أخفق المغرب في أن يكون عضوا نافذا داخل اللجنة التنفيذية للإتحاد العربي لكرة القدم عندما لم تمنح الجمعية العمومية المنعقدة بجدة بالمملكة العربية السعودية سوى ثمانية أصوات لممثل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الحاج سعيد بلخياط، الذي كان عضوا داخل ذات الجهاز من سنة 1996 إلى سنة 2003، كما كان في الفترة الأخيرة رئيسا للجنة الإنضباط. إخفاق الحاج سعيد بلخياط هو إقصاء للمغرب وهو أيضا تحجيم لدور إستراتيجي لعبه المغرب في دعم كرة القدم العربية بكافة هيئاتها، وهو إشارة واضحة على أن المغرب أصبح مستهدفا في ريادته ومرجعيته وتاريخية الأدوار التي لعبها على الدوام لدعم العمل الرياضي العربي.. آثرنا في «المنتخب» أن نترك للحاج سعيد بلخياط الذي عاد بخيبة أمل كبيرة من السعودية فسحة من الزمن ليقرأ بعمق كل هذا الذي جرى وصار، كل هذا الذي وصفه ذات لحظة بالمؤامرة. وإن كانت هناك فعلا مؤامرة إستهدفت ممثل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فمن خطط لها؟ وكيف نجح في تنفيذها؟ وماذا سيكون موقف الجامعة منها وممن دبرها؟ الحوار التالي مع الحاج سعيد بلخياط يصوغ لنا سيناريو المسرحية المحبوكة بدقة.. المنتخب: عندما تحصل كممثل للجامعة وكمرشح لكرة القدم المغربية في اللجنة التنفيذية للإتحاد العربي لكرة القدم على 8 أصوات، وهي أضعف نسبة تصويت، نكون فعلا إزاء كارثة، كيف نقبل بالأمر؟ سعيد بلخياط: دعني أولا أصفك وأضع قراءك في صورة ما حدث.. الكل كان يعرف مسبقا أننا كنا مدعوين لجمعية عمومية إستثنائية بكل المقاييس، لأنها تنعقد في سياق زمني خاص جدا، بعد سنة كاملة من الحوار ومن النقاش العميق لتجاوز أزمة رئاسة الإتحاد العربي لكرة القدم والتي تنافس عليها الأمير سلطان بن فهد رئىس الإتحاد السعودي لكرة القدم والقطري محمد بنهمام رئيس الإتحاد الأسيوي لكرة القدم، وهي المنافسة التي أخذت أبعادا قوية على خلفية دعم السعودية لمرشح البحرين لحيازة عضوية الإتحاد الدولي لكرة القدم. بالطبع جرى ترتيب الأمور على نحو يدعم التوافق، ونجح الكل في تجاوز الأزمة، إذ قرر السيد محمد بنهمام سحب ترشيحه ليصبح الأمير سلطان بن فهد مرشحا وحيدا، وينتخب بالتالي رئيسا للإتحاد العربي بالتزكية.. من هذا المنظور كان مرتبا أن تحدث الجمعية العمومية نقلة عمومية في هيكل وفلسفة عمل الإتحاد العربي لكرة القدم، وبالتالي كانت الجامعة كما كان عليه الأمر في كل مرة مستعدة للإنخراط بعمق في كل الأوراش، لطالما أن هناك مرجعية، وقد رأت أن يكون ترشيحي لعضوية المكتب التنفيذي إنطلاقا من تجارب كثيرة راكمتها، فقد كنت عضوا بالمكتب التنفيذي من سنة 1996 إلى سنة 2003 وأيضا تأسيسا على قناعة كاملة أن المغرب له من الريادية وأيضا من خبرات ومساهمات في الإرتقاء بالعمل الرياضي العربي، ما يعطيه الحق في أن يكون حاضرا بقوة في الهيئة التنفيذية.. المنتخب: ولكن جرت الرياح بما لم