أين هي الحكمة؟ ما يزيد عن الأعراف المهنية الضابطة بصرامة لمنظومة العلاقة التي يجب أن تربط الأندية الوطنية بكل محيطاتها بالإعلام الرياضي المحلي والوطني على حد سواء كلما توغلنا في عوالم الإحتراف، أن هذه العلاقة تتنزه عن كل الشوائب وتسمو إلى درجة من التكامل القائم على إحترام التخصص ودعم الشفافية والإرتفاع بالنقد عن التسطيح والهشاشة والإلتزام الكامل بأخلاق الإحتراف وأدبيات المهنية. وقطعا لا يضمن وجود هذا المناخ الصحي الذي من دونه سيفشل بالقطع المشروع الإحترافي بكل الآمال المعقودة عليه سوى أن يتمكن النادي كمؤسسة رياضية من رسم الإطار الإحترافي الذي يجب أن يؤطر العلاقة مع الصحافة في تبادل حضاري للمصلحة والمنفعة وفي ممارسة ديموقراطية لأدوار البناء والتقويم للوصول إلى أفضل حكامة ممكنة من دون تكالب ومن دون تطاول ومن دون تسفيه وضرب للقيم. مناسبة هذه التوطئة ما يرمى به في المشهد الكروي والرياضي الوطني بين الحين والآخر من فقاعات ملطخة للعلاقة بين الصحافة الرياضية وبين الأندية، فقاعات لا أدعي أنها موجهة ولا أدعي أنها فارغة المحتوى ولا أقول بضرورة تركها تموت على صفحة الأيام، ولكنني أتوجع فعلا لكون الصيغة والتوقيت وأيضا الحمولات تقول بأن هناك تشخيصا لصراعات كانت مصلحة المشروع الإحترافي تقتضي لو تتم تصفيتها بعيدا عن محيطات الأندية حتى لا يوضع كل الإعلاميين الرياضيين في سلة واحدة وحتى لا نمارس عادة البصق في الإناء الذي نشرب منه جميعا. من الجديدة رمى الدفاع الحسني الجديدي بكرة من نار في بيت الصحافة وهو يصدر بلاغا عنيفا باللفظ وبالمحتوى على موقعه الإلكتروني لا أظنه إختار جزافا المفردات الناسفة التي شكلت نصه ولا أخاله لم يتهيأ بالشكل الكافي لتبعات تهم وجهت للصحافة الرياضية الوطنية لا بد وأن يقيم الدليل عليها ولا بد أيضا أن ينتبه إلى أنه في خرجته هاته التي تصيب بالحزن فتن الناس وجمع البيض الفاسد، إن كان هناك بالفعل بيض فاسد، في سلة واحدة وانحرف عن المواثيق التي تقول بأن هناك مسلكا لا بد وأن نسلكه في التصدي لحالات منافية للأخلاق الرياضية، هو الإتصال بالمؤسسة الحاضنة للصحافة الرياضية ليس من باب العلم بالشيء فقط ولكن من باب احترام قيم العمل المشترك وترسيخا لقيم المساءلة. جاء التوصيف عنيفا والتعرية على ما أسماه البلاغ بالسلوك المفضوح مدججة بالتهم والتعبيرات التي لا يمكن السكوت عنها، فبالقدر الذي لا نسمح للدفاع الحسني الجديدي مع تقدير ما يمكن أن يكون قد تجرعه أو عاناه أن يذهب بعيدا في الكيل للصحافة الرياضية الوطنية برغم أنه يقترح لهجمته إستثناءات، فإننا لا نقبل بأن تزرع الألغام في ساحة الإعلام فيتضرر بها الجميع تم نعود بعد ذلك للتفييء وجبر الضرر بالإعلان عن المقصودين من هذه الخرجة العنيفة. ليس من باب أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، التصدي بقوة لخرجة الدفاع الحسني الجديدي لأنه لا نية لي لأستنصر الفساد والسمسرة والإبتزاز، في خروج كامل عن المواثيق الصحفية التي جاهد ويجاهد الإعلاميون المهنيون والشرفاء في حمايتها من الزلل والشطط، ولكنني كنت أتمنى درءا لعواقب التشهير وتفاديا لإصابة العلاقة التي يفترض أن تربط الأندية الرياضية بالصحافة بفقدان الثقة وحتى لا تصاب كل الصحافة الرياضية الوطنية بجهالة لو أن الدفاع الحسني الجديدي عرض الأمر على الجمعية المغربية للصحافة الرياضية لتتدارسه بعمق وبمسؤولية مع كافة شركائها الذين لا نية لهم في المتاجرة بقضايا الإعلام الرياضي طلبا لمنفعة مضمرة وجوبا، ولو أن الدفاع بفرض أنه لم ير من ضرورة للتشاور كشف بلا تلميح أو ترميز عن الذين قال أنهم سماسرة ومبتزون وكتاب أباطيل، فلم يزدنا إلا وجعا عندما قال في بلاغه أنه تجنب التعرية الإضطرارية، وهو بذلك يجمل وجها أصابه بالندوب والتشوهات. إن القطع مع الممارسات التي تهدف بالأساس إلى تقويض علاقة الإحترام والتقدير بين الأندية والصحافة وهما معا وجهان قويان للحركة الرياضية، لا يمكن أن يكون إلا إذا توحد الكل في خندق التصحيح من دون طلب للبطولية باختلاق أسباب التفرقة الواهية ولا يمكن أن يكون إلا بالمصارحة وبتسمية الأشياء بمسمياتها ولا يمكن أن يكون إلا إذا ترفع الجميع عن صغائر الأمور كف عن تحويل الصراعات الشخصية إلى ساحات للإقتتال الخاسر فيها هو المشروع الإحترافي.