لم يكن التلميذان أحمد معاذ فوزي وعلي أوشاين أن مشاركتهما في مسابقة وطنية ل"ربوتات ROBOTS التربوية" ستقودهم إلى الحصول على المرتبة الخامسة وطنيا، بالنظر لصغر سنهما وضعف الإمكانيات الخاصة بالإبداع والابتكار بالمؤسسة التي يُمثلانها. تألق وطني وتنويه إقليمي وكان فريق ثانوية الإمام مالك التأهيلية بالرشيدية، المكون من التلميذين أحمد معاذ فوزي وعلي أوشاين والأستاذين محمد بوسحابة ومحمد بنعيسى، قد شارك بروبوت عبارة عن "سيارة بدون سائق"، في المسابقة الوطنية ل"الربوتات التربوية التلاميذية"، وأحرز المرتبة الخامسة وطنيا. وعرفت المسابقة، التي نظمتها جمعية تواصل للتكنلوجيا تحت إشراف المركز الوطني للتجديد والتجريب التربوي، نهاية شهر ماي الماضي، بمركز الملتقيات والتكوينات بالرباط، (عرفت) مشاركة مكثفة لمشاريع رائدة، وانتقت اللجنة 13 مشروعا، لتقرر تتويج ثلاثة مشاريع ممثلة للنيابات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بكل من السمارة وقلعة السراغنة والصويرة، في حين احتلت نيابة الرشيدية ممثلة في ثانوية الإمام مالك الرتبة الخامسة. وتلقى المهتمون بالشأن التربوي بإقليمالرشيدية هذا الإنجاز بترحيب وتنويه كبير، بالنظر لصغر سن التلميذين مقارنة مع حجم الإنجاز. التكنولوجيا الصناعية.. بين الحلم والهواية واحد من التلميذين اللذين حازا المرتبة الخامسة في المسابقة الوطنية للربوتات التربوية يُدعى أحمد معاذ فوزي. ازداد عام 2000 بمدينة أرفود، ويُتابع حاليا دراسته بالسنة الثالثة ثانوي إعدادي بثانوية الإمام مالك التأهيلية. حُب أحمد معاذ للتكنولوجيا بدأ عبر محل أبيه المتخصص في إصلاح المعدات الرقمية والإلكترونيات، فقد قال ل"الرأي" أن وقت فراغه مقسم بين كرة القدم والمطالعة ومحل أبيه. لكن حلم أحمد معاذ بعيد عن التكنولوجيا الصناعية، فأمنيته أن يصبح طبيبا، أما الأعمال التكنولوجيا فهي وسيلة لتمضية الوقت والاستفادة في أوقات الفراغ، لهذا اختار التوجه في جذع مشترك علوم بالمرحلة الثانوية. أما بالنسبة للتلميذ الثاني ضمن الفريق الذي حاز المرتبة الخامسة في المسابقة الوطني، علي وشاين، فالتكنولوجيا ليست هواية فقط بل حلم أيضا. وولد علي وشاين عام 1999 بحي السهب بالرشيدية، ويتابع دراسة هو أيضا بالسنة الثالثة ثانوي إعدادي بثانوية الإمام مالك الإعدادية، وينوي متابعة دراسته في الصناعة الميكانيكية بالمرحلة الثانوية لإتمام مساره في مجال التكنولوجيا الصناعية على درب تحقيق حلم أن يكون أستاذا للمادة. وشاين يُحب التكنولوجيا ويعتبرها أكثر من مجرد هواية، فهو يُحب أن يفتح الآلات الالكترونية ومعرفة طريقة اشتغالها، لذا كان من الطبيعي أن يتعلق بالمادة ويجعلها حلما. بوسحابة وبنعيسى.. مسار متطابق لأستاذين يختلف بينها الإسم العائلي فقط عندما يتحدث الأساتذة، زملاء الأستاذين اللذين أطرا التلميذين فوزي وأوشاين في مشروعهما، عن محمد بوسحابة ومحمد بنعيسى، يقولون: "إن الرجلين لا يختلفان سوى في الاسم العائلي". وعندما سألت "الرأي" عن مسار كل واحد منهما الدراسي والمهني، توصلت إلى أن زملاء بوسحابة وبنعيسى محقين في استنتاجهم. فالأستاذان ولدا معا عام 1969 بمدينة الجرف (إقليمالرشيدية) وبها تابعا دراستهما الابتدائية والإعدادية جنبا إلى جنب، قبل أن يشدا معا الرحال إلى مدينة مكناس، لمتابعة دراستهما الثانوية في تخصص الصناعة الميكانيكية بثانوية مولاي اسماعيل وحصلا منها على شهادة الباكالوريا. بعد الباكالوريا، خرجت قطار مسار بنعيسي عن السكة لسنة قبل أن يعود إليها مجددا، بينما اختار بوسحابة التوجه مباشرة إلى المدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بمدينة المحمدية، اختار بنعيسى أن يلتحق بكلية العلوم بجامعة المولى اسماعيل بمكناس ليتابع دراسته في تخصص الفيزياء والكيمياء. وبعد سنة جامعية قرر هو أيضا الالتحاق بمدرسة الأساتذة ذاتها بالمدينة ذاتها. عُين بوسحابة بعد تخرجه بثانوية