من المرتقب أن يكون المشهد في روسيا بعد أيام قليلة أشبه بالغزو المغربي لموطن الدببة، حيث سيقوم الآلاف من المناصرين المغاربة بإحتلال كبرى المدن الروسية حبا وعشقا ودعما لأسود الأطلس. فوفق الأرقام الرسمية الأولية التي توصلت بها سفارة المملكة بموسكو من اللجنة المنظمة، فأزيد من 8000 مشجعا بجواز سفر مغربي إشتروا تذاكرهم وتوصلوا ببطاقات المناصرين من قبل الفيفا، إضافة إلى قرابة 3000 مهاجرا بجنسيات مزدوجة يقيمون في مختلف الدول العالمية، سيجتمعون لتشكيل جيش أحمر سيقف وراء الأسود وسيلعب دور اللاعب رقم 1 وليس 12 كما هو متداول. كعادتهم المغاربة لبوا النداء وسارعوا منذ إفتتاح عملية بيع التذاكر على موقع الفيفا إلى التسجيل وإجتياز مراحل القرعة والشراء والأداء، وضحى الكثير منهم ماليا وعمليا لضمان حضوره في العرس المونديالي، لأن الموعد عظيم والفرصة لا يمكن تفويتها، وكأس العالم للجمهور المغربي وأسود الأطلس إنجاز لا يتحقق إلا قليلا. أكاد أجزم أن المباريات الثلاث للفريق الوطني ستكون وكأنها في الدارالبيضاء أو الرباط، كون عدد الجمهور المغربي مبدئيا سيتجاوز 12 ألف مشجع، ولأن الصخب والأهازيج ستكون كلها من طرف المغاربة الذين يفعلون كل شيء في المدرجات إلا الجلوس والتفرج. الإيرانيون والبرتغاليون والإسبان سيحضرون طبعا بأعداد متباينة، وسيكون لهم وزن وكمّ وكوطة متساوية مع الجمهور المغربي، لكن الأخير معتاد أن يخلق الفارق حتى لو كان منقوصا عدديا، وهو أمر مساعد وفي صالح الأسود الذين سيشعرون بالدفء والإحساس باللقاء يُلعب في الدار، مما سيرجح معنويات بنعطية ورفاقه وسيشحنهم بطاقات خارجية قوية، وسيساعدهم على التأثير والضغط على الخصم رغم أن المعارك تُجرى فوق أراضي محايدة. ودية طورينو الإيطالية شهر مارس الماضي ضد صربيا كانت خير دليل على ما يفعله الجمهور المغربي في المباريات بعيدا عن الوطن، وكيف يقدر على رسم أجمل اللوحات وهز هدوء المدرجات بأحر الأهازيج وأقوى الصيحات، وتحويل المدن الأوروبية إلى تسونامي أحمر يجرف سكون الأمكنة، وهو السيناريو المتوقع تكراره بموسكو وسان بطرسبورغ وكالينغراد، لأن المشهد سيكون رائعا سواء في الملاعب أو الساحات أو الأماكن العمومية. كثرة العدد وتقاطر مغاربة العالم على روسيا تفرض على السفارة بموسكو المصاحبة الدقيقة والتأطير وتسهيل العقبات، وهي التي أعلنت حالة الطوارئ منذ شهور، لأن الإختبار شديد العسر والنجاح فيه لن يكون إلا بعد مغادرة آخر مشجع مغربي الأراضي الروسية سالما سعيدا ومنتشيا. الجمهور سيرتدي أكثر من قبعة بداية من المشجع إلى السائح ثم السفير وصورة الوطن، وبالتالي يستوجب عليه أن يكون مثاليا ويمتثل للضوابط وقانون البطولة الذي سنته الفيفا مع اللجنة المنظمة للزوار، والحامل لعدة بنوذ صارمة توجيهية وزجرية تفاديا للفوضى والشغب، وحرصا على مرور الحفل الكروي في أبهج حلة وأجمل صورة داخل وخارج الميادين. شيء مدهش ومشرف أن يكون المونديال المقبل الأكثر شعبية وإقبالا وحضورا مغربيا، متجاوزا ما كان في عرس فرنسا سنة 1998، ومن المثير للفخر أن يطغى اللون الأحمر على المدن الروسية طيلة أيام الحدث، وينافس المغاربة باقي الشعوب وجماهير المنتخبات المشاركة وغير المشاركة في حلبة التشجيع والدعم وطرق الإحتفال، وحتى إن غادر الأسود وخرجوا من المسابقة وإستحال عليهم بلوغ الأدوار المتقدمة، فالجمهور المغربي بإمكانه إستغلال الموعد لكسب الرهان وتحطيم جميع الأرقام والتفوق على الكل، حتى الوصول إلى نهائي وبوديوم مونديال الأنصار والتتويج كأفضل جمهور في العالم.