يضم المنتخب الكرواتي لكرة القدم أحد أفضل خطوط الوسط في المونديال الروسي إن لم يكن في العالم، يدين إليه بشكل كبير في تألقه اللافت ونتائجه الكبيرة في النسخة الحادية والعشرين من العرس العالمي. كان إشراك نجمي خط وسط قطبي اسبانيا صانع الالعاب "القصير" لوكا مودريتش (ريال مدريد) و"المبدع" ايفان راكيتيتش (برشلونة) معا في التشكيلة الكرواتية يشكل معضلة للمدربين السابقين ل "برازيليي اوروبا"، لكن المدرب الحالي زلاتكو داليتش عول عليهما فباتا نقطة القوة الاولى في التشكيلة. منذ تعيينه في اكتوبر الماضي، يومين قبل المواجهة الحاسمة في التصفيات ضد أوكرانيا، غير داليتش كل شيء. وعلق مهاجم يوفنتوس الايطالي ماريو ماندزوكيتش على ذلك قائلا "شاهدنا في الملحق بأنه أصبح مهما بعد بضع مباريات". في منتخب تعج صفوفه بالكثير من المواهب في خط الوسط، كان يتعين إيجاد حل للدفع بأكبر عدد منها على أرضية الملعب. يقول حارس مرمى موناكو دانيال سوباشيتش "من الرائع مشاهدة هذا العدد الكبير من لاعبي خط الوسط، ولكن لا يمكن أن يلعبون جميعهم في الوقت نفسه. يلعبون في أكبر الاندية. لكن يجب أن نلعب كفريق حتى يتمكن الجميع من تقديم افضل ما لديه". ويبدو أن داليتش وجد الوصفة السحرية التي غابت عن سلفه أنتي كاسيتش بنجاحه بين الصفات الإبداعية للنجمين راكيتيتش ومودريتش. كانت النتائج مبهرة، تغلبت كرواتيا على اوكرانيا (2-0) في عقر دار الاخيرة وضمنت تأهلها للملحق الاوروبي حيث أكرمت وفادة اليونان 4-1 ذهابا في زغرب وتعادلت معها سلبا في أثينا، وحجزت بطاقتها للنهائيات. كيف؟ أعاد مودريتش للعب كصانع ألعاب المعروف برقم 10، وهو مركز كان يشغله على الخصوص في بداية مسيرته الاحترافية، بعيدا أمام ايفان راكيتيتش الذي بات يشغل منصب لاعب الوسط المدافع بجانب لاعب وسط فيورنتينا الايطالي ميلان باديلي. في عهد كاسيتش، كان مودريتش يلعب بعيدا عن المهاجمين ويقوم بواجبات دفاعية أكثر منها هجومية، فلم يكن يصنع الفارق، وحتى راكيتيتش، مارسيلو بروزوفيتش (انتر ميلان) وماتيو كوفاتشيتش (ريال مدريد)، كانوا يعانون في تمرير كرات جيدة وحاسمة الى ماندزوكيتش. لكن مع داليتش، أصبح مودريتش يلعب دور لاعب الوسط المهاجم والقريب من المهاجمين، حيث يبلي البلاء الحسن برؤيته الثاقبة وطلبه للكرات، حتى لو كان القائد يتعرض لضغط كبير من لاعبي المنتخبات المنافسة. أعاد الكرواتيون ترتيب خط وسطهم ولم يعودوا يعتمدون فقط على الجناحين إيفان بيريشيتش (انتر ميلان) وأندري كراماريتش (هوفنهايم الالماني) لتشكيل خطر على دفاعات الخصوم. كما أن راكيتيتش الذي يلعب دورا دفاعيا أكثر منه هجوميا، بات في امكانه صناعة اللعب من بعيد، في حين أن باديلي يتكفل بإغلاق خط الوسط فقط، وبالتالي بات خط وسط كرواتيا أكثر توازنا ومنظما بشكل جيد. وشدد كراماريتش على انه "لشرف كبير أن ألعب مع هؤلاء اللاعبين، من بين أفضل لاعبي خط الوسط في أوروبا والعالم. جميعهم يلعبون لأندية كبيرة. خط الوسط يبدو أنه أقوى نقاط القوة مع مودريتش وراكيتيتش". من جهته، قال مدافع لوكوموتيف موسكو فدران تشورلوكا "قد أكون متحيزا بعض الشيء، لكن بالنسبة لي، هما أفضل لاعبي خط وسط في الدورة وأتمنى أن يقودانا إلى أبعد دور في المونديال"، مضيفا "يلعبان في أكبر الأندية ويقدمان أفضل أداء لهما مع كرواتيا في مسابقة كبيرة". نجح المنتخب الكرواتي بفضل عروضه الرائعة بقيادة مودريتش وراكيتيتش في محو خيبة كأس اوروبا 2016 بتخطي الدور ثمن النهائي الذي كان فشل فيه قاريا في فرنسا بسقوطه أمام البرتغال صفر-1 بعد التمديد. بلغت كرواتيا الدور ربع النهائي في المونديال الروسي وستواجه منتخب البلد المضيف السبت في سوتشي على امل بلوغ دور الاربعة للمونديال للمرة الأولى منذ تأهلها التاريخي في مونديال فرنسا 1998 في اول مشاركة لها كدولة مستقلة. ويحلم مدافع دينامو كييف الاوكراني يوسيب بيفاريتش قائلا "أتمنى أن نجد نفس الطاقة التي كانت لدينا في كأس أوروبا في فرنسا ومع القليل من الحظ يمكننا أن نذهب أبعد من ذلك" في روسيا.