لا يخفى عليك أنه كان بإمكانك، كبرلماني، أن تستعمل حقك/واجبك الدستوري في مساءلتي مباشرة كعضو في الحكومة عما أهَمَّكَ وأغَمَّك! لكنك اخترت توظيف ذلك في توضيب خطاب المواجهة مع السيد رئيس الحكومة، فجعلت من قصة رئاسة طالب لجمعية في بلاد الأناضول عنوان «يقظة سياسية عالية!» تنافح بها عن المال العام! وتكافح بها عن دافعي الضرائب! هكذا إذن وبتاريخ 8 ماي 2013، وعندما كنتَ تناقش السيد رئيس الحكومة في مجلس المستشارين حول أوضاع الجالية المغربية بالمهجر، انحرفت فجأة عن موضوع المساءلة وزعمت، غَمْزًا ولَمْزًا، أنني أشرفت في إسطنبول على الجمع العام الذي انتخب فيه ابني أيمن محمد رئيسا لجمعية الطلبة المغاربة بتركيا! دَاِفعُكَ ووازِعُكَ في ذلك، كما ادَّعَيْتَ، حرصُك على حماية أموال دافعي الضرائب!.. لم يترك ساعتها إيحاؤك المتهافتُ ومعلوماتك الخَوَاء رئيسَ الحكومة دون رد عليك بما يناسب حجم الزَّلة وفَاحِشَ الكَذِبِ الذي اقترفته في حقي وفي حق أمانة النيابة عن الأمة، وهو ما واجهك به حين عرض عليك رفع التحدي بصرامة حاسمة ويقين قاطع: إما أن تستقيل أو يستقيل الشوباني! أذكر أنني التفت إليك منشرحا.. وأذكر أيضا أنني أَلْفَيْتُ وجهك قد امتقع لونه.. واعتراه اصفرار ناطقْ! مرّ من الوقت حوالي أربعين يوما على هذه «الهجمة» الخاسرة، والتي ما لأجلها ولا لمثلها يلتئم برلمانٌ وتُساءَل حكوماتٌ!! فلا أنت استقلتَ ولا أنا فعلتُ!! فأين الخللُ يا ترى؟ وبقي السؤال عالقا يتداوله الرأي العام المتابع: أيُّنَا لا يستحق تمثيل الأمة أو أن يكون عضوا في حكومة ترعى مصالحها، مادام الكذب أو استغلال النفوذ وتبذير المال العام جريمة تطارد أحدنا؟! ويقينا مني بأن دفاعك مهزوزٌ وأن هجومك مهزومٌ وأن الكرة في مرماك قد اخترقت الشباك! وأنك مُطوَّقٌ بأغْلالِ خطيئتك، فقد انتظرت منك صحوة ضمير تدفعك إلى نوعِ اعتذارٍ تُخَفّفُ به عنك، لا عني طبعا، ثقل الشعور باستغلال منصب يؤدي لك دافعو الضرائب كلفته للقيام بتكاليف النيابة عنهم، والتي ليست منها، بلا شك، إشاعة أخبار كاذبة ضدا على أخلاق المساءلة النزيهة والمسؤولة وتقاليد المعارضة النبيلة عالية الأخلاقِ والمقاصد! لم يحصل من ذلك شيء طبعا... وإلى الآن! ودعني أصدقك القول، فلم يخطر ببالي أبدا أنك سترفع التحدي وتقبل المنازلة والتضحية بمقعدك إذا ما بلغ التحدي مداه لسبب بسيط: إذ لو صح منك عَزْمُ المساءلة المسؤولة وصَدَقَتْ نِيَّتُكَ في الرقابة على عملي كوزير، لتوجهت إليّ بسؤال مباشرٍ وآنيٍّ لأنك تَعلم جاهزيتي لذلك، ولما احْتَجْتَ أن تزايد على رئيس الحكومة في خرجتين مفاجئتين وخاسرتين..! ودعني أصدقك القول أيضا أن ما لم يخطر ببالي إطلاقا أنك ستُسَخِّرُ كل طاقتك -أنت ومن يَمُدُّكَ في هذا الغَيِّ- لمواصلة «النضال التنقيبي» ضد الحكومة من زاوية صغيرة تروم بها إثبات أن هجومك الخاسر يوم 8 ماي لم يكن كذلك إلا لأن معلوماتك كانت ناقصة وأدلتك المادية خانتك للإجهاز على خصمك! ويعلم الله وحده كم أنفقتَ من الجهد تنقب عن صورة تُؤَمِّنُ بها خَوْفَكَ من تحدي الاستقالة الذي سيطاردك ما بقيت في البرلمان أو خارجه! لأجل ذلك، وفي ارتباك ظاهر خَفَقْتَ تُشْهِرُ صورة كاذبة وترفعها يوم الثلاثاء في ارتباك ظاهر ثواني معدودة... وفي آخر مرافعتك ذات الستَّ عشرة دقيقة! تُمْسِكُ بها كما يُمْسِكُ المَحْزُونُ الهالكُ بْقَشَّةٍ لا تنقذ ولا تنجي من غرق! كم آسف لك أيها الممثل عن الأمة أو عليها شديد الأسف! فلم تكن زلتك الثانية أقل سوءا وأدعى إلى الشفقة من أختها البائدة البائسة! الآن، السيد بنشماس المحترم! وقد تعبت في نضالك العتيد لحماية مال دافعي الضرائب! وطاردتك الكبوة تلو الكبوة في تحصيل معلومات بسيطة متاحة على صفحات التواصل