العيش في جلباب النجومية المغشوشة وتداعيات إقصاء المحليين لاعبون يشغلهم هاجس الإحتراف وآخرون يطالبون بالإنصاف يجتاز الجيش الملكي فترة عصيبة وأزمة نتائج حقيقية جعلته يعيش نزيفا من النقاط ضيع عليه هوامش هامة للتقدم صوب الأمام في البطولة الوطنية وختمها بنهاية حزينة لمطاردة أول لقب لكأس شمال إفريقيا حين انهار أمام إرادة الإفريقي التونسي في نهائي الشؤم الأخير، الجيش الذي برأي النقاد والمراقبين يحتكم على أفضل كتيبة وأسماء لاعبي البطولة دخل هذا النفق المظلم من النتائج نتيجة لاعتبارات عديدة نجملها في سياق التحليل التالي: ما الذي عكر صفاء الأجواء؟ الذي يشاهد الجيش الملكي اليوم وهو ينقاد لسلسلة الهزائم والهزات المتلاحقة التي تضرب أركان بيته ويضعه في موضوع مقارنة مع البداية الصاعقة التي أتى عليها في بداية مسار الحفاظ على لقبه للبطولة هذا الموسم، سيلمس حجم الفوارق الملحوظة والمطروحة لنقاش عريض حول سبب هذه الهزة الإرتدادية الحاصلة وهذا المتغير الكبير الذي حدث على مستوى الأداء والعرض وانعكس بطبيعة الحال على النتائج المحصل عليها· بين الأجواء التي مهدت لدوري >سامر كاب< بالمغرب والذي استطاع فيه الجيش مضاهاة فرق أوروبية محترفة كبلباو، باسوس دوفيريرا البرتغالي ونانط الفرنسي، وأتبعه بحيازته على لقب كأس العرش الثانية على التوالي ضد المغرب الفاسي، ثم رحلة الصفاء صوب أبها السعودية، فمرورا ببداية موفقة بالبطولة جعلته يتزعم أحداثها لدورات معدودة، قلت بين هذه الفترة المشرقة والمضيئة والقاتمة التي تميز المشهد الحالي يقفز إلى الوجوه السؤال العريض: ما الذي تغير أو حدث حتى يفقد فريق ما بمثل مناعة الجيش ويحتكم على صناديق الكنز التي هي بحوزته بوصلة التألق ويتيه على هذا النحو الذي جرده من كبرياء البطل وجعل أطماع الكل تتجه لأجل إرعاد فرائصه والنيل منه؟ فاخر: هل أخطأ بصرامته؟ ما يعرفه لاعبو البطولة تحديدا أو ما ترسخ بتفكيرهم جراء الهمس والتواتر وتداول الأمر بينهم هو أن المدرب محمد فاخر له استراتيجية عمل مختلفة عن باقي المدربين، فاخر له فلسفة تقوم على أساس الإنضباط والصرامة وعلى أساس إعمال معيار عدم التسامح مع أبسط خطأ أو هفوة ممكنة، ويضع ضمن أجندة عمله أن مثقال التهاون ولو على بساطته يكون مكلفا لصاحبه· فهل كانت عودته هي أحد أسباب الزلزال الحاصل في تعميق أواصر الإرتباط بين اللاعبين وتكلمهم للغة الواحدة الموصدة كما عاشوها مع سلفه مصطفى مديح المعروف بسياق تعامل مختلف ومناقض تماما لفاخر وسيتم بالليونة المطلقة؟ الإجابة قطعا هي لا، لأن فاخر الذي اشتغل مع الجيش سنة 2003 قادما من سوس تغير كثيرا، ولم يعد ذلك المدرب "الغول" المخيف المتسم بطابع التصنيف المبالغ فيه كما عهده كثيرون، فقد تغيرت فيه كثير من ملامح السطوة، وآثر المدرب أسلوب الكياسة المتماشي مع روح العصر، وهو الخطأ الأول الذي سقط فيه المدرب محمد فاخر، لأنه أتاح للبعض أن يرخوا حبلهم على الغارب كما يقولون، وفتح المجال أمام كثير من الإنفلاتات والتكثلات وحتى التواطئات غير المعلنة في الكواليس· لو حافظ برأي من هم متوغلون داخل محيط الجيش فاخر على نفس كاريزما التعامل السالفة المعهودة فيه لما آل وضع التسيب لهذا المطب الحاصل ولما انتهى واقع الأمور لهذه الهزة التي قوضت صرح الفريق البطل· عناصر