الدبلوماسية الرياضية وأطروحة الوهم نعتقد لحد الجزم أن مشروع الديمقراطي والحداثي الذي يراهن عليه المغرب والذي تبرز فيه بشكل كبير الكفاءة المغربية يحتاج إلى أمرين إثنين يتوازيان ولا يتقاطعان، الواحد منهما يتقوى بالآخر. الأمر الأول أن يتيح المشروع في تطابقه الكامل مع خصوصايتنا الفكرية والسياسية والإقتصادية للكفاءة المغربية بأن تبرز بشكل واضح وتعبر عن نفسها في صياغة المشروع وتنزيله، والأمر الثاني أن ننجح عبر المؤسسات في تقديم هذه الكفاءة للعالم الخارجي، وفي أن نضمن لها وجودا وازنا وفاعلا في المنتظمات والهيآت والمؤسسات الدولية، ما يفرض وجود مقاربة جديدة للدبلوماسية المغربية بمختلف أبعادها وصنوفها وأشكالها. وجود لا يقف عند مجرد التمثيلية ولكن يتعداه للإنتصار لقيمة كفاءاتنا الوطنية. ولن يكون من باب التعتيم أن الكذب عن النفس القول بأن الدبلوماسية الرياضية الوطنية اشتكت في الآونة الأخيرة من اختلالات عضوية ومنهجية لم تعمل سوى على تغييب الكفاءة المغربية والحيلولة دون وجودها بشكل منطقي وموضوعي داخل مراكز القرار للعديد من الهيآت الرياضية، لذلك كله فإننا ننظر إلى ما حققته الصحافة الرياضية الوطنية بالمؤتمر السادس والسبعين للجمعية الدولية للصحافية الرياضية المنعقد خلال الأسبوع الماضي بسوتشي الروسية، نظرة المفتخرين والسعداء، فما تحقق من إنجازات يعتبر تصحيحا أوليا لما شاب دبلوماسيتنا الرياضية من اختلالات. نجحت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية المؤسسة المواطنة، ذات العمق الوطني في كسب مزيد من الإحترام الدولي عندما أختير الزميل جلال بوزرارة نائب رئيس الجمعية والصحفي بإذاعة البحر الأبيض المتوسط ومعد ومقدم برنامج "لماتش" على قناة "ميدي 1 تي في" عضوا للجنة التنفيذية للجمعية الدولية للصحافة الرياضية في سابقة هي الأولى من نوعها، وعندما انتخب الزميل مراد المتوكل نائب رئيس الجمعية والصحفي بالقسم الرياضي للقناة الثانية، نائبا لرئيس الإتحاد الإفريقي للصحافة الرياضية الهيأة التي يحسب للمغرب أنه أنعشها وأعاد لها الحياة يوم إستضاف مؤتمر الجمعية الدولية للصحافة الرياضية سنة 2005 بمراكش، والإنجاز الآخر تمثل في الإبقاء على مقر هذه الهيأة الإفريقية بالمغرب. وطبعا ما كان لهذه الملحمة أن تكتمل لولا المساندة غير المشروطة لشركاء الجمعية المغربية للصحافة الرياضية ولداعميها الإستراتييجين ولأصدقائها عربيا ودوليا، فقد حضرت اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية كعادتها لتشد العضد وتسند ظهر الجمعية كما كان للخطوط الملكية المغربية دور بارز في صناعة هذا النجاح التاريخي، وبالطبع عندما نكون بحاجة إلى من يسند الظهر في معارك ضارية تدور رحاها في الكواليس لكسب مواقع في مراكز القرار قاريا ودوليا، فإن نجاح الجمعية المغربية للصحافة الرياضية في الرهان الكبير يعود في بعضه إلى الإتحاد العربي للصحافة الرياضية الذي يقوده باقتدار الزميل والأخ محمد جميل عبد القادر والذي وضع مقاربة موضوعية وممنهجة لحماية المصالح العربية في المنتظم الدولي. ولأن من يشكر الناس يشكر الله، فإنه من الضروري أن ننسب فضل هذا النجاح الذي حققته بعثة الجمعية المغربية للصحافة الرياضية إلى سوتشي الروسية والتي تشكلت أيضا من الزميل محمد الروحلي نائب رئيس الجمعية ورئيس القسم الرياضي لصحيفة "بيان اليوم" والزميل سعيد أنيس أمين مال الجمعية ورئيس القطاع الرياضي للقناة الأولى إلى السيدة نوال المتوكل نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، التي تحظى باحترام كامل من كافة الهيآت الرياضية الدولية وأيضا إلى الزميل مصطفى بدري الذي يحضر بشموخ وبفعالية كبيرة منذ سنوات ليست بالقليلة في لجنة الإعلام للإتحاد الإفريقي لكرة القدم ولكل أصدقاء المغرب الذين لا يساومون في حبهم لهذا البلد. وإذا كانت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية التي تحضر بفعالية في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية للصحافة الرياضية وفي الإتحادين العربي والإفريقي للصحافة الرياضية بمرتبة نائب رئيس، إذ كانت تنشد من خلال هذا التواجد المكثف في مراكز القرار تسريع وثيرة الحضور المغربي في الهيآت الدولية لإنعاش ديبلوماسيتنا الرياضية وإبراز الكفاءة الوطنية قاريا وعربيا ودوليا، فإنها من دون شك ستضع إستراتيجية جديدة للإضطلاع بما تلزمه بها هذه الثقة من مسؤوليات بحجم دولي، وهي في حاجة لتحقيق ذلك ضمانا لاستمرارية التواجد إلى دعم كبير من أسرة الإعلام والرياضة بالمغرب.
