ما قيل واستهلك في أسطر الأسبوع الماضي يفضح من جديد استهزاء الجامعة بالأطر الوطنية، ويرمي مغربة الأطر في حضيض الدناءة بأجر الخدم في البيوت وبجهد قش من الملفات·· تصوروا جميعا ما قدمته الجامعة للإطار هشام الإدريسي من مسؤوليات كثيرة من تدريب الفتيان والمشاركة الجبرية في الشبان، والتكوين، وملف الحراسة وغيرها من الأوراق مقابل أجر شهري لا يتعدى خمسة آلاف درهم·· طبعا كنت أتصور أن يكون الراتب لخمسة ملايين سنتيم بقيمة ما سيتفاعل الإطار الواعد هشام عبر المسؤوليات الملقاة على عاتقه، كما حاولت جاهدا الإتصال به لأتعرف عن كل الكبائر والصغائر التي تلقاها، لكن هاتفه كان مقفولا بإقفال موضوع الإهانة المطلقة·· تصوروا لو كان هشام هو ميشيل أو فرانسوا المنتدب لتدريب منتخب الفتيان أو الشبان كما كان طاردي سابقا لَفرض عقدا، وناقش الغلاف المالي بالراتب العالي لما فوق خمسة ملايين مع الإمتيازات الإضافية التي يعرفها المغاربة عن قرب·· لكن هشام مغربي ومن سبقه إلى الإهانة المالية معروفون، ولا يمكنهم أن يطرحوا شخصيتهم في الأرض مقابل مزبلة إهانة·· وما أعرفه أن هشام يتقاضى حاليا كأفضل محلل رياضي بقناة >الرياضية< أحلى رقم يبصق على خمسة آلاف درهم أولا، ويبتعد عن صداع لا يخدم قيمة الوطن التي يتحلى بها الرجل، وربما قد يتقاضى أفضل وأفضل لو كان محللا بالقنوات الرياضية العربية، ولارتاح من عذاب اللاإعتبار المغربي·· لماذا نقسو على أطرنا ب >الحكرة<، ونرفع الأجانب إلى السماء بأرقام يفرضها هم ولا يفرضها رجال الجامعة؟ وهل سمع لومير ومورلان قيمة راتب هشام، وربما حتى رواتب عبد الله الإدريسي الثاني ومصطفى الحداوي، وبأي رقم اختاراه معا لإنجاز المهام المنوطة بهما؟ وهل بهذه الثقافة التقزيمية يمكن أن نهيء ونربح أطر الغذ؟ الله يرحم عليها الزاكي، كان هو الرجل المغربي الوحيد الذي رفع نفسه عاليا، ليس بإنجاز تونس وخلق فريق وطني كبير، ولكن بقوة الشخصية وفرض سلطة الرأي والنقاش الحاد على صفقة الراتب الأقوى والذي لم يتقاضاه أي إطار مغربي في تاريخ الكرة، ونجح الزاكي في تركيع العقد الجامعي ونال بدءا سعر 15 مليون سنتيم، قبل أن يضاعف بجرأة وشجاعة وعمل الرجل إلى 30 مليون· بل وكان الإطار المغربي الذي رفع سومة الأطر التي أتت بعده إن مع فاخر أو حتى مع الأندية كقيمة عملية براتب محترم لا يقارن بالأجانب· ربما كان الزاكي هو رجل الساعة الذي أحيا جيلا جديدا من الأطر التي لا تبيع نفسها تلقائيا مثلما يفعل بعض المدربين الذين يقبلون مهامات كبيرة برواتب لا توازي قيمتهم، وربما كان لتأثير ما قدمه الزاكي من صرامة مع الجامعة سابقا هو ما ألغى هذا التصور لإضعاف الأطر القادمة في الفئات الصغرى بفتات الإهانة، كما أعتقد أن إسم الزاكي أصبح مثل جرس موسيقي يزعج آذان من يكرهونه إلى الآن بمثل قنابله الموقوتة لقتل سر نجاحه مع الوداد·· ربما يكون سياق استحضار إسم الزاكي كأول مدرب مغربي فرض نفسه على الجامعة وعلى العقد والأهداف والراتب، نابعا من هول الصدمة التي تلقيناها بهزالة راتب هشام، وربما حتى راتب عبد الهادي السكتيوي الذي لا يتلاءم مع راتبه بآسفي لتغيير مرحلة الأمس القريب بسيولة المال إلى هزالته في هذه اللحظة بالذات دون أن نعرف ما هي مقاييس وعقود كل من فتحي جمال وعبد الله بليندة على الطاولة وبالمهام المحددة· الأفضل أن يتأهل أطرنا خارج القواعد، أو أن يلجأوا إلى أفضل صور الإقناع في مهمة يرون فيها نجاحهم كما هو حاضر في هشام كمحلل رياضي على أعلى مستوى من اللغة الرياضية والثقافة العامة، وأراه ناجحا في التحليل براتب يفوق بكثير من حبات الجامعة الهزيلة، وربما قد يكون في الجزيرة أو غيرها من القنوات أفضل حتى مما يتقاضاه بقناة >الرياضية<·