تعيش وهم النجومية أن يحتكم فريق على تركيبة بشرية وأسطول مؤلف من 26 لاعبا، فهذا لا يعني في شيء أنه فريق نجوم أو أحلام أو أي تسميته ووصف من هذه الأوصاف الفارغة والمجانبة للصواب· وهذا الواقع يسري بالحرف على الجيش الملكي، حيث يوجد ضمن أسطوله وقوام هيكله هذا الكم من اللاعبين، لكن عبرة الجودة مرتبطة بالكيف، إذ أن أكثر المجلوبون الذين يعيشون وهم النجومية، ويلوحون بالإستعصاء والتمرد هم عناصر قادمة، إما من أقسام سفلى، أو أندية متوسطة أو أنهم نجحوا ضمن فرق بمستوى خاص لا يعني أصلا نجاحهم مع الجيش· ويكفي أن نستدل ببعض الوقائع مثلا على بعض العناصر في الدفاع، مثلا الشاهيري جلبه الجيش من الدفاع الجديدي دون أن يلعب لعدد ومعدل مقبول من اللقاءات ضمن فريقه· عتيق شهاب قادم من الراسينغ·· العوماري من فترة إيقاف من آسفي، أوشلا عائد من تطوان، وبخط الوسط لمريني من الكوديم، ناعوم من الطاس، البصري من الراسينغ، الراقي من تواركة، وبالهجوم مرزوق من الكاك·· كل هذه الأسماء وغيرها تتكلم لغة مختلفة وتأخيرها أو وضعها في قالب موحد يتطلب مجهودات مضيئة، خاصة إذا ما كان يهندس لهذا هو فاخر الذي يعد مدربا مكلفا بعض الشيء على مستوى الإنضباط لدروسه، ليأتي الإنقلاب في صورته السيئة، هو أن حشر كل هذه الوجوه إضافة لأخرى جعل الجميع يطالب برسميته أو أن يتمرد على أوضاع الإحتياط· وبين كل هذا يأتي سياق منتخب الرديف ودعوة 9 عناصر لتلحق بمنتخب المحليين لتساهم في تضخيم صورة "الأنا" والإعتداد بالذات من جهة، ولتمارس ثقلا على المجموعة وضغطا نفسيا رهيبا عليها، بل كان الإخفاق بليبيا وقعه على نفسية اللاعبين الذين شعروا بتحمل قسط وافر من المسؤولية، طالما أن نصف هيكل المنتخب كان مشكلا منهم، ليبقى لوهم النجومية والعيش على بريقها الخادع دور في معادلة الإخفاق الحالي· فريق لا ينتصر خارج الديار إلى حدود الدورة 17 ظل الجيش الملكي صاحب انتصار وحيد ومعزول خارج ملعبه وجاء أمام المغرب الفاسي ورافقه >بوليميك< كبير، في حين أن من يريد أن يوصف بالبطل يتعين عليه غنم أكبر عدد من النقاط خارج الديار، الشيء الذي يعني أن ازدواجية الشخصية الحاصلة في مسار العساكر بهوية منفصمة بين فريق يتعملق داخل ملعبه ويحوز العلامة الكاملة وآخر عاجز تماما عن قهر خصومه خارج الملعب، هي مسألة غير مفهومة، بل غير سوية، لكن لها ما يفسرها وهو الإحتكام للقاعدة الكروية الشهيرة القائلة بأن >فريق ينتصر لا يتغير<، لكن بمفهوم المخالفة >فريق لا ينتصر يتغير<، وهو ما لم يحدث، حيث ظل فاخر دائما يعمد إلى اعتماد نفس الآليات ونفس الوجوه ونفس الأسماء التي تعادلت ضد (المسيرة، وجدة، سلا) وخسرت ضد (الرجاء، الكاك وآسفي)، مع تثبيت نفس الخطة التي لم تؤت أكلها وباتت الضرورة تقتضي تكييفا مختلفا لأبجدياتها، لتأتي الهزائم الثلاث المتلاحقة والمتتالية بالبطولة والتي لم تحدث منذ 2002، لتؤكد حقيقة واحدة وهي أن هناك شيء ما ليس على ما يرام، وهو بكل تأكيد ضرورة إعمال مبدأ المداورة خاصة حين يكون الإستعصاء هو سيد المرحلة· إختيال الرسميين وثورة البدلاء حين طلع اللاعب الشاهيري بتصاريح حملت نبرات حادة تطعن في اختيارات فاخر، وحين أعلن لمساسي حالة العصيان والتمرد والتوجه لفاس والإضراب عن اللاعب لفترة، وأخيرا حين لوح