني»، يعني أن يموت العالم ومعه الجندي المخطوف، لأن الأهم هو ألا تشعر إسرائيل بالخزي والحرج.
معلق الشؤون الخارجية روبن برجمان كتب قائلا إن الالتزام بالبروتوكول يعني أن الدولة تفضل أن يقتل الجندي على أن يقع في الأسر سليما معافى. ووصف المعلق أوري عراد في موقع «واينت» البروتوكول بأنه جريمة أخلاقية تنبع من وجهة نظر فاشية تعطي الأولوية للدولة على الفرد. ولا تحترم في ظله حياة الفرد الذي يعرض نفسه للموت دفاعا عن دولته.
أثار انتباهي في تلك المناقشات أمران، أولهما أصداء الصدمة التي أحدثتها لأول مرة بسالة المقاومة الفلسطينية وارتفاع قدرتها القتالية في داخل إسرائيل. الأمر الثاني أن ذلك كله قيل بحق الحكومة والجيش دون أن يتهم القائلون بتهديد الأمن القومي أو الإساءة إلى رموز الحكم ولا إهانة القوات المسلحة ولا النيل من هيبة الدولة وإسقاط نظامها. وقد سرب إلى الأمر الأول شعور بالتقدير للمقاومة، أما الثاني فقد أصابني بدهشة تلازمني طول الوقت.المعلق السياسي بن كاسبيت تساءل في برنامج بثته الإذاعة العبرية العامة قائلا: أين دور سلاحنا الجوي الأعظم ذي القدرة الهائلة، ولماذا لم يحسم الأمر؟ ولماذا لم توفر استخباراتنا ذات الشهرة الفائقة المعلومات الكفيلة بتوجيه ضربات قاصمة لحماس؟
في الوقت ذاته تحدثت يديعوت أحرونوت عن استبدال قائد فرقة غزة في الجيش ميكي ادلشتاين ونقله إلى النقب بعد فشله في الحرب على غزة، وتعيين ضابط بديل له اسمه ايتاي فيروف. ونقلت القناة العبرية الثانية أن الجيش سيجري تحقيقات في أداء وحدة «جفعاتي» في رفح (وحدة النخبة المقاتلة في جيش إسرائيل) وذكرت صحيفة «كلسكليست» الاقتصادية أن الجيش طلب زيادة ميزانيته العسكرية بمبلغ عشرة مليارات شيكل خلال السنوات الخمس القادمة، لتطوير كفاءته العسكرية بعد الدروس التي استخلصها من تجربة الحرب الأخيرة على غزة.
المناقشات لم تقف عند نقد أداء رئيس الحكومة والجيش والاستخبارات، وإنما المناقشات تناولت أيضا أخلاقيات الجيش الإسرائيلي بعد المجزرة التي أحدثها في مدينة رفح، جراء تطبيقه لما يعرف ب«بروتوكول هنيبعل» الذي يقضي بمنع اختطاف أي جندي إسرائيلي حتى إذا اقتضى ذلك استخدام النيران بما لا يؤدي إلى موت المختطف. ولكن التطبيق العملي ذهب بعيدا في إحباط أي عملية اختطاف إلى الحد الذي أدى إلى التضحية بحياة الإسرائيلي المخطوف. على الأقل فذلك ما حدث في رفح أثناء الحرب الأخيرة. إذ شكت القيادة الإسرائيلية في أن أحد الضباط هدار جولدن وقع في أسر الفلسطينيين واختطف. فتم قصف مئات البيوت وتدمير حي كامل في رفح على ساكنيه بأكثر من ألف قذيفة مدفعية، بالتوازي مع قصف عنيف للطيران الحربي. وأرادت إسرائيل بذلك إقامة منطقة معزولة ظن الجيش أنه يمكن أن يتواجد الضابط فيها. وحرص على ألا يتمكن أي شخص من الخروج منها أو الدخول إلىها. وفي حدود ما سمحت به الرقابة العسكرية الإسرائيلية ونشرته صحيفة «هاآرتس» فإن مقاتلين فلسطينيين هاجموا موقعا للجيش الإسرائيلي في أحد أحياء رفح، الأمر الذي أوقع قتلى من الجانبين إثر تبادل النيران الكثيفة بينهما. وعندما اقترب الإسرائيليون من موقع الحادث فإنهم رأوا ثلاث جثث اثنتين منها لإسرائيليين، أما الثالث فقد اكتشفوا أنها لمقاتل فلسطيني خدعهم بارتداء زي عسكري إسرائيلي. وحينذاك أيقنوا أن زميلهم هدار جولدن تم اختطافه، ففتحوا النار الكثيفة في كل اتجاه ولم يترددوا في تدمير الحي كله لإحباط عملية الخطف.
المجزرة التي أحدثت ردود فعل سلبية في العالم الخارجي وفتحت الباب لمناقشة أخلاقيات الجيش الإسرائيلي. فقد استهجن ما جرى المعلق في «هاآرتس» تسفي بارئيل وكتب قائلا إن الإسرائيليين تنفسوا الصعداء مرتين أثناء الحرب. حين أقر الجيش إعلان موت الجندي اورن شاؤول وحين أعلن موت الضابط جولدن، حتى بدا وكأن الإسرائيليين شعروا بالانتصار وليس الحزن، لأن حماس لم تنجح في خطف الجنديين. وبذلك تكون الدولة قد نجت من صدمة مضاعفة. ومن تظاهرات إعادة المخطوفين واحتجاجات ذويهم، وتظاهرات أخرى ضد صفقات تبادل الأسرى. الأمر الذي يعني أن الإسرائيليين أصبحوا يفضلون جنودا قتلى على أسرى أحياء. ووصف الكاتب بروتوكول هنيبعل بأنه «منتج مشوه وشيطاني»، يعني أن يموت العالم ومعه الجندي المخطوف، لأن الأهم هو ألا تشعر إسرائيل بالخزي والحرج.
معلق الشؤون الخارجية روبن برجمان كتب قائلا إن الالتزام بالبروتوكول يعني أن الدولة تفضل أن يقتل الجندي على أن يقع في الأسر سليما معافى. ووصف المعلق أوري عراد في موقع «واينت» البروتوكول بأنه جريمة أخلاقية تنبع من وجهة نظر فاشية تعطي الأولوية للدولة على الفرد. ولا تحترم في ظله حياة الفرد الذي يعرض نفسه للموت دفاعا عن دولته.
أثار انتباهي في تلك المناقشات أمران، أولهما أصداء الصدمة التي أحدثتها لأول مرة بسالة المقاومة الفلسطينية وارتفاع قدرتها القتالية في داخل إسرائيل. الأمر الثاني أن ذلك كله قيل بحق الحكومة والجيش دون أن يتهم القائلون بتهديد الأمن القومي أو الإساءة إلى رموز الحكم ولا إهانة القوات المسلحة ولا النيل من هيبة الدولة وإسقاط نظامها. وقد سرب إلى الأمر الأول شعور بالتقدير للمقاومة، أما الثاني فقد أصابني بدهشة تلازمني طول الوقت.
السبيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.