ما الذي يجب أن نحتفظ به من المباراة الغريبة التي لعبها الفريق الوطني أمام الرأس الأخضر؟ هل الصورة المستفزة والكارثية لفريقنا الوطني على طول وعرض الساعة الأولى من اللعب والتي جعلت الرأس الأخضر يشمت فينا الخلق؟ هل النقطة التي سرقناها من بين أنياب القرش الأزرق لنبقي على بعض الأمل في ملاحقة أمل التأهل؟ أم الإعتقاد السائد بعد الذي شاهدناه من أننا إخترنا أصعب ما في الإختيارات، أن ندخل الكأس الإفريقية الحالية بهذا الإنقلاب الكبير الذي رضينا به ونحن نفجر النواة الصلبة للفريق الوطني؟ قد نستمر في طرح اللأسئلة إلى ما لا نهاية إزاء هذا الإصرار على تعذيب النفس، هذه هي حقائق مباراة صادمة وفاجعة.. أعطانا رشيد الطوسي الإنطباع وهو يتحلل من عنصر إرتكاز عندما أقصى عادل هرماش وعندما إستعاض عن عبد الحميد الكوثري بزكرياء بركديش في شغل الرواق الأيسر، أنه لم يفعل ذلك مخاطرة ومجازفة لإنجاح رهان الفوز الذي بدا خيارا واحدا اتقب آخر الحظوظ من أجل الوصول إلى الدور ربع النهائي، وإنما فعل ذلك بعد قراءة متأنية لأداء منتخب الرأس الأخضر لمقاربة موضوعية للإمكانيات الفردية والجماعية. إلا أن ما أبرزته بدايات المباراة لم يكن مفاجئا فقط ولكن كان صادما لنا جميعا، فعوض أن يكون الفريق الوطني هو المبادر وهو الموجه للأداء والضابط للإيقاع لوجود خمسة لاعبين بميولات هجومية ( برادة - أمرابط - السعيدي – بلهندة والحمداوي ) تسيد منتخب الرأس الأخضر قرابة 35 دقيقة من عمر الشوط الأول، سيطر على وسط الملعب وأحدث خرما كبيرا في هيكل الفريق الوطني حتى أنه شتت تركيز العناصر الوطنية بل وقطع الأوصال وباعد بين الخطوط بل وفرض علينا سيناريو غريب وغير متوقع. لم يكن هذا الدخول القوي للراس الأخضر وقتيا أو بالصدفة وإنما كان مخططا له بدقة إذ ساعد لعب الفريق الوطني برجل إرتكاز واحد على أن يجعلنا هذا الراس نرى منه العجب، فقد خرجت منه شعلات من نار حولت الجولة الأولى إلى جحيم حقيقي، وللأمانة فقد كان الفريق الوطني محظوظا لخروجه من هذه الجولة الأولى متأخرا فقط بهدف بلاتيني الذي توج سيطرة ميدانية للرأس الأخضر، فلولا لمياغري ولولا سوء الحظ لكان الرأس الأخضر فد دلنا مبكرا على الطريق للعودة إلى الديار. كان الطوسي مكرها لا بطلا وهو يجري تعديلا جوهريا على النسق التكتيكي بإدخاله العرابي بدلا من أمرابط وكأنه بذلك يتخلى عن تكتيك 4-1- 2- 3 ليتحول إلى 4-4-2 ولكن بالإستمرار برجل إرتكاز واحد، إلا أن الصورة لم تتغير فقد واصل الرأس الأخضر تسيده وأفضليته وكان لا بد من سرعة بديهة لمياغري ليظل الفريق الوطني متأخرا بهدف واحد فقط، إلى أن إنقضت النصف ساعة الأولى إذ أن الفريق الوطني سيدخل أخيرا المباراة بخاصة مع إخراج السعيدي الذي لم يقدم شيئا وتعويضه بالشاهيري وإقصاء بلهندة ودخول الشافني الذي أعاد للوسط توازنه لتتمكن العناصر الوطنية من بسط السيطرة والضغط عبر كل الزوايا واصطياد هدف التعادلفي توقيت جيد ولو أن الأسود لم يحسنوا إستغلال التراجع البدني لعناصر الرأس الأخضر لتسجيل هدف الفوز الذي لم يكن منه بد. تعادل بطعم الخسارة ونقطة تضاف لتلك التي تحصلنا عليها، والمخيف في تعقبنا للتأهل الذي يفرض الفوز على جنوب إفيقيا التي فازت نتيجة وأداء ليس هو أننا نلعب أمام منتخب يتحصن بجماهيره وليس في أدائنا الجماعي ما يبعث على الإطمئنان أو الأمل، فلو نحن كررنا ما كان عليه أداؤنا في الشوط الأول أمام الرأس الخضر فلنسلم أن التأهل مستحيل وأن زمن المعجزات قد ولى.