عندما تتابع فريقك من موسم إلى آخر، من السهل جداً أن تشعر بهوية ناديك الخاصة به. وإذا كانت بعض القصص الغريبة كانت وراء إنشاء هذا النادي أو ذاك، فان جذور بعضها الآخر يكمن في مكان آخر. من المؤسسين إلى ألوان النادي، إلى الأسماء أو الشعارات، هناك العديد من الأندية التي استمدت تاريخها من خارج الديار عندما ينظر عن كثب كيف صنعت اسماً لها. تبدو الأمور واضحة تماماً بالنسبة الى بعض الأندية أمثال برشونة أس سي من الإكوادور، أو إيفرتون دي فينا دل مار من تشيلي، أو يوفنتوس من البرازيل الذي يرتدي لاعبوه قمصاناً مستوحاة من نادي فيورنتينا، وسبارتا براغ الذي يلعب بألوان نادي آرسنال عام 1906، وبالتالي يبدو تأثير هذه الأندية الاجنبية جلياً. عاد يوفنتوس البرازيلي إلى الجذور عندما سمح لأنصاره بارتداء القميص الأسطوري للعملاق الإيطالي باللون الأسود والمرقط بالأبيض. ولكن بعد أن خاض يوفنتوس الأصلي ثلاث سنوات بدوري الدرجة الأولى، شعر الأعضاء المنتسبون إلى النادي بأن الزي الذي يرتدونه شبيه لحد بعيد باللون الزهري لقميص باليرمو. ولأنهم يريدون أن تكون لهم هويتهم الخاصة، قرر النادي إيجاد ألوان جديدة به، وقد جاء الجواب من أحد الأعضاء المنتسبين ويدعى جون سافيج لاعب نوتنجهام فوريست سابقاً. اتصل سافيج بنادي نوتس كاونتي الذي كان آنذاك في الدرجة الأولى طالباً ما إذا كان النادي الذي تأسس قبل 40 عاماً يستطيع تأمين بعض القمصان من زيه الرسمي باللونين الأسود والأبيض. ووافق النادي الذي يطلق عليه لقب «ماغبايز وسط إنجلترا» ليساهم بولادة «زيبرا» شمال إيطاليا. وأعاد نادي يوفنتوس الجميل إلى النادي الإنجليزي بعد مرور 108 سنوات عندما افتتح ملعبه الجديد فدعا نوتس كاونتي ليخوض المباراة الإفتتاحية فيه. وقال قائد الفريق نيل بيشوب «مواجهة يوفنتوس هو أمر لم أعتقد بانه سيتحقق يوماً ما. إنها فرصة العمر بالنسبة إلينا في نادي نوتس كاونتي.» ونجح فريق الدرجة الثالثة في انتزاع التعادل من العملاق الإيطالي 1-1. ميلان شيطان من نوتنغهام وكان لشمال إيطاليا علاقة أخرى مع مدينة نوتنغهام الإنجليزية أيضاً، لأن ميلان تأسس بفضل رجل آخر قادم من هناك ويدعى هيربرت كيلبين. تقول الأسطورة بأن كيلبين لجانب أربعة من مواطنيه المهاجرين كانوا يشربون في إحدى الحانات عندما خطرت ببالهم إنشاء ملعب خاض بهم لممارسة الرياضة فولد نادي ميلان لكرة القدم والكريكيت. لا يزال النادي يحمل حتى الآن التسمية الإنكليزية أي إي سي ميلان وليس ميلانو بالإضافة إلى القميص الذي ابتكره كيلبين نفسه. ويقال أن الأخير اختار هذا القميص الأسطورة باللونين الأحمر والأسود لأنه بحسب قوله «نحن فريق مؤلف من شياطين. اللون الأحمر يرمز إلى النار والأسود يثير الرعب في نفوس منافسينا!» على أي حال فإن نادي جنوى أبصر النور قبل العملاقين الايطاليين يوفنتوس وميلان، ليكون أول فريق إيطالي كروي وتحديداً عام 1893 عندم أطلق عليه اسم نادي جنوى للكريكيت وكرة القدم بعد أن قدم إلى مرفأ المدينة العديد من اللاعبين الإنجليز الذين أرادوا ممارسة كرة القدم ولا يزال العلم الإنجليزي ظاهراً على قميص جنوى الرسمي. وعلى المقلب الآخر من الحدود وفي سويسرا تحديداً، تأسس غراسهوبرز حتى قبل جنوى عام 1886 عن طريق تلامذة إنجليز، لكن أحد السويسريين المهاجرين قد يكون له التأثير الأكبر في الكرة العالمية. لا شك بأن اسم خوان غامبر مألوف جداً لعشاق نادي برشلونة، لأن الدورة السنوية التي تسبق انطلاق الموسم تحمل اسمه، لكن هذا الرجل الذي كان يعرف باسم هانس كامبر قبل قرن من الزمن ترك أكثر من بصمة في تاريخ النادي الكاتالوني. فقد أدى إعلان في الصحيفة المحلية «لوس ديبورتيس» إلى اهتمام كبير بتأسيس ناد لكرة القدم وهكذا بدأت أسطورة أحد أعرق الأندية في العالم. إذا كان ملعب التدريب الخاص باسم برشلونة يحمل اسم غامبر، فإن الأمر الأكثر شداً للإنتباه هو قميص النادي الأسباني الذي ابتكره جامبر والذي عيّن رئيساً للنادي خمس مرات. كان جامبر قائداً لنادي مسقط رأسه أف سي بازل الذي يرتدي قميصاً بالونين الأزرق والأحمر أيضاً، ويبدو أن هذين اللونين ألهما غامبر. وبات