تشتهيه وكان ما وصفته أنت بالمؤامرة. سعيد بلخياط: ما كان وما حدث أصفه شخصيا بالمسرحية المحبوكة، أستطيع أن أؤكد لك أن نتيجة الإقتراع فاجأت أعضاء داخل الجمعية العمومية أكثر ما فاجأني، وسأبدأ بتقديم الشكر الخالص للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فقد حرص السيد علي الفاسي الفهري على أن يكون الحضور قويا في الجمعية العمومية، إذ كونت مع العضوين الجامعيين عبد الإله أكرم وكريم عالم فريق عمل متجانس، وعلى مدى الأيام الثلاثة التي سبقت الإنتخابات إجتمعنا بممثل 21 إتحادا عربيا، وكان هناك إجماع على ضرورة وجود المغرب داخل اللجنة التنفيذية لاعتبارات كثيرة ما يتصل منها بتاريخية الأدوار وما يتصل منها بالتضحيات التي بذلها المغرب لدعم أنشطة وبطولات الإتحاد العربي لكرة القدم. لقد شعرنا جميعا أن التقدير الذي يحظى به المغرب وكرة القدم المغربية لا يجبرنا على الدخول في الحسابات الضيقة التي تحفل بها العملية الإنتخابية، لذلك أقول لك أن المفاجأة كانت قوية في صورة صفعة وجهت لكرة القدم المغربية أكثر ما وجهت لشخصي، وهو ما جعلني أقول أننا كنا أمام مسرحية محبوكة. المنتخب: ومن حبك هذه المسرحية؟ سعيد بلخياط: هناك أطراف لم يكن في صالحها أن يحضر المغرب في اللجنة التنفيذية، وأكبرها السيد راوراوة رئيس الجامعة الجزائرية، بدليل أن ثلاثة من أقوى الإتحادات في إفريقيا لم تنجح في دخول اللجنة التنفيذية، المغرب، تونس وليبيا، بل إن رئيس الإتحاد المصري لكرة القدم سمير زاهر كان مخططا بقوة لرسوبه على خلفية الأحداث التي صاحبت مباراة مصر والجزائر عن تصفيات كأس العالم، لولا أن هناك قوة ضغطت ليكون ترتيبه الثالث بين الأربعة الذين صعدوا من عرب إفريقيا.. المنتخب: وكيف لم تشعروا جميعا بأن هناك مؤامرة يجرى التخطيط لها وتدبر أساسا ضد المغرب، ضد كرة القدم المغربية؟ سعيد بلخياط: قلت لك أن كل الإجتماعات الهامشية التي عقدناها أعطتنا الإنطباع على أن هناك إجماع حول المغرب، ولم تشعرنا لغاية الأسف أن هناك من قضى الأيام والليالي في نسج المؤامرة، والتي كان من ضحاياها أيضا الشيخ عيسى بن راشد من البحرين والذي قضى سنوات كثيرة يعطي من حكمته ورزانته ومرجعيته الكثير الكثير لكرة القدم وللإتحاد العربي، وحتى أعطيك دليلا على أننا لم نتنبه لهذه المسرحية وهي تحبك في الظلام، إتصل بي السيد منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة ليطمئن على الحظوظ، وليعرض أي خدمة يتطلبها الموقف.. فقلت له أن الأمور كلها تسير في الإتجاه الصحيح، وقد كنت صادقا في ذلك.. المنتخب: ولماذا لا يكون الفشل، فشلك أنت؟ سعيد بلخياط: أنا رجل عشت وخبرت ما يحيط بالإنتخابات، ولو كنت موقنا بنسبة واحد بالمائة أن لا حظ لي في النجاح لتركت المكان لغيري، وحتى أعطيك دليلا على أن المؤامرة إستهدفت كرة القدم المغربية، فقد سبق وتقدمت سنة 2005 لعضوية الإتحاد العربي لكرة القدم، وخضت وحيدا الإنتخابات ولم أصعد للجنة التنفيذية بفارق صوت واحد عن التونسي سليم علولو والمصري سمير زاهر، كنت يومها قد تحصلت على 14 صوتا، أما اليوم فقد حصلت على 8 أصوات.. وثم إنتخاب أعضاء لا قياس لنا معهم لوجود فارق كبير، ما يعني أن السيد راوراوة أبعد عن طريقه كل الذين ينزعج من وجودهم ولا أعرف لذلك سببا.. المنتخب: حتى المصري سمير زاهر تحدث عن وجود مؤامرة حتى وهو ينتخب في اللجنة التنفيذية؟ سعيد بلخياط: سمير زاهر شعر فعلا بأن هناك حملة قد إستهدفته من الجزائري راوراوة بعد التصعيد الرياضي والإعلامي الذي رافق مباراة مصر والجزائر، وقد ضجت الكواليس بجمر الخلاف، وأستطيع أن أؤكد لك عند قراءتي العميقة لما حدث، أنه جرى الترتيب لإقصائه من اللجنة التنفيذية لولا أن هناك قوة حضرت لإفشال هذا الإقصاء، وقد خرج سمير زاهر في أكثر من منتدى إعلامي ليقول أن الإتحاد المصري لكرة القدم سيتبنى موقفا من هذا الذي حدث.. المنتخب: وأنت كيف تصرفت إزاء هذا السقوط المبرمج؟ سعيد بلخياط: لقد آمنا جميعا أننا قمنا بما يلزم، ولكن المؤامرة كانت صادمة لنا، ولو شعرنا بها لكنا أعددنا لها العدة، شخصيا أنا بصدد إنجاز تقرير كامل أضعه أمام السيد منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة والزميلان أكرم وعالم سينجزان بدورهما تقريرا يسلمانه للسيد رئيس الجامعة. وعلى ضوء التقريرين والدراسة التي ستنجز سيمكن بعدها إتخاذ ما يلزم من مواقف. المنتخب: لا أظن أن هناك موقفا آخر غير الدفاع عن حرمة كرة القدم المغربية، عن كبريائها وعن تضحياتها، فلا أحد يقبل أن يورد الإتحاد العربي لكرة القدم الإبل على هذا النحو؟ سعيد بلخياط: المغرب كان داعما باستمرار للعمل الرياضي العربي لأزيد من أربعة عقود من الزمن، كل الدفعات القوية التي عرفها الإتحاد العربي لكرة القدم كان المغرب مساهما فيها، لقد قدمت كرة القدم المغربية تضحيات للإرتقاء بدوري أبطال العرب،أنديتنا الكبيرة رفعته إلى درجة البطولات الكبيرة في وقت كانت فيه أندية كبيرة بدول عربية أخرى تقاطعه، مسيرونا وإعلاميونا دعموا لجان العمل، وإذا كان الإقصاء بهذا الشكل يثير الحفيظة، فعلينا أن نتخذ قرارات ونتبنى مواقف،، فقد كنت أول من أعلن رفضه لرئاسة لجنة الإنضباط داخل الإتحاد العربي، لأنني أرفض مناصب الترضية.. المنتخب: أتصور أن علينا أن نقرأ بعمق موقعنا في كثير من الهيئات بما فيها إتحاد شمال إفريقيا، والإتحاد الإفريقي لكرة القدم، لقد تساهلنا كثيرا حتى أن مصالحنا ضاعت وكلمتنا لم تعد مسموعة.. سعيد بلخياط: المغرب بتاريخه وبأبطاله وبنجومه وبتضحياته يجبر الكل على إحترامه، لا يستطيع أي كان أن ينال من تاريخنا الكروي، ولكن هناك ما يقول اليوم بضرورة أن نعيد حساباتنا في كثير من الأشياء، يجب أن نعتبر وجودنا النافذ والقوي والمؤثر داخل كل المنتظمات الرياضية العربية والدولية حقا مشروعا وليس صدقة، وما ضاع حق وراءه طالب..