ابن طاهر بالرشيدية، التي أمضى بها أربع سنوات، وهو التعيين نفسه الذي كان من نصيب بنعيسى، لينتقلا معا إلى ثانوية الإمام مالك التأهيلية التي يُدرسان بها إلى الآن، بعدما أمضى الأول 4 سنوات بمقر التعيين الأول وقضى الثاني 3 سنوات به. علاقة الأستاذين مع التكنولوجيا الصناعية لا تقتصر على حجرة الدرس، بل تتعداها إلى الخارج. فالأستاذين من المؤطرين الوطنيين لبرنامج (جيني) الذي كانت وزارة التربية الوطنية أطلقته في وقت سابق. كما أنهما منتجان لمجموعة من الموارد الرقمية، الشيء الذي مكنهما من إحراز جوائز وطنية في هذا الشأن. وفاز الأستاذان بجائزة الموارد الرقمية (المقاومة) من المركز الوطني للتجديد التربوي والتدريب بالعاصمة الرباط، حيث حصل عليها بوسحابة عام 2008 مرتبا في المركز الثاني، ونالها بنعيسى عام 2012 مرتبا في المركز الخامس. ويدير بوسحابة وبنعيسى موقعين متخصصين في التكنوالوجيا الصناعية يحملان اسميهما، أنشأ الأول موقعه منذ سنة 1998، وهو أول موقع من نوع بإقليمالرشيدية، كذلك فعل الثاني. وشارك الأستاذان في العديد من ملتقيات تقاسم التجارب والتكوين للتعميق والتصويب على المستويين الجهوي والوطني، كما أطرا ورشات لفائدة أساتذة مفتشين حول الموارد الرقمية. المشاركة في المسابقة.. تجربة متميزة عندما يتحدث أحمد معاذ فوزي وعلي وشاين عن المشاركة في المسابقة الوطنية للربوتات التربوية، يتحدثان عنها بكل فخر واعتزاز، خصوصا مع الحصول على المرتبة الخامسة وطنيا ضمن 13 مشروعا. وقال فوزي ووشاين إنهما قدما مشروعهما أمام اللجنة المكونة من مفتش تقني ومهندس في الصناعة الميكانيكية وأستاذ جامعي بإحدى مدارس المهندسين بأريحية، خصوصا بعد تمرنهما على ذلك داخل المؤسسة. وشاين لم يُخف شعوره ببعض الخوف في بداية العرض، خصوصا، يقول التلميذ، وقد "كنا أول فريق يعرض مشروعه امام اللجنة". وكانت لجنة تحكيم المسابقة الوطنية للربوتات التربوية قد قابلت مشروع "السيارة بدون سائق" والإلقاء لجيد للتلميذين بالتصفيق، فكان من الطبيعي أن تكون الرتبة التي احتلاها متميزة. هكذا بدأت قصة النجاح يقول الأستاذ محمد بوسحابة إن فكرة المشروع جاءت نتيجة تراكم. وبالنسبة إليه فإن الأمر بدأ مع تأسيس النادي العلمي بثانوية الإمام مالك التأهيلية عام 2008، حيث كان التركيز في البداية على مشاريع بسيطة مثل "ملتقط الأشعة الحمراء لتجريب آلة التحكم عن بعد" وتم التدرج في المشاريع إلى أن بلغ النادي إلى هذا الإنجاز. وقدم بوسحابة ل"الرأي" نماذج الابتكارات التي أنجزها النادي العلمي للثانوية، مثل مشروع أضواء "السنيال" المستعمل في اللوحات الإشهارية والإشارات الإنذارية، ومشروع "ممهال" للاستعمال التوقيتي، ومروحة حاسوب تشتغل بمفتاح USB وجهاز إنذار يشتغل عند وجود الضوء، يمكن استعماله للحماية من السرقات، بالإضافة إلى كاشف الرسائل يوضع في علبة الرسائل وينبه إلى وجود رسائل جديدة في العلبة، وغيرها. وأضاف الأستاذ أنه عندما تم الإعلان لأول مرة عن المسابقة الوطنية للربوتات التربوية انخرطت المؤسسة فيها عبر النادي العلمي، و"أفلحنا في الحصول على المركز الخامس". مؤهلات كبيرة بحاجة إلى الدعم وخلف الإنجاز الذي حققه الفريق الممثل لثانوية الإمام مالك التأهيلية معاناة كبيرة من نقص الدعم المادي من النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالرشيدية أو من أي جهات أخرى، فقد أكد الأستاذان أنهما يعتمدان على وسائلهما الخاصة، ويدعم أب أحمد معاذ فوزي مجهودات الفريق بما توفر لديه من القطع المتوفرة بمحله. ويدعو الأستاذان المعنيين والمهتمين إلى المساهمة في هذا المجال، مجال الربوتات التربوية، من أجل أن تتحقق إقلاعة حقيقية. وخرجت "الرأي" من لقائها مع الفريق المنجز لمشروع "سيارة بدون سائق" باستنتاج مفاده أن "تلاميذ المغرب مثل تلاميذ اليابان وغيرها من الدول المتطورة في الصناعة الرقمية والإلكترونية، تلزمهم فقط الإمكانيات".