================ من أية زاوية يجب أن ننظر إلى الإنجاز الكبير الذي حققه منتخب الناشئين ببلوغه لأول مرة نهائيات كأس العالم؟ هل من زاوية من ضاقت صدورهم وجرحت مهجهم بتعاقب الإخفاقات والخيبات واحتاجوا إلى ما يحررهم من غم، أم من زاوية أن الإنجاز يظهر ومضة ضوء في سماء عثمها وغيمها سحاب الشك والخوف، أم من زاوية أن الإنجاز يضربنا كالإعصار بحقائق تجاهلنا أو جَهِلناها برضى خاطر أو تحت الإكراه؟ لن نختلف على أننا وثقنا ولو بنسبة قليلة في أن منتخب الناشئين حصل والمغرب يستضيف لأول مرة نهائيات كأس إفريقيا لمنتخبات أقل من 17 سنة، على فرصة كبيرة لتحقيق ما لم يسبق إليه أي منتخب آخر للناشئين، ولكن سنتفق على أن لا أحد بيننا كان يتوقع أن يكون التأهل بهذه الطريقة الجميلة التي تدفع لأن نثق بمقدرة أبناء هذا الوطن على النهوض من رماد الإقصاءات لبناء مستقبل الأمل، فما أظهره هذا المنتخب الصغير من خلال مبارياته الثلاث عن الدور الأول والتي أعطته بكامل الجدارة حق المرور إلى الدور النصف النهائي لكأس إفريقيا وحق الحضور لأول مرة بالمونديال الذي سيقام بالإمارات الخريف القادم، يقول بأن هناك نواة صلبة لمنتخب كبير سيطل علينا في السنوات الست القادمة إذا ما أحسنا التعامل مع هذه البذرات، وإذا ما احترمنا التدرج الموضوعي والعلمي لهؤلاء الصغار. وإذا كان لنا أن نسعد بسقوط أطروحة الوهم التي أقامها البعض عندما أخذ في عقد مقارنات غير موضوعية بين لاعبين محليين وآخرين مكونين بالأندية الأوروبية توحدهم الهوية ويجمعهم حب البلد، فإنه من الضروري الإعتراف على النفس بأن المدرب عبد الله الإدريسي لم يسارع بشكل إعتباطي إلى إعادة صياغة النواة الصلبة لمنتخب الناشئين وتشكيلها في المعظم من اللاعبين قادمين من أندية أوروبية، بل إنه ما فعل ذلك إلا لأنه أدرك ما يوجد من فوارق فنية، بدنية، تكتيكية وانضباطية بين هؤلاء وأولئك، فوارق لها ما يفسرها، فكلنا يعرف أن من قدم من لاعبين مغاربة من أوروبا تلقوا تكوينا علميا ومنهجيا يحترم ضوابط وخصوصيات كرة القدم الحديثة، ومن إختير من اللاعبين المحليين قدموا من أندية وطنية يجب الإعتراف بأنها توجد في نقطة الصفر في سلم التكوين بمفهومه الدولي. بالطبع نطمح لأن يذهب هذا المنتخب الناشئ والواعد إلى ما أبعد من الدور نصف النهائي الذي يصطدم خلاله بصغار فيلة الكوت ديفوار، ولكن الطموح الأكبر هو أن يجري إعداد هذا المنتخب في الفترة الزمنية المتبقية على إنطلاق نهائيات كأس العالم بشكل عملي يساعده على بلورة الكفاءة الوطنية في محفل دولي، والطموح الآخر أن تكون الأندية الوطنية قد فهمت أن الدخول إلى العصر الجديد لكرة القدم يقتضي إراديا أو تحت الإكراه إنشاء مراكز تكوين تحترم الحدود الدنيا في وضع الأساسات العلمية والفكرية والرياضية كشرط وحيد للإنتماء إلى المستوى العالي.