لم تمر المواجهة التي جمعت برشلونة وخيخون دون أن تفرز خطوة محمودة تستحق أن نقف عليها أكثر من مرة، بل تتخذ عبرة لكل الأندية والجماهير، ففي دكة احتياط نادي خيخون كان هناك شخص هو أصلا مدرب الفريق، لكن الجمهور الكطلاني تذكره وأشاد به لأنه كان لاعبا سابقا في البارصا وحمل ألوانه في العديد من المناسبات، وصال وجال في ملاعب الليغا ونال لقب "البيتشيشي" لبطولة الليغا في ثلاث مناسبات، لم تمر عودة "كيني" الذي عوض "بريدسيو" مدرب خيخون إلى ملعب نوكامب دون تدغدع مشاعر الجماهير الكطلانية التي صفقت له طويلا قبل انطلاق المباراة، وحيته تحية الأبطال والنجوم كاعتراف لما أسداه للبلوغرانا من بطولات وانتصارات وأهداف وألقاب· التصفيق كان طويلا وعلامات التأثر كانت بادية على ملامح ؛كيني" الذي كان في تلك اللحظة أسعد إنسان والفرحة تغمره من كل جانب، وهو الذي جاء هذه المرة ليس ليدافع عن الفريق الذي عاش معه أحلى اللحظات، ولكن ليقابله كخصم يقود كتيبة خيخون· ندرك أن أصعب لحظات لاعب الكرة هي فترة التوقف عن الممارسة والإبتعاد عن هوس الملاعب وضجيج الجماهير·· هي لحظة أشد قساوة وإيلاما في حياة اللاعب، وقد تشتد أكثر عندما يجد نفسه خارج مفكرة قلوب جمهور النادي، عندما يشعر بالإستهجان واللامبالاة والتهميش عندما ينسى هذا الجمهور الذي صفق له طويلا وهو يركض فوق البساط الأخضر كلمة اعتراف وتشجيع، لذلك يبقى هذا اللاعب المعتزل والذي بلغ من النجومية والألقاب والنجاحات وما إلى هذا الإعتراف المعنوي من الجمهور حتى لا يلعن ذات يوم ممارسة الكرة أو حمل ألوان هذا النادي·· فالتكريم برأيي لا ينحصر على مباراة يحشد لها النجوم وتتناقلها القنوات العالمية أو تلتقطها عدسات لا تتجاوز ساعات، ولكن التكريم الحقيقي إنما يكون طوال حياة اللاعب، تكريم واعتراف من الجمهور ومن النادي ككل، وهنا نفتح قوسا لنؤكد أن حرارة التصفيق والتحيات التي انهالت على مدرب خيخون "كيني" ولاعب البارصا السابق كان وراءها جماهير بمن فيهم لم يسعفه الحظ لمشاهدة صولاته، ولكن النادي الذي يتنكر للاعبيه القدامى ويظل ذلك التواصل والتذكير سواء تعلق الأمر بأنشطة الفريق أو المتحف الذي لا يسقط كبيرة أو صغيرة من الألقاب والنتائج والأسماء تجعل هذا الجمهور يذكر كل الأجيال التي تعاقبت على الفريق، وتلك خطوة تحسب لبرشلونة الذي أبى إلا أن يفتخر بأحد نجومه السابقين· وعلى ذكر برشلونة من منا لا يستمتع بالأطباق التي يقدمها الفريق الكطلاني والعروض المثيرة التي يخط أسطرها بذهب في كتاب الليغا، ومرة أخرى كان وراء هذه الثورة الكطلانية مدرب سبق وأن حمل ألوان برشلونة إسمه غوارديولا·· هو اعتراف آخر لأبناء الفريق وخطوة إيجابية ثانية تحسب لمسؤولي الفريق عندما وضعوا الثقة في لاعب سابق ليعيد هيبة البارصا، لم ينظر مسؤولو الفريق الكطلاني إلى تجربته المحدودة في التدريب، ولكن الثقة جاءت من باب أنه إبن الفريق ويعرف البيت الكطلاني جيدا، والأكيد أن خوان لابورطا رئيس الفريق ما خاب ظنه عندما اختار غوارديولا ليعيد الزمن الجميل لبرشلونة ويصنع فريقا يقدم أجمل اللوحات·· الفريق الذي قال عنه المدرب السابق الهولندي يوهان كرويف أنه يستطيع أن يكون أفضل من فريق الأحلام الذي دربه ببرشلونة·