قصة صراع محموم سببه قرصنة النجوم لاعبون غيروا الولاء مكرهين وآخرون حملوا طابع الخيانة بودريقة يضم متمردي الوداد وأكرم يحذر من الفتنة جاء التعاقد مع اللاعب جواد إيسن من طرف رئيس الرجاء محمد بودريقة ليعيد للواجهة نقاشا ساخنا بخصوص الحرب الخفية بين معسكري الغريمين في محاولة لاستقطاب أبرز لاعبي هذا المعسكر للجهة التي يقفون فيها. عدد كبير من اللاعبين الذين حملوا ألوان الفريقين خلال مسارهما الطويل، لكن الحركية والدينامية إرتفعت وثيرتها بشكل كبير خلال المواسم الأخير وأضحى الصراع أشبه بديربي يلعب في سوق الإنتقالات وفيه الكثير من الضرب المبرح تحت الحزام. في المتابعة التالية نبش في قصة صراع مثير إرتفع إيقاعه بدخول البطولة إطار الإحتراف وارتفاع مقابل التوقيع. الديربي بعيدا عن الملعب قصة الصراع الأزلي بين الرجاء والوداد وهما يشعلان المنافسة عبر لقاء السنة وهو الديربي الذي يعتبر أكبر موعد كروي بالمغرب، لم يقتصر على لقاءي الذهاب والإياب ولا حتى على لقاءات متناثرة كما تحملها قرعة كأس العرش أحيانا. القصة تستمر من خلال الصراعات المُكولَسة أحيانا بتصدير أزمة هذا الطرف لبيت الفريق الثاني ومن خلال إبعاد سياق الديربيات عن فضاءات المستطيل الأخضر، حيث مكاتب رؤساء الفريقين الساعيين لربح توقيعات لاعبين يشكلون في الغالب زبد البطولة وأفضل ما يوجد في الساحة. وكلما اقترب موعد الميركاطو في شقيه الشتوي والصيفي إلا وظهر الفريقان في الواجهة من خلال اكتساحهما للمشهد ومن خلال سيطرتهما الكبيرة وابتلاعهما أحيانا للسوق بشكل تغيب معه المنافسة من الفرق الأخرى التي تكتفي بمتابعة المشهد عن بعد. لذلك يعتبر ديربي ملاحقة نجوم الفريقين قصد استقطابهما أو ما بات يعرف حاليا ب «قرصنة» النجوم واحد من المظاهر الكلاسيكية التي لا تقل إثارة عن مشهد قطع الطريق على بعض اللاعبين لبلوغ الضفة الأخرى القريبة بعرض إغراءات مالية تصعب مقاومتها. قرصنة أم خيانة؟ اختلفت التسميات والأوصاف المرافقة للعملية وإن كان الكثيرون يقارنونها بما هو سائد على صعيد المستوى العالمي حيث الصراع الأزلي بين الريال والبارصا أو بين الإنتر وميلان وبين الكثير من الفرق التي يرفض موالوها وجمهورها أن يشاهدوا لاعبا من لاعبيه بقميص الفريق المنافس. وفي الوقت الذي يصف فيه الطرف الخاسر العملية على أنها قرصنة مكشوفة خاصة حين يتم التوقيع مع لاعب وهو على ذمة طرف ثاني كما حدث مؤخرا مع اللاعب جواد إيسن، يرى فيها آخرون أن الخطوة تنطوي على كثير من الدهاء. الطرف الثالث يحمل مسؤولية ما جرى من تعاقدات وما يجري حاليا من تسريبات بخصوص سعي الرجاء ضم لاعبين من الوداد أو العكس على أنها خيانة يتحمل مسؤوليتها اللاعب الذي يجب عليه أن يدرك أن اللعب للفريقين معا هو من المحرمات ومن الكبائر التي لا تغتفر. العالمي يلعب على وتر الإغراء النجاح الكبير الذي حققه الرجاء البيضاوي وهو يبلغ مرتبة غير مسبوقة على مستوى مشاركته