اتجهت أنظار مانشستر يونايتد الى المدرب البرتغالي جوزي مورينيو في صيف 2016، كرد على تعاقد غريمه وجاره سيتي مع الإسباني جوسيب غوارديولا. بعد عامين على تكرار تنافسية المدربين السابقين لريال مدريدوبرشلونة الإسبانيين، يبدو المدرب الكاطالوني الرابح الأكبر. في ختام موسم 2011-2012، كسر مورينيو مع النادي الملكي هيمنة الغريم الأزلي برشلونة بقيادة غوارديولا على لقب الليغا الإسبانية لثلاث مرات متتالية بين العامين 2009 و2011. قبل عامين، تجددت المواجهة بين مدربين يحظى كل منهما بشخصية مختلفة ومقاربة كروية مختلفة، وهذه المرة على ضفتي كرة القدم في المدينة الإنكليزية الشمالية. عشية استضافة سيتي لغريمه على ملعب الاتحاد في المرحلة الثانية عشرة من البطولة الإنكليزية الممتازة، تحضر المقارنة مجددا بين المدربين، لاسيما من جهة يونايتد الذي كان يمني النفس بأن يتفوق مورينيو على غوارديولا في إنكلترا، كما سبق له أن فعل في إسبانيا. لكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر. وعلى رغم أن مورينيو حقق بعض الألقاب مع يونايتد لاسيما اوروبا ليغ 2017، الا أن اللقب الأهم، أي البطولة الإنكليزية، كان من نصيب غوارديولا في العام نفسه. وهذا الموسم، يبدو سيتي في أريحية مطلقة محليا، بتصدره من دون خسارة بعد 11 مرحلة، بفارق تسع نقاط عن "الشياطين الحمر" الذين هزموا ثلاث مرات في المراحل السبع الأولى، في إحدى أسوأ بداياتهم. أقر مورينيو نفسه الجمعة بصعوبة مقارعة سيتي، قائلا إن الأخير "فوق المنافسة"، لاسيما في نوعية العمل الذي يبذل فيه والتنظيم. يبدو سيتي هذا الموسم يحلق في سرب بمفرده، لاسيما على صعيد الأداء الهجومي وغزارة الأهداف. وعلى سبيل المقارنة، يبلغ فارق الأهداف (بين تلك التي سجلها وتلقاها) لسيتي 29 هدفا، في مقابل فارق هدف واحد ليونايتد. سجل سيتي 12 هدفا في مباراتيه الأخيرتين (6-1 على حساب ساوثمبتون في المرحلة الماضية من البريمرليغ، و6-صفر على حساب شاخطار دانييتسك الأوكراني في الجولة الرابعة من عصبة أبطال أوروبا). في المحطتين، اكتفى يونايتد بأربعة أهداف، توزعت تساويا بين مرمى بورنموث محليا (2-1)، وبالنتيجة نفسها على يوفنتوس الإيطالي أوروبا، في مباراة تقدم فيها المضيف الإيطالي حتى الدقائق الأخيرة من المباراة. وعلى رغم أن يونايتد حسن نتائجه في المباريات الأخيرة، الا أن انتصاراته غالبا ما تأتي بعد تأخر، ويتداخل فيها الأداء والحظ وفشل المنافس في استغلال الفرص، ويتواصل البحث عن أداء مقنع ثابت. وفي مقارنة شخصية بين المدربين، خسر غوارديولا أمام مورينيو خمس مرات في 21 مواجهة بينهما. ولعل أبرز خسارة للمدرب الإسباني أمام البرتغالي تعود الى لقاء على ملعب الاتحاد أيضا في الموسم الماضي ضمن الدوري الممتاز، وذلك بنتيجة 2-3 بعدما تقدم سيتي بثنائية نظيفة. بعد ذاك الفوز الذي أرجأ تأجيل سيتي بلقبه الثالث منذ 2012، قال مورينيو "السؤال هو ما اذا كنا قادرين على اللحاق بهم الموسم المقبل". بعد سبعة أشهر، لعل مورينيو يدرك الإجابة، ويجاهر بها حتى. بعد الخسارة على ملعب أولد ترافورد أمام يوفنتوس (صفر-1) في الجولة الثالثة من عصبة أبطال أوروبا، كرر البرتغالي اللازمة التي يعتمدها منذ صيف هذا العام: يونايتد عاجز عن المنافسة لأن إدارته لم تتحرك كما يجب في سوق الانتقالات، ولم تلب طلباته للتعاقد مع عدد من اللاعبين. وقال البرتغالي "بلوغ مستوى يوفنتوس؟ مستوى برشلونة؟ مستوى ريال مدريد؟ مستوى مانشستر سيتي؟ كيف يمكننا أن نصل الى هذا المستوى؟ (...) الأمر ليس سهلا. نعمل بما لدينا" من لاعبين وإمكانات. في إزاء تململه من أداء إدارة ناديه المملوكة من عائلة غلايرز الأميركية في سوق الانتقالات، يسترق مورينيو النظر الى الدعم الذي لقيه غوارديولا من إدارة سيتي المملوك من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، والتي استثمرت منذ أعوام مئات الملايين للتعاقد مع اللاعبين. لكن ما لا يقر به مورينيو، هو أن معظم تعاقدات غوارديولا حققت نجاحا مع النادي، في حين يعاني هو لاستخراج الأفضل من لاعبين اختارهم بنفسه، وكانوا يقدمون أداء أفضل في أنديتهم السابقة. المثال الأبرز على ذلك هو التشيلي أليكسيس سانشيز الذي تعاقد معه يونايتد في يناير 2018 من أرسنال الإنكليزي، بعد منافسة شرسة على خدماته مع... مانشستر سيتي نفسه. لم تكن تلك المرة الأولى التي تنافس فيها الفريقان على لاعب. في 2009، أقدم المهاجم الأرجنتيني كارلوس طيفيز على "خطيئة" الانتقال من ضفة لأخرى، بالتوقيع مع سيتي بعدما دافع عن ألوان يونايتد معارا. حينها، كان يونايتد هو الطرف الأقوى في المدينة، وبقيادة المدرب الأسطوري "السير" الاسكتلندي أليكس فيرغوسون الذي صب جام غضبه على سيتي، وصولا لحد وصفهم ب "الجيران الصاخبين". أضاف "هم ناد صغير ذو عقلية صغيرة. كل ما يمكن لهم أن يتحدثوا عنه هو مانشستر يونايتد، هذا كل ما قاموا به ولا يمكنهم الابتعاد عن ذلك". اختلف الزمن بشكل كبير بين 2009 و2018. في السابق، كان مشجعو سيتي يدخلون دربي المدينة على أمل تحقيق نتيجة جيدة، أكثر مما كانوا يتوقعون ذلك. بين يدي غوارديولا، تميل الكفة عكس الماضي.