المناصفي، القاسمي، الجرموني في الحصص التدريبية برغبتهم في الرحيل والبحث عن أجواء أخرى للتنفس هواء جديدا بعيدا عن سماء المركز العسكري، فإن كل المؤشرات كانت تقول أن فيروسا ما تسرب لجسم الجيش الملكي ويهدد استقراره، لكن بالمقابل إعتماد فاخر على تشكيل واحد وموحد لا يتغير إلا للضرورة القصوى التي تمليها الأعطاب والإصابات أو الغيابات القهرية بداعي الحصول على الإنذارات، فإنه فتح المجال أمام اللاعبين الرسميين للشعور بنوع من التخاذل والتكاسل والإتكالية والإحساس بأنه لا يوجد من يقلق راحة البال، وهذا خيار مغلوط وخاطئ ونهج بعيد كل البعد عن الواقعية والمنطق· المريني يريد أن يلعب، العوماري ملء دكة البدلاء، خالد العسكري يشعر "بالحكرة"، قاسمي يعيش الغبن، ناطر طواه النسيان، مرزوق والمناصفي يسعيان للإنتفاضة ووادوش يريد الإحتراف وهاجسه يلاحقه وأثر على مستواه·· أمام هذا الزخم ثار البدلاء، وتخاذل الرسميون وبينهما يوجد عاطلون عن اللعب لم يظهروا في لقاء واحد، ما يعني أن تسمية المنتخب الرديف هي خرافة من الخرافات الإستهلاكية· هاجسا الإحتراف والإنصاف بمعية الصراع الدائر بين 11 لاعبا يمارسون بانتظام و15 قنبلة أخرى قابلة للإنفجار في كل لحظة وحين، تاه العسكر عن السكة الصحيحة، لكن ما نصيب إدارة الجيش الملكي من أزمة النتائج المحصل عليها؟! التدبير السيء للميركاتو الشتوي الحالي بعدم تصريف بعض الزوائد التي لم تعد الحاجة إليها أو أنها خارجة عن إطار التخطيط بحجة بليدة وهي أنها كلفت الفريق مبالغ طائلة، وكذلك الشبح والتقشف الذي رافق الإنتقالات الصيفية والفشل في أخذ بعض توقيعات العناصر بحجة أخرى تبث إفلاسها هي أيضا، وهي أن الجيش له ما يكفيه من أسطول، هو من ساهم في هذا الوضع السيء، إضافة إلى عدم التعاطي الجاد مع إشكالات خاصة تهم تسوية وضعية بعض اللاعبين· لمساسي مثلا وجد نفسه تحت طائل عقد لم يراجعه جيدا، فانتهى إلى ضرورة مراجعته من أجل إرضاء محيطه·· العلاوي انتبه إلى أنه وقع للجيش ب: 15 مليونا لثلاث سنوات·· وادوش يريد الإحتراف وعقله لم يعد هنا ولا أحد انتبه إلى أن شمعة اللاعب تذوب، وقد يخسر الكل بسببها، اللاعب سينسى دحرجة الكرة، والنادي لن يستفيد منه شيئا، وغيرهم كثير، إضافة إلى الإصابة والعياء اللذان لاحقا فريق لم يرتح بالمرة، فكانت الحصيلة بمثل السوء الحاصل· تراكمات ولدت الأزمة - عيادة مملوءة باللاعبين المصابين وعدم تعافيهم بشكل منتظم وموحد (أوشلا، وادوش، العلاوي، قبلي، عزيم، عتيق، ناطر، ناعوم، العوماري)· - عدم إعمال نظام المداورة الذي يلغي حزازات وحسابات الرسمية ويحافظ على إيقاع التنافسية للجميع· - إنتدابات طبعها التقشف صيفا وشتاءا، وعدم تصريف اللاعبين الذين لم يلعبوا لفرق أخرى للإستفادة منها· - سيطرة هاجس الإحتراف على بعض اللاعبين وتأثر مستواهم (نموذج وادوش)· - خلافات في وجهات النظر بين المدرب وبعض اللاعبين وعدم توضيح الصورة بين الإعتماد عليهم أو تسريحهم (الجرموني، قاسمي، لمناصفي)· - غياب قنوات حوار دورية وتكليف المدرب بكل الأدوار الممكنة ولو خارج سلم اختصاصه· - العيش في جلباب النجومية الخادعة وفقدان الثقة بالنفس بعد نكسة طرابلس· - زوبعة التحكيم وتداعياتها اللاحقة على الفريق· - مطالبة بعض اللاعبين بتسوية وضعيتهم المادية أولا وقبل كل شيء؟