بمسابقة كأس العالم للأندية، واحتلاله مركز الوصافة والسيولة المالية الكبيرة التي وجدت طريقها للبيت الأخضر وشكلت بالنسبة له حافزا للمضي قدما وبقلب وصدر مفتوحين في اتجاه إتمام مجموعة من التعاقدات، شكلت بالنسبة للاعبين محطة إغراء كبيرة يصعب مقاومتها ويصعب الصمود في وجهها. عالمية الفريق الأخضر والإرتقاء الكبير الذي حققه على مستوى تموقعه والظروف الإيجابية والرائعة التي يوفرها للاعبين المتعاقد معهم، في ظل رئاسة محمد بودريقة شكلت واجهة لسحب أكثر من لاعب ليس من معترك الغريم التقليدي فحسب وإنما من فرق البطولة الإحترافية مجتمعة. الرجاء يراهن على نفس الوتر وهو العالمية لربح توقيع أجروتن وفتاح وعدد كبير من متألقي ومتمردي القلعة الحمراء غير مبال بما يتم الترويج له من خطابات يصنفها الرجاويون على أنها اعتراف كبير بالهزيمة. حكماء الوداد ينتفضون شكل بلوغ الرجاء وصافة مسابقة كأس العالم للأندية حدثا كبيرا استنفر المكونات الودادية وخاصة الهيأة التي أطلقت على نفسها هيأة الحكماء، والتي طالبت بتعبئة قصوى لضمان الحصول على الدرع الذي سيفتح بوابة العالمية أمام فريق الأمة للإنطلاق من جديد. وفي الوقت الذي كان محور النقاش منصبا على توفير السبل الكفيلة ببلوغ هذا الرهان، جاءت الصفقة التي نجح من خلالها الغريم التقليدي الرجاء في اختطاف اللاعب جواد إيسن لتعري الكثير من أوراق التوت عن الصراع الخفي الموضوع تحت الرماد بين الكبيرين. حكماء الوداد ساروا في نفس الطرح الذي سار عليه الرئيس أكرم وهو الإكتفاء بالتنديد بدل أن ينكبوا على دراسة الجوانب التي جعلت الطرف الثاني يغري لاعبين هم على ذمته باستبدال الولاء وتغيير الإنتماء. ولأن عناصر من طينة أجروتن وسعيد فتاح وهما من بين الخامات المطلوبة وبقوة للبيت الرجاوي، لم تحسم أمرها بعد بتمديد تعاقدها مع الفريق الودادي، فإن الرجاء نجح عبر إيسن في إحداث الرجة التي راهن عليها بقلعة الوداد. لا ميثاق شرف في الحرب ولأن العملية تصنف ضمن إطار الحروب الباردة بين المعسكرين، فإن إنهاءها عن طريق ميثاق شرف بين المتنافسين يدخل ضمن خانة الخيارات الصعبة إن لم تكن مستحيلة. نشوة الإنتصار التي يجدها كل طرف ينجح في سحب لاعب نجم لمعتركه من الضفة المقابلة، واللذة التي يحس بها المناصرون للغريمين التقليديين بسبب هذا الإنتصار المعنوي، تقود في النهاية للتأكيد على أن حكاية ميثاق الشرف غير واردة في حسابات الهدنة، لذلك يبقى المجال مفتوحا أمام استعار هذه الحرب وأمام ارتفاع وثيرتها وحدتها مستقبلا وكل التخوف من أن تأخذ أبعادا تجعل من «الفير بلاي» والروح الرياضية مجرد شعار فضفاض في علاقة الطرفين. الميركاطو القادم إذن يؤشر ومن الآن على جبهة مفتوحة بين الفريقين على مستوى قطع الطريق على بعضهما البعض، وعلى مستوى تغيير حسابات اللاعبين وولائهم لصف الوداد أو الرجاء حيث العقد ليس شريعة المتعاقدين هذه المرة وإنما المتحكم في وجهة البوصلة.