رفضت قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي دعوات إلى استبدال زعيم الحزب عبد الإله بنكيران في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك نتيجة المأزق الذي تعيشه مشاورات الحكومة وما يوصف بتصلب الحزب في مواقفه تجاه مطالب بعض الأحزاب التي دعاها للمشاركة في تأليف الحكومة. وظهرت في الأيام القليلة الأخيرة دعوات وتحليلات سياسية تقترح تعويض بنكيران بشخصية أخرى داخل حزبه أو خارجه لقيادة الحكومة بعدما لم يستطع تشكيل أغلبية برلمانية بعد مرور أربعين يوما من إجراء الانتخابات التشريعية التي فاز فيه حزب العدالة والتنمية (125) متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة (102) ثم حزب الاستقلال (46). ويحتاج الحزب الفائز بالانتخابات إلى تأمين أصوات 198 عضوا في مجلس النواب كحد أدنى لنيل ثقة المؤسسة التشريعية. مجرد أمانٍ وقال عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عزيز الرباح إن "ما يتم التلميح إليه من إمكانية الاستغناء عن بنكيران هي مجرد أمانٍ لجهات معينة"، مشددا على أن تغيير رئيس الحكومة المكلف بشخص آخر داخل الحزب لقيادة الحكومة أمر "غير وارد". وأضاف الرباح في تصريح لموقع إخباري مغربي أن "التأويل الديمقراطي للدستور يقتضي السير في اتجاه تكريس النموذج المغربي وليس عكسه". وفي الاتجاه نفسه، صرح عضو الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية خالد رحموني أمس الأحد للموقع الإلكتروني للحزب بأن "الإجماع منعقد بشكل تام ومتطابق داخل العدالة والتنمية على أن رئيس الحكومة المعين هو الأستاذ عبد الإله بنكيران، وهو المكلف باسمه وصفته بتشكيلها، وعلى أنه هو الذي يجسد الإرادة العامة لحزبه والناخبين في المرحلة". وأضاف رحموني أنه "لن يقبل أحد من الديمقراطيين بديلا غير بنكيران، ولن يقبل أحد تغيير قائد المعركة الإصلاحية رفقة الديمقراطيين الحقيقيين، والذي احتضنه الشعب وانحاز لأسلوبه في الوضوح والعمل". وتأتي هذه التطورات في ظل تعثر بنكيران في تشكيل أغلبية برلمانية نتيجة الشد والجذب الحاصل بين حزبه وحزب التجمع الوطني للأحرار، إذ اشترط الأخير استبعاد حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي وإسناد حقائب وزارية وازنة لحزب أخنوش، وهو ما رفضه حزب العدالة والتنمية. أخنوش بديلا ونتيجة لهذا المأزق السياسي دعت نادية البرنوصي أستاذة القانون الدستوري وعضوة سابقة باللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور إلى أن يكلف الملك محمد السادس الأمين العام الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار بتشكيل الحكومة، وذلك رغم حلوله في المرتبة الرابعة في الانتخابات البرلمانية ب37 مقعدا. وعللت الخبيرة الدستورية اقتراحها بأن الحزب الثاني في الانتخابات "مرفوض من الشارع، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال الذي حل ثالثا فقد قوته، في حين أن حزب الأحرار يبدو منسجما ومتماسكا". ولحد الساعة استطاع حزب بنكيران نيل موافقة نهائية لحزبي الاستقلال (48) والتقدم والاشتراكية (12 مقعدا) للمشاركة في الحكومة الثانية بعد إقرار دستور 2011، في حين أن موقف الاتحاد الاشتراكي (20 مقعدا) لا يزال غامضا رغم إشارته الإيجابية في بداية المشاورات.