اختار أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا أن يدشن فصلا جديدا في حياته من خلال تدريب فريق في الدرجة المكسيكية الثانية هو دورادوس، المملوك من عائلة نافذة تتهم بصلاتها... مع تجار المخدرات. في خطوة غير متوقعة، أعلن النادي المكسيكي الجمعة تعيين مارادونا (57 عاما) مدربا له، في أحدث تجربة للاعب الذي قاد منتخب بلاده للقب مونديال المكسيك 1986. وبعد تجارب تدريبية شملت المنتخب الأرجنتيني وناديي الوصل والفجيرة الإماراتيين، يصل مارادونا الى النادي المتواضع المشارك في دوري الدرجة الثانية، ومقره في ولاية سينالوا التي تعرف بالحضور القوي لشبكات تجارة المخدرات فيها، ومنها يتحدر أحد أكبر التجار في العصر الحديث، خواكين "إل تشابو" غوزمان، المسجون حاليا في الولاياتالمتحدة. استحضر توقيع مارادونا مع النادي تعليقات ساخرة، لاسيما وأن اللاعب القصير القامة والذي زاد وزنه بشكل كبير بعد توقفه عن مزاولة اللعبة، عرف سابقا بإدمانه تعاطي المخدرات الى حد شكل خطرا على حياته. وكتب أحد مستخدمي موقع "تويتر"، أن "مارادونا في طريقه الى مكان مليء بتجار المخدرات. ما الذي يمكن ألا يسير على ما يرام؟". بعيدا من المزاح، تعود ملكية النادي لعائلة هانك النافذة، والتي وجهت اليها أصابع الاتهام بالارتباط بشبكات صناعة المخدرات وتهريبها. ويعد عميد العائلة خورخي هانك رون، وهو رجل أعمال وسياسي، من المتمولين الكبار، ويمتلك شركة "غروبو كاليينتي" التي تتنوع نشاطاتها بين الكازينوهات والفنادق، إضافة الى حلبة لسباق الكلاب في تيوانا، على الجانب الآخر من الحدود من مدينة سان دييغو الأميركية. كما تملك الشركة فريق تشولوس المنافس في الدرجة المكسيكية الأولى. ويرأس خورخي ألبرتو هانك إينزونزا، نجل هانك رون، ناديي تشولوس ودورادوس. وأكد الرئيس أن ناديه الذي يحتل حاليا المركز 13 من أصل 15 فريقا في الدرجة الثانية، يرغب في أن يتولى مارادونا الإشراف عليه في الفترة المتبقية من هذا الموسم، والموسم المقبل كاملا. وقال لشبكة "إي أس بي أن" الأميركية "في محادثاتي معه، كان متحمسا جدا للقدوم والتدريب هنا. صراحة، كان إقناعه أسهل مما تصورت". - 19 ولدا - ولطالما كان مارادونا وإثارة الجدل وجهان لعملة واحدة. في أواخر نيسان/أبريل ومطلع أيار/مايو الماضيين، تابعت وسائل الإعلام سلسلة من الأنباء المتناقضة حول علاقته بنادي الفجيرة. أقيل بداية من منصبه، أعيد اليه بعد أيام، قبل أن يعلن النادي أن المفاوضات معه توقفت اثر تدخل من محاميه ومطالبته بزيادة كبيرة في راتب مارادونا، رغم موافقة الأخيرة على الشروط السابقة. في منتصف أيار/مايو، أعلن أنه سيتولى رئاسة نادي دينامو بريست البيلاروسي، قبل أن يحين موعد مونديال 2018، ويظهر في ملاعب روسيا مشجعا للمنتخب الأرجنتيني، راقصا مع النساء، موجها الإشارات النابية، ومثيرا قلق محبيه بعدما غلبه الإعياء في المدرجات... عاد مارادونا الى الصورة، عبر النادي الذي اختار فيه الإسباني جوسيب غوارديولا، المدرب الحالي لمانشستر يونايتد الإنكليزي، أن ينهي مسيرته كلاعب في العام 2007. ويتخذ النادي من مدينة كولياكان مركز ولاية سينالوا (غرب) مقرا. الا أن تيخوانا تعد "المعقل" الفعلي للعائلة، لاسيما وأن هانك رون (62 عاما) الذي استحوذ على النادي في 2013، كان عمدتها بين 2004 و2007. واجه هانك رون اتهامات عدة بالتورط في الجريمة المنظمة. في 2011، أوقف عندما داهمت قوات الأمن قصره وصادرت منه أكثر من 80 قطعة سلاح وكميات هائلة من الذخيرة. بحسب الادعاء، سبق لمسدسين من الأسلحة التي تمت مصادرتهما، أن استخداما في جرائم. أمر القاضي بالافراج عنه بعد عشرة أيام، في خطوة لقيت انتقادات واسعة. كما تم استجواب هانك رون في العام 2009 في إطار التحقيق بمقتل امرأة، قبل أن يفرج عنه من دون توجيه أي اتهام له. يعرف عنه ثراؤه وأسلوب حياته غير التقليدي، لاسيما حبه للحيوانات المفترسة. وعلى إحدى عقاراته الهائلة المساحة، أقام حلبة خاصة لقتال الثيران، وحديقة حيوانات تضم عددا من المهددة بالانقراض، مثل النمور وقردة الشمبانزي. له 19 ولدا من زواجين، ويرجح - بحسب التقارير- أنه مقبل على ثالث. - "المهندس" - يمزج هانك رون بين الأعمال والسياسة، حيث يعتبر أحد النافذين في "الحزب الثوري المؤسساتي" المكسيكي. وبحسب فيكتور كلارك، رئيس إحدى المنظمات الحقوقية المحلية والأستاذ في جامعة سان دييغو، فإن نظرة الناس الى هانك رون تمزج بين الاحترام والخوف. ويقول لوكالة فرانس برس "هو شخص مثير للجدل، لا شك بذلك. لكن العديد من الناس يؤيدونه". يضيف "لديه جانب خيري. يقدم المال للفقراء، ثمة ناس دائما في مكاتب مؤسساته يطلبون منه المساعدة، وهو عادة ما يقدمها. اذا كانوا يحتاجون لعملية جراحية أو علاج طبي، يلجأون اليه". في أوساط الصحافيين في تيخوانا، بات يعرف باسم "المهندس". وقال صحافي فضل عدم كشف اسمه لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، لفرانس برس "يمنحك دائما قصة جيدة في حال طلبت منه بتهذيب إجراء مقابلة معه. يدلي بتصريحات رائعة (...) لكن عليك أن تكون حذرا، بالتأكيد لا يمكنك أن تسأل المهندس عن تهريب المخدرات". الصحافي الوحيد الذي حاول سبر أغوار علاقة هانك رون بالجريمة المنظمة كان هكتور فيليكس العامل لصالح صحيفة "زيتا"، والذي قتل في العام 1988 في جريمة تمت إدانة اثنين من حراس هانك رون بارتكابها.