قميص برشلونة يملك شعبية كبيرة حالياً ويرتديه الملايين من أنصاره حول العالم، لكن لا وجود لبراهين أكيدة حول أصول هذين اللونين. وإذا كان برشلونة الذي يعتبر فخراً لكل كاتالوني وجد جذوره من خلف الحدود، فإن الأمر ينطبق على أندية الشمال في أسبانيا أيضاً وتحديدا أتلتيك بيلباو الباسكي الذي يرجع تكوينه إلى إعلان في الصحيفة يدعو إلى تحدي فريق من الإستعمار الإنجليزي. حقق الفريق الإنجليزي فوزاً ساحقاً ما خلق بذور اهتمام بالرياضة بالنسبة إلى المحليين، فشهدت تلك الفترة ولادة بيلباو أف سي من أحد المحليين الذي تابعوا دراستهم في مدينة مانشستر وكان نصف الفريق مؤلفاً من لاعبين إنجليز. واندمج أتلتيك أف سي مع منافسه أتلتيك كلوب لاحقاً ليصبح أتلتيك بيلباو الحالي حيث لا يزال يحمل إسما إنجليزياً. ويبدو النقاش حامي الوطيس بين أنصار ناديي سندرلاند وساوثهامبتون بشأن فضل أحداهما في ارتداء بلباو للونين الأحمر والأبيض، بعد أن اشترى أحد أعضاء أتلتيك قميصاً للنادي خلال رحلة إلى لندن. صراع سكك الحديد في الأرجنتين يحمل نيولز أولد بويز الأرجنتيني اسماً إنجليزياً صرفاً يعود الفضل فيه إلى مؤسسه إيزاك نيويل الذي هاجر إلى روزاريو وهو شاب ليعمل في سكك الحديد. قدَم إيزاك إلى الأرجنتين أول كرة رسمية وكتاب يضم جميع قوانين اللعبة. وأسس ابنه كلاوديو النادي من جامعة إيزاك الذي كان الأخير مديرها ويدعى المعهد التجاري أنجليكانو أرجنتينو. لكن ألمانيا تستطيع المطالبة بحصة 50 في المئة من النادي لأن والدة كلاوديو أصلها من هناك. ويرتدي الفريق اللونين الأسود والأحمر، كما يوجد شعار المدرسة على القميص الخاص بالنادي. ويعتبر نيو أولد بويز الغريم التقليدي حالياً لنادي روزاريو سنترال الذي تأسس أيضاً بواسطة إنجليزي واسكتلندي. فليلة عيد الميلاد عام 1889، تقدم توماس موتون باقتراح لإنشاء فريق لعمال السكك الحديدية، فأطلق الرئيس الأول كولين باين تأسيس نادي سنترال ريلواي أثلتيك. ومع تزايد عدد المهاجرين الأسبان في النادي، سرعان ما اعتمدوا تسمية كلوب أتلتيكو روزريو سنترال وهو اسم النادي حالياً. وفي الأرجنتين أيضاً، يحمل ريفر بلايت اسماً أجنبياً مستمد على ما يبدو من دوكلاندز حيث عمل العديد من أفراد الفريق. فبعد مشاهدة العديد من الحاويات تصل إلى مرفأ ريو دي لا بلاتا قادمة من إنجلترا، يقال بأن أحد المسؤولين في بويرتو روزاليس ويدعى بيدرو مارينيز أردف قائلاً «لنسمه ريفر بلايت.» أما الباقي فللتاريخ. ولا شك بأن العداوة بين ريفر بلايت وغريمه بوكا جونيورز مستمدة من التأثير الأجنبي أيضاً. حيث يطلق على بوكا لقب «لوس خينيسيس» أي القادم من مدينة جنوى وذلك بفضل مهاجريه الإيطاليين الخمسة الذين ساهموا بتأسيسه وأطلقوا عليه في بادىء الأمر اسم كلوب إنديباندنسيا سود. ثم تحول الإسم إلى بوكا جونيورز مع لفظة جونيورز الإنجليزية ليعكس أسلوب الفريق في تلك الفترة، لكن معرفة كيفية ارتداء الفريق اللونين الازرق والذهبي قصة مثيرة للإهتمام. فبعد أن ارتدى بوكا جونيورز اللونين الأسود والأبيض كما هي الحال لناد محلي آخر، كان يتعين عيه أن يخوض تحدياً لمعرفة من من الناديين يحتفظ بألوانه فخسر بوكا الرهان. وتقول الرواية بأن أحد العاملين المحليين على جسر في لا بوكا ويدعى خوان بيركيتو شاهد سفينة سويدية ترسو على الميناء وتدعى «دروتنينغ صوفيا.» وبالتالي فإن قميص بوكا الذي يطلق عليه دييجو مارادونا لقب «أجمل قميص في العالم» يستمد جذوره في الحقيقة من اسكندينافيا. وعلى الساحل الأمريكي الجنوبي، ساهم المهاجرون البرتغالين والألمان في خلق هوية خاصة لهما في البرازيل، عندما أسسوا في سبتمبر1903 نادي غريميو لكرة القدم. وبعدها بسنوات تأسس نادي كورينثيانز في ساو باولو وقد سمي كذلك تيمنا بالفريق الإنجليزي الهاوي كورينثيانز كاجويل الذي قام بجولة في البلاد عام 1910. التأثير الأجنبي في تأسيس بعض الأندية لا يأتي دائماً من بعيد، حيث تدين بعض الأندية الإسكتلندية العريقة إلى سكانها الإيرلنديين. فقد حذا سلتيك حذو هيبرنيان حيث أصبحاً مصدر فخر للجالية الكاثوليكية ومصدراً لأعمال الخير من أجل مكافحة الفقر المحلي.