لا تزال الكثير من الأسرار التي تحملها لائحة "خدام الدولة" تحتاج إلى إثارة الأسئلة، والبحث لها عن إجابات، لفهم طريقة توزيع الريع، في جمع بين المصالح وتزكية المقربين، فنموذج إدريس لشكر، وكيف وقع في حالة تسلل إلى اللائحة، يحتذى به للاستدلال على شيء ما، أو بالأحرى أشياء ما على غير ما يرام، وأن ما يحكم الامتيازات قد يكون أقذر مما وصلنا إليه. نعيد السؤال: كيف أدرج اسم إدريس لشكر، الكاتب الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مع "خدام الدولة" ولم يكن وزيرا ولا غفيرا؟ ففي بيانه الذي سابق يونس مجاهد إلى نشره على موقعه الإلكتروني، قال زعيم الاتحاديين إنه في " سنة 2002، تم الاتصال بي باعتبار تسجيلي الاحتياطي في لائحة الراغبين في الشراء و باعتبار توفر شرط عدم الشراء مسبقا من املاك الدولة"، ولعل لشكر يعلم أن الدولة لن ترد ببيان آخر يوضح لحظة وضع الطلب، وأين يوجد هذا الشرط الذي تحدث عنه، ولا حاجة للرأي العام بهذا الجدل أصلا. لكن له أن يجيب عن موضع وموقع نشر طلبات العروض بخصوص أراضي الدولة، وعن الطريقة التي علم بهذه الصفقة المربحة في الحصول على ريع دسم، في أرض لم يشترط فيها الاستثمار، وإنما جهزت للسكن الراقي في منطقة "البريستيج"؟ وبالعودة إلى ويكيبيديا لمن تخونه الذاكرة، كان إدريس لشكر في الفترة الممتدة ما بين 1999 وسنة 2007، يرأس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي بالبرلمان، وتشمل هاته الفترة السنة التي حصل فيها لشكر على بقعة أرضية "ببلاش"، فهل يعتبر رئيس فريق نيابي من "خدام الدولة"؟ وما هي الخدمة التي أداها إدريس لشكر للدولة في مقابل الحصول على هذه الامتيازات بصفته نائبا برلمانيا ورئيسا للفريق الأول في البرلمان؟ وبما أن شيطان الأسئلة يقدم نصف الإجابات المنتظرة، يبدو أن الانهيار الذي وقعت فيه قيادة الاتحاد الاشتراكي سنة 2002، بعد تجاوز المنهجية الديمقراطية وتعيين إدريس جطو وزيرا أول لحكومة ما بعد التناوب، وذهاب الاتحاديين إلى مناقشة الرد على ذلك بإمكانية الخروج إلى المعارضة، وقيام جزء من القيادة الحزبية بالنزوح إلى المشاركة ما جعل اليوسفي ينفي نفسه وراء جدار الصمت، كل ذلك يبدو أنه كان نتيجة اختراق، جعل جزءا من القيادة التي وقعت في وحل الامتيازات تفضل المصلحة الشخصية على الحزبية، وتصوت من أجل البقاء في الحكومة، وبالتالي إنهاء الحياة السياسية للقيادي عبد الرحمان اليوسفي. ويبدو إن كانت الفرضية الأخيرة صحيحة، وهذا أرجح، أن إدريس لشكر، الذي لعب يوما ما بورقة التقارب مع حزب العدالة والتنمية من أجل حيازة منصب في حكومة الإستقلالي عباس الفاسي، لا يزال يقدم خدمات جليلة للدولة، ليس آخرها تحطيم ما تبقى من الحزب، وتحويله إلى مجرد ملحقة تابعة لحزب الأصالة والمعاصرة.