الاجتماعي لو صَدَقَتْ منك الطَّوِيَّة وصَدَقَ طَلَبُكَ للحقيقة... دعني أدلك على ما أرهقكَ وأنْهَككْ: الواقعة الأولى: في الفترة ما بين 16-21 أكتوبر 2012 قمتُ بزيارة رسمية لتركيا بدعوة من السيد بكر بوزداك، نائب رئيس الوزراء المكلف بالشؤون البرلمانية. وبعد لقاءات عمل ناجحة في العاصمة أنقرة مع مسؤولين حكوميين ورؤساء ولجان برلمانية، استكملت الشوط الثاني من برنامج الزيارة بالتوجه إلى إسطنبول حيث ألقيت محاضرة عن واقع وتحديات مسيرة الإصلاح والتحديث والدمقرطة في وطني في جامعة باهشي شهير، الشهيرة، أمام جمع غفير من الأساتذة والطلبة الأتراك والأجانب، ثم أجريت لقاءات مع مسؤولين كبار في منظمات المجتمع المدني للاطلاع على تجربة الأتراك المتقدمة في هذا المجال، ثم عقدت لقاء مع مجموعة من الطلبة (حوالي 30 طالبا) في مقر القنصلية بمبادرة وتنظيم مشكورين من القنصل العام السيد محمد الصبيحي التقطنا على إثر ذلك، وفي نفس اليوم (20 أكتوبر 2012)، صورة جماعية أمام مقرها حيث يقف القنصل العام، لو أمعنت النظر، على يساري! ولستُ، في ما قمتُ به في إسطنبول، مخالفا لسُنَّةٍ سرت عليها كلما قادتني مسؤولياتي الحكومية إلى خارج أرض الوطن وتيسر لي ولهم ذلك، حيث أحرص على اللقاء بالطلبة المغاربة قياما بواجب التواصل الوطني معهم وحرصا على الإنصات لمشاكلهم بهدف المساهمة في حلها ما وسعني ذلك. حَدَثَ ذلك بمقر السفارة المغربية في تونس بتاريخ 9 مارس 2012، وفي مقر جامعة لاسابيانزا (la sapienza) الإيطالية حيث ألقيت محاضرة بتاريخ 18 ماي 2012، وكذلك كان حرصي في جامعة الأردن بتاريخ 24 يونيو 2013 لولا أن قلتهم وظروف نهاية السنة الجامعية حالت دون ذلك. الواقعة الثانية: بتاريخ 09 دجنبر 2012 عقد الطلبة المغاربة بتركيا جمعا عاما بمقر المؤسسة المسماة «باب العالم» بإسطنبول، حضره اثنان وتسعون (92) طالبا وطالبة -حسب المحضر الموجود في أرشيف الجمعية- وتم خلاله، على دورتين، تنافس ديمقراطي أسفر عن انتخاب الطالب أيمن محمد الشوباني رئيسا للجمعية. السيد المستشار! أشكرك لأنني كنت أجهل المعلومات المتعلقة بالواقعة الثانية ولم أنشغل بها إطلاقا، واضطررت إلى استدعائها بالأرقام والصور والمحاضر والتوقيعات، بعد أن حولها «نضالك السياسي» إلى قضية رأي عام تثار في البرلمان لمرتين... وفي عمليتين رقابيتين شاردتين! وختاما، وقد كَبَوْتَ كبوةً ما كان أَغْنَاكَ عنها، وأنت تُشهرُ صورةً متعلقة بالزيارة الحاصلة بتاريخ 20 أكتوبر 2012 أمام مقر قنصلية المغرب بإسطنبول، والتي لا علاقة لها، إطلاقا في الزمان والمكان، بالجمع العام للطلبة الذي انعقد بتاريخ 9 دجنبر 2012 أوجه إليك جملة من الأسئلة: - كيف استساغ عقلك أن تحتقر ذكاء عشرات الطلبة المغاربة من النبغاء والمتألقين وتَتَصَوَّرَ أَنَّ كائنا منْ كان يمكن أن يقتحم عليهم جمعهم العام ويفرض عليهم ابنه رئيسا؟!! لعلك استصحبت صُوَرا شبيهة بما يحدث في بعض التنظيمات التي يركب كثير من الفاشلين صهوتها بعد أن تُسْرَجَ لهم خيولها الواهنةُ الواهيةُ؟! - نعم أسألك... لماذا تصر على التضليل إلى حد القبح والفضيحة؟! وأسألك: هل ستمتلك الشجاعة للاعتذار إلى رأي عام نشرتَ عليه، من برلمان الشعب، خبرا زائفا مع سبق الإصرار والترصد.. ولمرتين.. أجل لمرتينِ متتاليتين!! - وأسألك تبعا لذلك: هل ستستجيب لتحدي السيد رئيس الحكومة وتقدم استقالتك احتراما للمؤسسة البرلمانية التي أنت عضو فيها ويمولها الشعب الذي ضَلَّلْتَهُ باستغلال موقعك لغير ما من أجله يفترض أنك تحمل همومهم وتتكلم بلسانهم؟! وفي انتظار ما سيستقر عليه رأيك أو لا يستقر..! أجدد لك تحية الاستغراب والإشفاق... والسلام! * الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني