بعد مرور أربعة أشهر على استلامه مهامه الجديدة خلفا لماوريتسيو ساري، ما زال المدرب الإيطالي الخبير كارلو أنشيلوتي يبحث عن التوليفة المناسبة لفريقه الجديد الذي سيختبر قدراته الثلاثاء عندما يستضيف ليفربول الإنكليزي في عصبة أبطال أوروبا. اعتبر مالك نابولي المثير للجدل أوريليو دي لونتيس وصول أنشيلوتي الى الفريق الجنوبي بمثابة بداية حقبة جديدة قد تقود فريقه الى لقبه الأول في البطولة المحلية منذ 1990 وأيام أسطورة الأرجنتين دييغو مارادونا. وجاء التعاقد مع أنشيلوتي الذي تعج خزائنه بألقاب حصدها مع أندية من خمس دول، بعد موسم مثير جدا لنابولي أنهاه برقم قياسي لوصيف من حيث عدد النقاط (91)، دون أن يتمكن من ازاحة يوفنتوس عن العرش الذي تربع عليه للموسم السابع تواليا. ومنذ وصوله الى "سان باولو"، أكد المدرب الفائز بلقب عصبة أبطال أوروبا ثلاث مرات مع ميلان (2003 و2007) وريال مدريد الإسباني (2014)، أنه لا يسعى الى احداث "ثورة" في الفريق، بل وضع اللمسات الأخيرة التي بإمكانها أن تمنح نابولي الدفعة الأخيرة اللازمة لاحراز الألقاب. لكن بعد مرور سبع مراحل على انطلاق الدوري الإيطالي، يجد نابولي نفسه على بعد 6 نقاط خلف يوفنتوس الذي يبدو هذا الموسم أقوى من أي وقت مضى باضافة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الى ترسانته. ولم تكن بداية حقبة أنشيلوتي واعدة لنابولي في مسابقة عصبة الأبطال، التي أكد المدرب البالغ 59 عاما أنها من أولوياته على غرار البطولة، مخالفا بذلك مقاربة سلفه ساري المنتقل الى تشلسي الإنكليزي. واستهل نابولي المسابقة القارية بتعادل سلبي مخيب خارج قواعده أمام النجم الأحمر الصربي في منافسات المجموعة الثالثة، ويجد نفسه الثلاثاء مطالبا بتحقيق الفوز على خصم صعب بثوب ليفربول، لاسيما أن المجموعة تضم ايضا بطل فرنساباريس سان جرمان. ولم يتحضر نابولي للقاء الهام ضد رجال المدرب الألماني يورغن كلوب، بأفضل طريقة إذ سقط في معقل يوفنتوس 1-3 في مباراة تعرض خلالها أنشيلوتي لإهانات من جمهور فريقه السابق، فكان رده أنه ما زال يستمتع بما حققه عام 2003 حين قاد ميلان للفوز بعصبة الأبطال على حساب فريق "السيدة العجوز". وقارب أنشيلوتي ما حصل السبت في "اليانز ستاديوم"، بالقول "الخسارة قد تحصل، ويوفنتوس معرض ايضا للخسارة أمام نابولي. يجب أن نواصل تحسننا لكني مقتنع بأننا سنكون منافسين حتى النهاية. ومن المؤكد أن المعنويات الحالية لجمهور نابولي ولاعبيه لا تقارن بما خالجهم في ابريل الماضي حين تغلب الفريق الجنوبي على يوفنتوس (1-صفر) في عقر داره ووضع نفسه في موقع المنافس الجدي على لقب الدوري. وعاد قائد نابولي السلوفاكي ماريك هامسيك الى تلك الأمسية من شهر أبريل، قائلا "تلك الليلة، كنا جميعا مقتنعين بأن لقب البطولة سيكون أخيرا من نصيبنا. شعرنا بأننا لا نقهر". وشتان بين تلك الأمسية واليوم، فرجال أنشيلوتي تلقوا حتى الآن هزيمتين في سبع مباريات، بعد أن خسروا أيضا أمام سمبدوريا بثلاثية نظيفة في المرحلة الثالثة التي شكلت أول هزيمة لهذا المدرب في ال"سيري آ" منذ المرحلة قبل الأخيرة لموسم 2008-2009 ضد روما (2-3) في ملعب "سان سيرو". واختتم انشيلوتي مشواره مع ميلان بفوز على فيورنتينا (2-صفر) ودع به "روسونيري" قبل التنقل بين تشلسي الإنكليزي وباريس سان جرمان الفرنسي وريال مدريد الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني. وخلافا لسلفة ساري الذي يفضل فلسفة الاستقرار في الفريق، عمد أنشيلوتي الى التغيير المتواصل في تشكيلته بحثا عن التوليفة المناسبة، مبتعدا عن استراتيجية الضغط العالي على الفريق المنافس التي اعتمدها مدرب تشلسي الحالي. ولطالما انتقد دي لورنتيس المدرب السابق لاعتماده نفس تشكيلة اللاعبين، فجاء أنشيلوتي لتلبية رغبته بالتناوب بين اللاعبين، مبررا ذلك بأن "هناك العديد من اللاعبين الذين يستحقون اللعب". وبعد أن بنى ساري استراتيجيتيه الدفاعية والهجومية حول لاعب الوسط البرازيلي الأصل جورجينيو الذي لحق به الى تشلسي، قرر أنشيلوتي أن يغير أسلوب لعب الفريق مفضلا خطة 2-4-4 عوضا عن 3-3-4، مانحا لورنتسو انسينيي فرصة اللعب في الوسط الهجومي ما ساعده على تسجيل 5 أهداف حتى الآن، والإسباني خوصي كايخون في العمق. كما منح أنشيلوتي دورا أساسيا للاعب الوسط البولندي بيوتر زييلنسيكي الذي اكتفى غالبا بلعب دور بديل هامسيك تحت اشراف ساري، فيما تحول الأخير الى لعب دور البديل في معظم المباريات التي خاضها الفريق حتى الآن بقيادة المدرب الجديد. ورغم التخبط والنتائج المتفاوتة، بدا أنشيلوتي مقتنعا بأنه سيجد التوليفة المناسبة التي ستمكن نابولي من الفوز بلقب طال انتظاره، معتبرا أن "الشغف والحماس في هذا النادي ولدى هؤلاء المشجعين، يجعلان الأمور أكثر إثارة".